بينما تواصل مدينة سيدي إفني معالجة مصابيها والبحث عن مفقوديها، بادرت عدد من الفعاليات الحقوقية والسياسية باستنكار التدخل الأمني العنيف لمواجهة حركة احتجاجية سلمية. وقالت خديجة الرياضي، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إن السلطات الأمنية بسيدي إفني منعت أعضاء الجمعية من دخول المدينة للتحقق مما جرى والوقوف على التضارب الحاصل حول وجود وفيات. ودعت هذه الفعاليات إلى وجوب معالجة الإشكاليات الاجتماعية بالفعل وليس بالخطاب. خديجة الرياضي، * رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان قام أعضاء من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بزيارة المنطقة أول أمس لاستطلاع الوضع بها ومعاينة حالة الجرحى في المستشفى والتأكد من مسألة الوفيات، لأن هناك تضاربا في الأقوال حول وجود وفيات، لكن السلطات الأمنية منعتهم من الدخول، ولم يجدوا مسؤولين للحديث إليهم. ونحن مازلنا ننتظر المعطيات لبلورة موقف نهائي، لكن المؤكد أن هناك تدخلا عنيفا واقتحاما للمنازل بطريقة وحشية من قبل القوات المساعدة، وكانت هناك عملية قمع لتفريق المظاهرات والوقفات، وكانت هناك كذلك اعتقالات كثيرة قدرت بحوالي 150 إلى 180 حالة اعتقال، حسب الأرقام الموجودة حتى الآن. ونحن في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان نستنكر هذا الأسلوب الوحشي في القمع، وهو أسلوب أصبح «عاديا» تنهجه السلطة ضد الاحتجاجات، كيفما كانت مطالبها. عبد اللطيف الحاتمي، رئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان لقد كانت تظاهرة السكان في سيدي إفني تظاهرة سلمية، لكن منعها لم يكن بنفس الطريقة، ونحن، كفاعل حقوقي، دائما ننظر إلى المواجهة غير المناسبة أو المتناسبة، وهذا ما يؤرقنا ويقلقنا في الظروف السياسية الراهنة، ذلك أن الخطاب الرسمي والخطاب الدولي يسير في اتجاه دعم وضمان الحريات والتعبير عنها بالطرق القانونية والسياسية، لكن المؤسف جدا أن نعاين أن مواجهة الاحتجاجات السلمية المعترف بها دوليا وقانونيا تمر بطرق غير متحضرة وغير مناسبة لحقوق الإنسان. وأحداث سيدي إفني لا تخرج عن هذا الإطار، حيث لاحظنا المواجهة الشرسة التي ووجه بها المتظاهرون والمعتصمون والمحتجون بصفة عامة، وهنا سنكون بصدد مغالطة أنفسنا إذا قلنا إننا نتقدم. عبد الصمد بلكبير، * عضو المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية النظام الرأسمالي في أسوأ عواقبه بالنسبة إلى السياسة الترابية، وهي تعميق الفوارق بين المناطق، لا باعتبار حقوق مواطنيها وإنما باعتبار مدى فائدة رأس المال. هذه الوضعية التي يعيشها أي نظام رأسمالي في العالم تضاعفت بالنسبة إلينا، حيث أضيفت إليها تقاليد المخزن، الذي كان يفرق بين القبائل والمناطق المطيعة والأخرى التي كان يعتبرها سائبة. وهذا الوضع بالنسبة إلى المغرب تراكم على مستوى العديد من المناطق، ولعل من أهمها وأخطرها منطقة سيدي إفني التي هي في نفس الوقت منطقة آيت باعمران، حيث نجد أن جميع الظروف تعاونت لكي لا تكون للمنطقة أي حظوة، فما بالك بشيء آخر بالنسبة إلى دولة الاستقلال التي هي في نفس الوقت استمرار، من جهة، للدولة المخزنية، ومن جهة أخرى للدولة الاستعمارية. أمينة