سيُمنَح الفنان والموسيقي التركي سافاس أزكوك، العازف على آلة القانون، جائزة «زرياب» للموسيقى، وذلك في حفل فني ساهر في مسرح محمد الخامس في الرباط، يوم الخميس 24 يوليوز 2010، وسيتميز الحفل، إلى جانب تسليم جائزة «زرياب» لسافاس، وهي الجائزة التي استحدثتها المجلس المغربي للموسيقى، بتعاون مع مسرح محمد الخامس ووزارة الثقافة المغربية ورعاية المجلس الدولي للموسيقى، بسهرة فنية غنائية يشارك فيها سافاس أزكوك والفنان المغربي نصر مكري، بأداء أغانٍ من ألبومه الجديد. ينظم المسرح الوطني محمد الخامس في الرباط، بتعاون مع المجلس الوطني للموسيقى، وبرعاية «اليونسكو»، مساء يوم الخميس 24 يوليوز 2010، حفل تسليم جائزة «زرياب للمهارات» لعازف آلة القانون سافاس أزكوك، وسيفتتح الفنان الشاب نصر مكري، «التشالنجر» الجديد لموسيقى العالم العربي (وورد ميوزيك أراب)، ليلة «زرياب للمهارات» بأداء بعض أغاني ألبومه الجديد «علاش» (لماذا؟) وبعض الأغاني الحنينية للإخوان -الأسطورة «مكري». وسيكون نصر مرفوقا بموسيقيين مهنيين تم اختيارهم لمهاراتهم ولمعرفتهم العميقة بموسيقى العالم. ويأتي تتويج سافاس أزكوك بجائزة «زرياب»، تكملة لمسار التتويجات التي حظي بها موسيقيون مرموقون، أمثال سعيد الشرايبي وعبد الوهاب الدكالي وتوماني دياباتي. يخلق سافاس أزكوك، وعلى غرار الأساتذة الأتراك الكبار، لآلة القانون خلال حفلاته الموسيقية أجواء ممتعة ومؤثرة، بل ساحرة ومستهوية للمستمع، كلها جمال و«كاريزمية». يصف حسن ميكري، الرئيس المؤسس للمجلس الوطني للموسيقى، عروض هذا الفنان بكونها قمة النشوة، لحظات أخاذة، وبأن هذا لا يفي الرجل حقه، فهو من القلة بما كان أمام مهارة هذا العبقري المزداد في مدينة «كازيانزيب» في تركيا، والذي تربى في أحضان أب عارف بآلة القانون، حيث علَّمه كيف يعزف بعشق واحترام كبير على آلة أصيلة في الفن والثقافة الموسيقية العربية الإسلامية، ذُكِرت ابتداء من القرن العاشر ميلادي في المؤلف الفارسي الشهير «ألف ليلة وليلة». من المؤكد أن آلة القانون يعود تاريخها إلى الحضارات القديمة، حيث يرجع اسم كلمة «قانون» إلى الإغريقية «قانون» و»قانوني»، بمعنى: مقياس ومسطرة وقانون. غير أن الشقندي ذكر الاسمَ سنة 1231 وهي من بين الآلات الموسيقية الأندلسية المشار إليها عند ابن خلدون، سنة 1379، وعند ابن غيبي، في أذربيجان سنة 1418. على أن هذه الآلة القديمة ذات الصبغة العالمية تميزت بالمنمنمات الايطالية والبرتغالية للقرن الثالث عشر ميلادي، كما جاء في كتاب «كنز التحف»، و في كتاب «كشف الهمم» في القرن الرابع عشر. منذ ذلك الوقت، انتقلت آلة القانون إلى أفغانستان (القرن الخامس عشر) وإلى اليونان وإيران (القرن السادس عشر) ثم إلى الهند، في نفس الفترة. وهكذا استطاع «القانون» (كاسم عربي) أن يتأقلم عبر التاريخ مع مختلف الثقافات والألوان