يضغط عمدة الدارالبيضاء، محمد ساجد من أجل حصر دور الوكالة الحضرية في الدراسة و التخطيط وتجريدها من الأدوار الأخرى، المتمثلة أساسا في منح التراخيص والمراقبة، وهي الأدوار الموكولة للوكالة. تلك هي الرسالة التي أراد ساجد، حسب أحد المراقبين، إيصالها عبر «ندوة خميس الحكامة» التي اختير لها أول أمس عنوان «من التعمير المفروض إلى التعمير التشاوري». الندوة حضرها النائب البرلماني، فؤاد عالي الهمة، الذي و إن أتى متأخرا بحوالي ساعة ونصف، تمكن من أن يحظى بمقعد بجانب عمدة المدينة محمد ساجد، ومتابعة النقاش الذي كان ينتزع التصفيق، عندما يشارك فيه الجمهور العادي، الذي تساءل بعضه عن معنى التعمير التشاوري، في الوقت الذي جرى فيه تنقيل ساكنة أحياء في الدار البيضاء إلى مناطق أخرى دون أن يؤخذ رأيهم أو عندما يجري توفير مساكن لا تتعدى مساحتها 45 متراً مربعاً أو عندما تبنى عمارات كي تخفي طلعتها أحياء من الصفيح، لكن رهانات الندوة كانت تتجاوز شكاوى ساكنتها. افترض المتدخلون خلال الندوة أن التوسع العمراني الذي شهدته الدار البيضاء لم تسايره مخططات التهيئة، مما أفضى إلى التوسع المضطرب للبناء وتفشي السكن غير اللائق وتدني إطار العيش وغياب المجالية و تداخل الحدود بين هوامش المدينة و المجال القروي، و بروز مشاكل في التنقل ونقص في التجهيزات و تدهور المرافق العمومية، غير أن العديد من المتدخلين وقفوا عند حالات الاستثناء التي انتشرت في الدار البيضاء بسبب عدم مواكبة قوانين التعمير للتطورات التي عرفتها الدار البيضا، حيث تخضع الرخص لاجتهاد من يمنحونها، مما قد يفتح المجال أمام الممارسات التي تمليها، حسب مصطفى رهين، عضو مجلس مدينة الدار البيضاء، العلاقات ومزاج الأشخاص وليس القانون. عبد الرحيم وطاس، عضو مجلس المدينة، ترجم في كلمته ما يتطلع إليه محمد ساجد، حيث أوصى بإحداث هيئة مستقلة للسهر على التخطيط الاستراتيجي للتعمير في الدار البيضاء، ضاربا المثل بمدينة شيكاغو التي كلفت مكتب دراسات خاص بهذه المهمة لمدة عشر سنوات،مناديا باعتماد سياسة القرب على مستوى التراخيص بتفويض بعضها للمقاطعات وألا ترفع للوكالة الحضرية سوى الملفات الاستراتيجية الكبرى، في نفس الوقت دعا إلى فك الارتباط مع المركز في مجال التخطيط العمراني، وأن تترك للحكومة التخطيط الاستراتيجي على المستوى الوطني، وتحديد مسؤولية المراقبة داخل المدينة التي تعرف تعدد المتدخلين. علال السكروحي، مدير الوكالة الحضرية للدارالبيضاء، قال: «سنصبح 5.1 مليون نسمة في 2030، وسنحتاج إلى إنتاج 800 ألف سكن، يجب أن نفتح للتعمير 25 ألف هكتار بالإضافة إلى 20 ألف هكتار الموجودة حاليا، أي 1000 هكتار في السنة منها 200 هكتار للأنشطة تعبئة 3.5 مليون متر مكعب من الماء، تجهيزات استقبال 4 أضعاف حجم حظيرة السيارات، توسعة الميناء ليتمكن من استقبال 6 أضعاف القدرة الحالية للحاويات، وإحداث 720 ألف فرصة شغل في أفق 2030». وقد أشار إلى أن التعمير التشاوري لا يمكن القيام به في غياب الإطار القانوني حول مناطق التعمير، وهو الأمر الذي يجري القيام به في الدار البيضاء، غير أنه لا يمكن في نظر السكروحي تعميمه، لأن الأمر يتعلق باجتهادات في إطار تدبير المدينة، وهو يعتبر أن التعمير يحتاج إلى تمويل، وهو ما يقتضي إيجاد تمويل ذاتي للدار البيضاء، حدده في القيمة المضافة العقارية، كما في العديد من المناطق في العالم. مسوغه في ذلك أن الإدارة عندما فتحت 2350 هكتارا للتعمير أعطتها قيمته، فالتشاور لا يعني أن يعطي القطاع العام للقطاع الخاص، بل لا بد أن يتناول كيفية التمويل. وقد أوصى السكروحي بفرز ستة بنود من مشروع قانون التعمير وتضمينها في قانون خاص، وهي البنود التي تهم حق نزع الملكية وحق الشفعة ومناطق التعمير التشاوري ومناطق التعمير الموقوفة والوكالة العقارية الجهوية، إذ بدون هذه الآليات لا يمكن في نظر السكروحي ضبط السوق والتمويل والتعبئة العقارية، ولن تدخل الدار البيضاء في التعمير الجديد.