محلات تجارية ومقاه مقفلة، ومنازل وفيلات أغلقت نوافذها بإحكام، وأبواب تخللتها خيوط العنكبوت. سكون وهدوء يسودان المكان، هكذا تبدو مدينة أصيلة، عاصمة الثقافة والشباب في فصل الخريف، بعد رواج فترة الاصطياف في الصيف. هذا الهدوء أعجب الشباب العربي والأوروبي، المشارك في منتدى الشباب بأصيلة، لكنه لم يرق شباب المغرب، الذين ألفوا المجيء إليها في فصل الصيف، في فترة الحركة والرواج التجاري. لم يكسر الصمت الذي يخيم على المكان سوى صوت هؤلاء الشباب، وهم يتنقلون عبر أزقتها، التي رسمت على حيطانها لوحات تشكيلية بألوان الطيف، وبأنامل مغربية. ورغم أن اللون الأزرق هو الغالب في تلك اللوحات، إلا أنه بدا قاتما لدى بعض سكان المدينة، الذين يعيشون حياة رتيبة بسبب غياب بعض الأنشطة التجارية والاقتصادية المدرة للربح. وبينما يغبط بعض سكان المدن الكبرى سكان أصيلة على الهدوء والسكينة طيلة فصول الخريف والشتاء والربيع، فإن الأصيليين (أو الزيلاشيين، كما يسمون أنفسهم)، متذمرون من هذا الهدوء، فمنهم من يهاجر إلى المدن الكبرى ولا يعود إلا في فصل الصيف، وآخرون يقضون وقتهم جالسين أمام عتبات المنازل، أو في المقاهي، التي تضطر لفتح أبوابها، وآخرون يمضون وقتهم في الشاطئ، يراقبون البحر ويتحدثون معه، ويتطلعون إلى العبور إلى الضفة الأخرى، حيث يوجد المستقبل، في تقديرهم. كان بعض شباب المنتدى العربي الأوروبي ينهضون باكرا، وهم يتأبطون ملابس البحر وفوطات، وينزلون من أجل الاستجمام والاستمتاع بجمال شاطئ أصيلة الأطلسي، وآخرون يفضلون لعب كرة القدم على رماله الذهبية. وخلق هؤلاء الشباب ديناميكية وحركية في المدينة، وفي حدود الثامنة والنصف يعودون إلى الفندق، للتوجه إلى مكتبة بندر بن سلطان، ومركز الحسن الثاني للندوات، من أجل حضور أشغال الورشات. جمال المدينة وهدوؤها جعلا الشباب المشارك يسأل عن إمكانية تغيير تذكرة السفر لتمديد المدة والاستمتاع أكثر بهذه المدينة العريقة، خارج أوقات أشغال المنتدى العربي الأوروبي، ومنهم من اهتم بثمن الفنادق والفيلات المخصصة للكراء، للمجيء في فصل الصيف وحضور المهرجان الثقافي، الذي ينظم من قبل منتدى أصيلة. ورغم أن أصيلة هي مدينة الفن والإبداع وحوار الثقافات، فإنها في حاجة إلى مشاريع اقتصادية للنهوض بها، والقضاء على حالة الكساد، التي تسود بعد موسم الاصطياف.