الموسيقية، من المشرق إلى المغرب، مرورا بأوربا الغربية. وقد استعملت تركيا آلة القانون كآلة عزف جوقية هامة، مثلها مثل العود في مصر أو في بعض البلدان العربية. وعلى هذا الأساس التاريخي، ليس من الغريب أن نجد عازفين أتراكا كبارا بصموا وقتهم بمهارتهم وإبداعهم العالمي في العزف على «القانون»، مثل الفنان المشهور كميل باي تنبوري، الأب الروحي لسافاس أزكوك الذي، وبفضل عزفه المتميز والمتناغم مع صوته الرخيم، استطاع أن يتألق ليحمل المشعل لجيل جديد من العازفين المرموقين الذين استطاعوا أن يستقطبوا جمهورا عريضا في جميع المهرجانات الفنية والثقافية ذات الصيت العالمي. سافاس أزكوك حاصل على الإجازة في الموسيقى من «المعهد الموسيقي الوطني» في الجامعة التقنية في إسطنبول، ثم على شهادة «الماستر» من جامعة «هاليس». وأزكوك موسيقي مجدد ومحافظ في نفس الوقت، يسعى إلى إبراز الإبداعات الصوفية العالمة غير المعروفة في التراث الفني التركي، مع التنقيب مثل عالم آثار على المقاطع المنسية لفنانين كبار، من قبيل إليكو باكانوس وإستيك أغا وإسحاق فارون أو أرتادي أركان. في الآونة الأخيرة، أحيى الفنان سافاس أزكوك عدة حفلات داخل تركيا وخارجها مع الفرقة الصوفية «دراويش قونية» أو فرقة «إسطنبولالشرقيةالجديدة» (نيو إسطنبول أوريونتال). يشار إلى أن المجلس الوطني للموسيقى، عضو المجلس العالمي للموسيقى (اليونيسكو -باريس) يتوج، أيضا، نجوم الأغنية، سواء في العالم العربي أو في أوروبا، عبر جائزة «الرباب الذهبي»، الذي مُنِح لفنانين أمثال عبد الهادي بلخياط والإخوان مكري وناس الغيوان وعبدو شريف وغيرهم. كما أن تفكير المجلس في دعم الفنون المغربية دفع به إلى تأسيس جائزة «الخلالة الذهبية»، المخصصة لرواد الموسيقى الأمازيغية. ويعمل المجلس الوطني للموسيقى، في إطار الاتفاقيات التي تربطه بمسرح محمد الخامس أو ببعض المهرجانات الوطنية، على بلورة مفهوم جديد لدعم المشروع الثقافي والفني، ومن خلاله دعم كل المبدعين، مغاربة وأجانب، في إطار من المسؤولية، التي تفرض الاعتراف بالفنان كمرآة لمجتمعه وبلده نحو الآخر. ويرى مكري أن هذه الشراكات تعمل، بشكل جيد، في اتجاه تجديد العمل وكذا دعم كل المبادرات الإيجابية لصالح الفن والفنانين المغاربة، على اعتبار ما يعانيه هؤلاء من نسيان وتجاهل، معتبرا أن الساحة الفنية المغربية فقدت العديد من روادها الذين لم يشهدوا أدنى اعتراف بمستوى عطاءاتهم، لذلك فإن المجلس الوطني للموسيقى قد جعل القاعدة التي ينطلق منها في عمله هي الاعتراف بالفنان، حيا، وتشجيعه على الاستمرار. ويهدف المجلس أيضا إلى التعريف بالعطاء المغربي، على الصعيد العربي والدولي، إذ يعمل كل سنة على إعداد تقرير يبعث به إلى «اليونيسكو»، يتضمن مختلف الأعمال التي أنجزها والشراكات التي حققها والتتويجات التي منحها، وهي عملية يعتبرها حسن مكري توثيقا عالميا.