«الصباح صباح ماليه الملحة والسر عليه».. «و فلانة والمرضية هكذا يكونوا بنات الرجال محضية».. عبارات وغيرها مصحوبة بآلات موسيقية (البندير والطعريجة) كانت تخترق سكون الليل في الأحياء الشعبية المغربية لتوقظ سكانها وتعلن لهم أن الفتاة التي زفت منذ ساعات قليلة إلى عريسها عذراء، وأن «ليلة الصباح أو الدخلة» مرت بسلام.. اليوم اختفت نسبيا مظاهر الاحتفال بليلة الدخلة بالمدن المغربية الكبرى، لكن هل واكب اختفاء هذا المظهر تخلي الرجل المغربي وأسرته أو أسرة الفتاة عن هذه المطالبة بهذه العادة ولو في أضيق الحدود؟ كانت المصابيح والأضواء الملونة تزين باب المنزل وداخله وكان الليل قد مضى جله.. اقتربت سيدة وهمست ببضع كلمات في أذن أخرى، فتوجهت هذه الأخيرة نحو غرفة وشرعت تطرق الباب بشكل عنيف ومتواصل، أطل شاب في مقتبل العمر برأسه وقال إنها تمانع, فأجابته السيدة التي لم تكن سوى والدته في حزم «إضربها وإن اقتضى الأمر مزق ثيابها فلن ننتظر أكثر»، ثم أغلقت الباب، بعد دقائق تعالى على صوت الطعرية والبندير صراخ قوي، ثم فتح الشاب باب الغرفة ورمى بقطعة ثوب ملطخة بالدم التقطتها والدته وتفحصتها جيدا قبل أن تطلق زغرودة وتسلمها بدورها إلى والدة العروس التي وضعته في صينية بسعادة بالغة لتنطلق الاحتفالات داخل البيت والأزقة المجاورة، هذه الأحداث المليئة بمنظر الدم والصراخ والترقب ليست سوى تفاصيل بسيطة لليلة الدخلة في تقاليد الأعراس المغربية، تفاصيل يستحوذ فيها مشهد السروال المخضب بالدم على الزفاف, يطوف به أقارب العروس معلنين شهادة حسن السيرة والسلوك للعروس. تجارب قاسية سميحة 35 سنة، زفت قبل 5 سنوات إلى عريسها، إلا أن هذه الواقعة التي مر عليها أكثر من 25 سنة لازالت عالقة بمخيلتها. تقول سميحة: «تلك الأحداث وقعت ليلة زفاف شقيقتي، فيما كان الجميع يحتفلون بعذريتها كانت هي منهارة ولم يعرها أي أحد اهتماما وهي تبكي بحرقة، فقررت ألا أكون نسخة مكررة عنها. وعند زواجي قبل 7 سنوات اشترطت على زوجي أن نسافر مباشرة بعد حفل الزفاف إلى إحدى المدن المغربية لمدة أسبوع وهو ما لم تستسغه لا والدتي ولا حماتي، وعند عودتنا لم تترددا في السؤال عن السروال فأجبتهما بأنني غسلته، أما حماتي فقد انفردت بابنها واستحلفته إن كانت الأمور قد مرت بسلام فأكد لها أن كل شيء على ما يرام قبل أن ترمينا معا بنظرات مريبة. أما والدتي فأبدت امتعاضها الشديد واعتبرتني دونا عن شقيقاتي الثلاث كسرت أهم طقس من طقوس الزواج في نظرها». بدوره لم يتردد مراد في وصف طقس ليلة الدخلة ب«التقليد البالي»، ولم يخف هذا الشاب القاطن بفرنسا تذمره من العنف الجسدي والنفسي الذي تتعرض له المرأة وما يواجهه الرجل المغربي من ضغط نفسي من أجل ارتكاب ما وصفه ب«المجزرة» حتى يثبت أن «ذبيحته» سليمة. يقول مراد: «سبق لي أن حضرت مراسيم زفاف بنات من القاطنين بإحدى البوادي المغربية وأعترف أنني كنت مستغربا من الطريقة التي يقدسون بها هناك ليلة الدخلة، فبعد ليلة مرهقة للزوجين وعوض أن ينالا قسطا من الراحة يطلب منهما القيام بالمهمة في زمن قياسي حتى يثبت للجميع شرف العروس. أتمنى أن تزول هذه العادات السيئة التي لا تمت إلى ديننا بأي صلة». طقس لا مفر منه إذا كانت الشهادات السابقة ترفع شعار «لا لليلة الدخلة», فإن رشيدة وحميد يعتبرانها طقسا مقدسا. تقول رشيدة: «قبل الزفاف بثلاثة أيام وبحضور والدتي وحماتي تمت مراسيم ليلة الدخلة، وقبل ذلك قامت والدتي بفحص عذريتي لدى طبيبة نسائية، واحتفظت والدتي بالسروال المخضب بالدم قبل أن تفرج عنه بعد انتهاء العرس وتحتفل به وسط أقاربنا وعائلة العريس بسعادة بالغة. وما أثار استغرابي هو أن كمية الدم التي نزلت مني كانت قليلة جدا لأنني كنت أتوقع نزول كمية أكبر بسبب التهويل الذي كنت أسمعه من والدتي وجدتي حول ما يعقب عملية افتضاض البكارة». ويرى حميد أن ليلة الدخلة شهادة ميلاد جديدة للفتاة التي سيرتبط بها ويصر على الاحتفال بها بين أقاربه وأقارب العروس، لأن التخلي عن هذه العادة قد يسيء إليه وسط أقاربه، وأكد قائلا إنه قد يصادق فتاة متحررة ولكنه لن يتزوج سوى فتاة محترمة رغم أن عددهن يقل يوما عن يوم في زمننا الحالي.
رأي الدين : ليلة الدخلة لا تمت إلى ديننا بصلة أكد عبد الله الشرقاوي، عضو المجلس العلمي بالدار البيضاء سابقا، أن الطقوس المواكبة لليلة الدخلة لا تمت إلى الإسلام بصلة، مضيفا أنها تقاليد باطلة في عمومها، لأن الأصل في الإسلام الستر، وكل عادة مخالفة لأصول الدين فهي منكرة، وأشار إلى أن هذه العادة المنكرة يجب أن تحارب بأسلوب شرعي عن طريق نشر الوعي بين الزوجين إفهامها أن ليلة الدخلة تخصهما معا فقط لا تخص الأسرة والجيران والقبيلة، وأضاف أن الأصل في الإسلام الإشهاد على الزواج وإعطاء الصداق.
رأي الطب : البكارة أنواع والنزيف ليس شرطا للعذرية تعرف وفاء بنيحيى، أخصائية الأمراض نسائية وعقم، أن غشاء البكارة أنواع ودرجة سمكه تختلف من فتاة إلى أخرى. وأكدت أن غشاء البكارة يمكن أن يتمزق جراء تعرض الفتاة لحادث عنيف مقرون باحتكاك الغشاء بأشياء حادة تؤدي إلى تمزقه, مضيفة أن الممارسة الجنسية السطحية قد تؤدي بدورها إلى تمزق غشاء البكارة دون ألم ودون حدوث نزيف. وتوصي وفاء الزوجين بالتعامل بلباقة ومودة وأن تسود الثقة الكاملة بينهما، مشددة على أن تتم عملية الافتضاض على مراحل, وقد لا يواكب هذه العملية نزول دم.