لم تتمالك فاطمة، أم عازبة، في الواحد والعشرين من عمرها، دموعها، وهي تقدم شهادتها في حق جمعية "الحاجة عائشة الشنا"، التي احتضنها بعد مواجهتها لمشكلتها الاجتماعية ومعاناتها ظروف قاسية.عائشة الشنا (تصوير الساوري) كان هذا بمناسبة لقاء نظمته الجمعية، على هامش فوز عائشة الشنا، رئيسة ومؤسسة جمعية التضامن النسوي، بجائزة "أوبيس 2009" التي تمنحها مؤسسة "أوبيس برايز" بالولايات المتحدةالأمريكية مكافأة على أعمال إنسانية لأعمالها لفائدة الأمهات المتخلى عنهن. وقالت فاطمة إن الجمعية كانت بالنسبة إليها السند الحقيقي الذي جنبها السقوط في الهاوية والانهيار، حين استفادت من دعم التضامن النسوي الذي تسهر عليه عائشة الشنا. كانت فاطمة تتحدث، بتأثر بالغ، عن معاناتها وهي تحاول مواجهة المجتمع، لكن لم تكن لتصمد لو لم تجد الدعم عند عائشة الشنا وعند كل المشرفين على جمعية االتضامن النسوي. وقالت "هناك كثيرات لم يسعفهن الحظ في لقاء عائشة أو اللجوء إلى جمعيتها، لكن أتمنى أن يأتي اليوم الذي يتمكنن فيه من العيش في النور، مثل أي أم أخرى". أما عائشة الشنا التي استقبلها الحاضرون بالتصفيق تحدثت عن شجاعة بعض الأمهات العازبات اللواتي أصررن على مواصلة الصمود والتحدي، والتشبت بأطفالهن، رغم الضغوطات، ورغم قساوة المجتمع، والتي قالت عنهن أنه لولا صمودهن لما وجدت الجمعية. وأضافت، في كلمتها بمناسبة هذا اللقاء، إن تسلمها الجائزة لم يعنيها وحدها "بل كان كل المغاربة هناك وتسلموا معها الجائزة"، مشيرة إلى أنها عازمة على مواصلة النضال، من أجل إنصاف كائن ضعيف لم يختر المجيء إلى الحياة، وبالتالي يحتاج إلى حماية، وليس الحكم عليه بالإعدام، لأن هذا ما يحصل حين نحكم على أمه. وأوضحت الشنا أن جمعيتها عملت منذ إنشائها، سنة 1985، في تسوية وضعية العديد من الحالات، وتزوجت عدد من الأمهات بأباء أطفالهن البيولوجيين، بعد تدخل الجمعية، وإقناع المعنيين بالأمر، كما ساعدت على مصالحة عدد من الأسر ببناتهن، واعتبرت أن أكثر النساء شجاعة هن من فضلن الاحتفاظ بأطفالهن، عوض رميهن في الشارع. فمبدأ الجمعية هو تمكين كل أم من العيش بكرامة، والمساهمة في جعلها تتحمل مسؤوليتها اتجاه ابنها. وذكرت الشنا أن الجمعية تعمل كمقاولة، إذ تقوم بمشاريع تنموية تضمن الاستمرارية، ولهذا فإن مبلغ المليون دولار الذي حصلت عليه حاليا لن تنفقه في تكاليف تجهيز أو تسيير بقدر ما ستخصصه لمشروع ذي مردودية، قادر على تحقيق التمويل الذاتي للجمعية. عائشة الشنا تفكر اليوم، في إنشاء مشروع سكني يأوي الطالبات، اللواتي يتابعن دراستهن، بالدارالبيضاء، بعيدا من مقر سكناهن، وسيمكن من تشغيل عدد من الأمهات العازبات، في إطار مواكبة النساء في وضعية صعبة، ومساعدتهن على بناء حياة جديدة وتحمل مسؤولية تدبير معيشهن اليومي. وتدعو المانحين، ومجموع الفاعلين في المجال الجمعوي، إلى مواكبة الجمعية من أجل إنجاز هذا المشروع الذي يحتاج إلى بقعة أرضية. وقالت عائشة إنها، اليوم، تجاوزت محنتها مع من كان ينتقد أداؤها بالأمس، والذين كانوا يتهمونها " بنشر الغسيل الوسخ للمغرب" معتبرة أن الكثير منهم استوعب رسالتها "خصوصا حين جعلنا من الجمعية نموذجا ترغب عدد من الدول الاقتداء به". وتبقى سعادة أم أو طفل تحتضنه أمه الحقيقية لا تساوي المليون دولار، بالنسبة إلى عائشة الشنا، التي يشغلها اليوم نقل المشعل لآخرين وإعداد بديل يواصل المعركة، معركة الكرامة لكل النساء ومعركة الوجود لكل الأطفال.