كانت مريم بنجلون، ابنة مجيد بنجلون الوزير والمستشار السابق للملك الراحل الحسن الثاني بالتبني، تبحث عن مزود لتشتري منه كمية من مخدر الكوكايين الذي أدمنته قبل سنوات، وتحملت عناء الانتقال إلى منزل أحد المزودين بحي النهضة الشعبي، لكنها لم تكن تعتقد أن كمينا أمنيا سيطيح بها. تحملت مارية كما يحلو لأصدقائها تسميتها، عناء البحث عن المخدر العجيب في الأحياء الهامشية، بعد أن كانت «البضاعة» تصلها إلى بيتها، لكن اعتقال بارونة المخدرات الملقبة بالشينوية جعلها تضطر إلى تدبير الطارئ حتى ولو أدى بها الأمر إلى طرق أبواب المزودين السريين في الحارات البعيدة. بدأت علاقة مارية، أو «بنت لفشوش» كما لقبتها الصحافة المغربية، بالكوكايين، منذ سنوات، وتعلمت أولى «السطور» في إسبانيا، عندما قررت قضاء فترة إجازة مفتوحة لنسيان مضاعفات طلاقها من شاب ينتمي إلى أسرة فاسية، أعلن عجزه عن مجاراة الطلبات الغريبة لمارية، التي أنجبت بنتا تعيش في دار الوزير. ما أن انفصلت عن زوجها الأول، حتى انخرطت في عالم السهر خاصة في مدينة الأمسيات، ماربيا، في هذا المنتجع انضمت الفتاة المدللة إلى التشكيلة الرسمية للمدمنين على المخدرات الصلبة، ولم تكن نصائح والدتها وشقيقتها تكفي لوقف إدمانها الجارف. لم تكن مارية تعتقد، أن زيارة بيت المزود، سترسلها إلى السجن، لأن مجرد انتمائها إلى أسرة الوزير، ظل لسنوات بمثابة حصانة تقيها سؤال البوليس حول الهوية، لذا شعرت بانهيار تام حين جلست أمام المحققين، وحين اقتيدت إلى زنزانة مختنقة لا تتوفر على أبسط شروط الحياة ولا تتوفر طبعا على المسحوق السحري، الذي قد يشفع لها لو توفر في فضاء سجن سلا، للمكوث لأطول فترة ممكنة. تشبعت مريم بدروس الإدمان في إسبانيا، هناك راكمت تجارب عديدة في عالم السهر والإدمان، رغم أن تكلفة نسمة «كوكا» تكلفها أموالا طائلة، إلا أن استمرار الأب في فتح صنبور الدعم المالي مكنها من المكوث لفترة أطول في ماربيا بلد الإمتاع والمؤانسة. حاولت أن تغادر هذا العالم، وتكرر تجربة زواج جديدة، بعد ارتباطها بثري عربي أنجبت منه ابنة لكن مآل التجربة الثانية لا يختلف كثيرا عن التجربة الأولى، إذ ظلت «بنت لفشوش» أسيرة ثالوث مرعب، الكوكايين والسهر ولفشوش، فكلما نضب رصيدها من المال لجأت إلى هاتفها النقال وأقنعت أمها ووالدها بضرورة فتح الصنبور. تبين لأسرة بنجلون، أن مارية أصبحت في عداد المدمنين، وأن الزواج لديها ليس مرادفا للاستقرار، لذا تم عرضها على أطباء نفسانيين، بل وتم نقلها إلى مصحة متخصصة في محاربة الإدمان في سويسرا، وهو الأمر الذي مكنها من قطع الصلة مؤقتا بالسطور اللئيمة، لكن تبين أن المسألة مجرد استراحة محاربة قبل أن تعود إلى عالمها المخملي. نشأت بنتا مارية في كنف أمهما المطلقة والمدمنة، وحين كبرا شعرا بخطورة الوضع فتحولتا إلى داعيتين لا تترددان في دعوتها إلى التحلي بالعزيمة من أجل قطيعة بلا رجعة فيها مع عالم الإدمان الرهيب، وقامت شقيقتها بجهد استثنائي من أجل إنهاء مأساة مارية ومنعت صديقاتها من الاقتراب منها، ولكن المسحوق العجيب ظل يثير مشاعر المرأة المدمنة، ويمنحها قدرة على القفز فوق كل الحواجز. لمارية سوابق عديدة اعتمادا على انتمائها لأسرة الوزير، ففي سنة 2003 صدمت بسيارتها شرطية، كلفها اعتقالا مدته أربعة أشهر نافذة، بعد أن استفادت من عفو ملكي، وهي القضية التي كادت أن تحول والدا بالتبني إلى جثة هامدة، بعد أن ضاق ذرعا بتصرفاتها الطائشة، لكن مارية أقسمت على قطع علاقتها بالكوكايين، و«شلة السوء» وبناء على هذا التعهد المعنوي أرسلها الوزير إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية لعلاج الإدمان، وحين عادت إلى المغرب استقرت في شقة خاصة وقررت مقاومة جاذبية المخدرات، قبل أن تعود بنت لفشوش إلى عادتها القديمة.