عاشت «حسنة شفيق»، إحدى ضحايا ملف شبكة البنك الوهمي في فاس والذي تفجرت فضيحته بتاريخ 15 فبراير الماضي، بسبب شكاية قدمتها إلى السلطات الأمنية في المدينة، يوم الأربعاء الماضي، ساعاتٍ مرعِبةً، بسبب «تدخلات» غامضة لاعتقالها، للضغط عليها وإجبارها على التنازل لتمكين المتهمين من مغادرة السجن، قبل انعقاد الجلسة الثانية، في اليوم الموالي (أول أمس الخميس) للنظر في الملف في محكمة الاستئناف. وحكت هذه الضحية التي تؤكد أنها تعيش، منذ تفجر الملف، فترات «إرهاب نفسي» يمارَس عليها من قِبل جهات نافذة على صلة بالملف بأنها فوجئت بسيارة من نوع «كونغو» تقف بجانبها قرب منزلها ويفرض عليها أشخاص تجهل عن هويتهم كل شيء امتطاءها، مخبرين إياها بأنهم عناصر أمن. وذكرت أن هذه العناصر، التي ما زالت تتذكر ملامحهم، مارسوا عليها «إرهابا نفسيا» قبل أن يقدموها، في حالة اعتقال، إلى أقرب دائرة أمنية إلى محل سكناها. لكن رئيس هذه الدائرة رفض استقبالها، ما دام أن الدائرة التي يشرف عليها لم تتوصل بأي شكاية أو مذكرة بحث لاعتقالها!... ودفع هذا الوضع منفذي الاعتقال إلى تقديمها إلى مصلحة الشرطة القضائية، وهي المصلحة التي أخبرتها بأن الأمر يتعلق بشكاية ضدها، وتم الاستماع إليها، قبل أن يُخلى سبيلها. وأخبرها أحد عناصر هذه المصلحة بأن المسألة لا تعدو أن تكون «لعبا على الأعصاب»، من قِبل الجهات المتهمة في ملف «تكوين شبكة تقوم بأعمال بنكية بدون ترخيص»، من أجل الضغط عليها يوما واحدا، قبل انعقاد الجلسة الثانية للبت، استئنافيا، في ملفها والتي أُجِّلت، بسبب هذه التطورات، إلى 24 يوليوز المقبل. وإلى جانب القيام بأعمال بنكية بدون ترخيص، فإن هذه الشبكة اتهمت، أيضا، في محاضر الشرطة القضائية، بتسليم قروض بالفائدة وقبول شيكات موقَّعة على بياض وعلى سبيل الضمان وتزويرها واستعمالها والنصب والاحتيال والمشاركة. وتشير هذه الضحية، التي تطالب وزير العدل بالتدخل شخصيا من أجل ضمان السير العادي للملف في محكمة الاستئناف، إلى أنها تلقت اتصالات هاتفية من بعض الأطراف التي لها صلة بالملف تخبرها فيها بأنها تتوفر على علاقات نافذة بقضاة في هذه المحكمة، ما سيمكن أعضاء الشبكة من الاستفادة من «ظروف التخفيف»، على أن يحول كل الملف ضدها... وقد سبق لهذه الضحية أن تعرضت، في بهو المحكمة الابتدائية في فاس، إلى «هجوم» من قِبَل أشخاص لهم علاقات بأعضاء الشبكة، وبحضور رجال أمن وقضاة. وخلف هذا الحادث امتعاض عدد كبير من العاملين في هذه المحكمة، واتهم رجال الأمن ب«التراخي» في اعتقال المهاجمين، قبل أن تُحرَّك مسطرة المتابعة في حقهم ويتم اعتقال امرأتين والحكم عليهما، ابتدائيا، بشهرين حبسا نافذة وإصدار مذكرات بحث في حق خمسة متهمين آخرين. وبالرغم من أن محكمة الاستئناف زكت هذا الحكم، فإنها قررت، مع ذلك، الحكم على إحدى المتهمات بعقوبة شهر موقوفة التنفيذ. وكانت المحكمة الابتدائية قد قضت، في حق «لطيفة ك.» بسنتين ونصف سجنا نافذة، مع الاحتفاظ بها رهن الاعتقال، وعلى «نور الدين ع.» بسنة نافذة، وهو متابع في حالة سراح، وعلى «زهور ع.»، بسنة ونصف سجنا نافذة، وهي معتقَلة، بينما حكمت على «عبد القادر ل.»، الملقب ب«بولحية»، بسنتين سجنا نافذة، وهو يوجد رهن الاعتقال، بينما يتواصل البحث عن ثلاثة أعضاء آخرين متهمين بالانتماء إلى نفس الشبكة التي تقدَّم على أن لها علاقات معقدة بأطراف نافذة في المدينة. وكانت المداهمات التي قامت بها عناصر الشرطة القضائية لعدد من منازل المتهمين قد أسفرت عن حجز عدد كبير من شيكات الضحايا وعدد من الدفاتر التي دُوِّنت عليها أسماء عدد آخر من الضحايا وأرقام هواتفهم وعناوينهم. كما حجزت السلطات الأمنية عددا من كمبيالات الضحايا الذين يقولون إن الشبكة استغلت أزماتٍ ماليةً خانقة مروا بها، وأغلبهم من فئات اجتماعية هشة، للإيقاع بهم في مستنقع الابتزاز والنصب والاحتيال. وأقر عدد من المتهمين، ومن ضمنهم سيدة مصرية، بالتهم المنسوبة إليهم في محاضر الشرطة القضائية.