تجمع أكثر من مليوني حاج، أمس الخميس، لأداء الركن الأعظم من الحج في صعيد عرفات، حيث دعاهم مفتي المملكة السعودية في خطبته إلى محاربة "بلاء" الإرهاب. وسادت أجواء إيمانية أهم مناسك الحج، إذ وقف الحجاج، الذين بلغ عددهم أكثر من مليونين ونصف المليون من داخل المملكة وخارجها، ورفعوا أيديهم إلى السماء وألسنتهم تلهج بالتسابيح والدعاء والتلبية في مشهد عظيم. وفي خطبة وقفة عرفات، حث الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، مفتي المملكة السعودية، المسلمين على «محاربة العمليات الانتحارية»، مشيرا إلى أن الفتنة وتسييس الحج والإرهاب من التحديات، التي تواجه المسلمين. وقال آل الشيخ في مسجد نمرة إن «واجب المسلمين محاربة هذا البلاء (الإرهاب)، العالم يشكو من هذا البلاء والعمليات الانتحارية، التي جلبت على العالم الإسلامي البلاء..دمرت البنية التحتية والمنشئات وشلت السواعد وفرقت المجتمع». وأضاف «من التحديات التي تواجه الأمة، الإرهاب، الذي أشقى المسلمين بل العالم كله الذي يستهدف المنشات والنفوس البريئة، الإرهاب مشكلة عالمية». وامتلأت كل الطرقات والمناطق المحيطة بالمسجد بالمصلين، وبعضهم يحمل مظلة للوقاية من الشمس في ظل أجواء متقلبة. وعبرت فاطمة، وهي حاجة من المغرب، عن سعادتها الكبيرة بوصولها إلى عرفات، وقالت «لا أصدق أنني على جبل عرفات، هنا كان الرسول محمد يدعو ربه، هذا أحلى يوم في حياتي». وكانت فاطمة تسير مع ثلاث نساء وسط طريق مكتظ وسط عرفات، وهن يرددن كسائر جماعات الحجاج «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك..إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك». وفي خيمته يرفع الحاج فيصل (52 عاما)، وهو من العرب الفلسطينيين، يديه إلى السماء «اللهم وحد المسلمين وحرر الأقصى..نحن أحوج ما نكون للوحدة»، ويتابع «من يقف على عرفات في يوم الله، كسب السعادة والعبادة معا». ورغم دعوة السلطات السعودية إلى عدم تسييس الحج، تجمع آلاف الإيرانيين داخل مخيمهم في عرفات، ورددوا هتافات أعلنوا خلالها مجددا «البراءة من المشركين»، دون حوادث. وبدأت هذه التظاهرة، وهي تقليد سنوي بالدعاء، الذي قدمه الشيخ محمد ريشهري، أمير بعثة الحج الإيرانية وممثل المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي. وردد الحجاج الإيرانيون هتافات ضد الولاياتالمتحدة وإسرائيل، منها «الموت لأميركا، الموت لإسرائيل». وانتهى التجمع دون أن يسجل خروج أي حاج إيراني خارج الخيام، ودون أن ترفع أي لافتات. وانتقل الحجاج، أمس الخميس، من منى إلى عرفات، وأدوا صلاتي المغرب والعشاء جمعا وقصرا في مسجد نمرة، حيث بقي آلاف الحجاج في ساحاته ومحيطه حتى الصباح. ووسط زحام غير عادي، لم تتوقف آلاف الحافلات طوال ساعات الليل عن نقل الحجاج إلى عرفات مباشرة، بعد أن اضطر الكثير منهم لعدم المبيت في منى، بسبب سوء الأحوال الجوية، وتجمع مياه الأمطار في الطرقات لساعات عدة قبل أن تسيطر آليات الدفاع المدني على الموقف. وأعلن اللواء ناصر بن سعود العرفج، نائب مدير الأمن العام قائد قوات أمن الحج، لوكالة الأنباء السعودية أن تفويج الحجاج «جرى وفق خطة وضعت للتفويج، من خلال الطرق المعدة والمجهزة لهذه المهمة، لم تتأثر بسبب هطول الأمطار سواء للحجاج المشاة أو راكبي الحافلات». وكانت حركة التفويج إلى منى توقفت، ظهر أول أمس الأربعاء، مع اشتداد الأمطار في مكة والمشاعر المقدسة. ويتولى أكثر من 100 ألف عنصر أمن سعودي توفير الأمن والسلامة للحجاج في كل المناسك. وفور غروب الشمس، يبدأ الحجاج النزول في وقت واحد من جبل عرفات إلى مشعر مزدلفة، قبل العودة مجددا إلى منى لرمي الجمرة الكبرى (العقبة)، والاحتفال بعيد الأضحى، اليوم الجمعة، ثم رمي الجمرات الثلاث الكبرى والوسطى والصغرى للمتعجل على مدى يومي السبت والأحد، ولغير المتعجل على مدى أيام التشريق الثلاثة حتى الاثنين. (أ ف ب)