بوعياش، رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان حتى الآن لم نبلور موقفا شاملا، كما يقال، تجاه هذه الأحداث، لكن ابتداء من يوم غد(اليوم) ستجتمع لجنة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان مع الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان لمساءلة المعطيات التي نشرت حتى الآن والتي أتت من بعض العائلات وبعض المنظمات، وكذلك معطيات السلطات التي نشرت بلاغات وبيانات حول الموضوع، حتى تبلور المنظمة موقفها الشامل، لأن الموقف من هذه القضية لا بد أن يتأسس ويتبلور، أولا، لكي يتمكن الرأي العام من معرفة الإشكالية بعمقها الاجتماعي، وكذلك الحقوقي. بطبيعة الحال، أول شيء هو أن هناك مسؤولية للسلطات الأمنية في هذه الأحداث، ثانيا، سنسائل عن استعمال هذه السلطات وتحديدها من طرف القانون، لأنه من الواضح اليوم أن الحق في الاحتجاج والتظاهر لا يمكن أن يكون عائقا أمام حقوق المواطنين، وسوف نصدر قريبا تقريرا حول هذا الموضوع، وذلك خلال العشرة أيام المقبلة. لحسن الداودي، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية أولا، لا يجب تبرير الشغب، لكن لا يجب كذلك تبرير التدخل العنيف للأمن. والمعروف عن منطقة سيدي إفني أنها منطقة مهمشة، والحكومة تتحمل المسؤولية في هذا الوضع، لأنه لم تحصل أي معالجة لتلك الأوضاع، وإنما بقيت المنطقة كما تركها الإسبان، بل تراجعت في بعض الأحيان، وهذا غير معقول. ينبغي معالجة الإشكاليات الاجتماعية بالفعل وليس بالخطاب، فقد كانت هناك وعود، وجاءت الزيارة الملكية التي أعطت الأمل لسكان تلك المنطقة، لكن الحكومة مع الأسف لم تتفاعل، فالحكومة تتصرف مثل رجال المطافئ، وعوض أن تقوم بمعاجلة قبلية تتدخل في وقت متأخر، بعد الحدث، وتعالج الأمر معالجة أمنية، وهذه هي الإشكالية. إدريس بن علي، خبير اقتصادي منذ سنين وسيدي إيفني غائبة عن التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فوكالة تنمية أقاليم الجنوب ليس عندها برامج لسيدي إيفني، في حين أنها تملك برامج لتنمية مدينة طانطان والعيون وغيرها، مع العلم بأن سيدي إيفني منطقة غنية جدا من حيث الصيد البحري، كما أن قبيلة «آيت باعمران» التي كانت قبيلة مقاومة الإسبان بشراسة، ورغم كون المنطقة مهمشة اقتصاديا، لديها وعي سياسي غير موجود في مناطق أخرى. ما يجب أن نأخذه بعين الاعتبار هو أن المدن الصغرى منها تبدأ الأشياء وربما تصل إلى المدن الكبرى. الآن، ولو أن المدن الكبرى لم تبد بعد احتجاجا، فالمدن الصغرى تنتفض، وهذا الأمر يجب أن ينتبه إليه الرأي العام والدولة. هناك عدم رضى عميق لدى المغاربة. المقاربة الأمنية ليست حلا، وإذا حصرت الدولة معالجتها لما حدث في سيدي إفني في هذه المقاربة، فهي سترتكب خطأ كبيرا. الحل، في نظري، هو مقاربة اقتصادية اجتماعية. فيجب الاعتناء بالمنطقة، فكثير من ثروات المنطقة تذهب إلى أماكن أخرى ولا تستفيد ساكنة المدينة منها. هناك عدد من سكان المنطقة يقارنون بين ما كانت عليه المدينة في عهد الاستعمار، حيث كانت تعيش نوعا من الرفاه الاجتماعي، وبين ما هي عليه الآن، أي كونها مدينة على الهامش. يجب على وكالة تنمية أقاليم الجنوب أن تعطي أهمية أكبر لتنمية هذه المنطقة.