في النهاية الأمهات تنتصرن دائما حتى ولو كان الرجل صديقا للملك، اسمه فؤاد عالي الهمة، أو جالسا على كل ثروات البلد مثل عثمان بن جلون، أو وزيرا ومالكا لخراطيم البنزين في المملكة كعزيز أخنوش، أو حتى كاتبا مرموقا يدعى الطاهر بن جلون.. الأم عائشة الشنا وكل الأمهات انتصرن مرة أخرى واستتحققن بكل جدارة لقب شخصيات سنة 2009 في المغرب، وهذه هي نتيجة استطلاع الرأي الذي أنجزته يومية ليكونوميست ومؤسسة "سونيرجيا" منذ بداية شهر دجنبر الجاري، عبر عينة بحث مشكلة من 308 شخص، 118 مغربية و190 مغربي، من خلال أجوبة عفوية لكل هؤلاء عبر مكالمات هاتفية مباشرة.. لتنتصر لالة عائشة وكل الأمهات العازبات وغير العازبات بنسبة تفوق ثلاث مرات أقرب مطارديها من الرجال. هكذا انتصرت عائشة الشنا بنسبة تفوق كاسحة في الميدان الاجتماعي، وصلت إلى 57 في المائة من عينة البحث، وهي النسبة التي لم يصلها لا فؤاد عالي الهمة في الميدان السياسيي (24٪)، ولا نوبير الأموي في النقابي (11٪) ولا عثمان بن جلون في تدبير المقاولات (16٪) ولا الطاهر بن جلون في الأدب (27٪) ولا رشيد الوالي في السينما (42٪).. بين كل هؤلاء الرجال خرجت الأم عائشة على رأس "بوديوم" التتويج كشخصية سنة 2009 المغربية، وهو النصر الذي وصفته "ليكونوميست" ب"الانتصار للاجتماعي"، ليكون بذلك الاستطلاع الأقرب إلى الشارع العام.. لأن المتوجة هي الأقرب إلى هموم الشارع العام.. والأقرب إلى كل النساء العازبات في المملكة اللائي طردهن السياسي من برنامجه الانتخابي، والنقابي من ملفه المطلبي، والاقتصادي من خزينة أمواله، والأديب من رواياته، والسينمائي من أدواره.. لكن ماما الشنا كانت دوما إلى جانبهن تدفع عنهن "العار" الذي هو في النهاية ليس إلا عار كل أولئك الذين هاجموها وسبوها وشتموها قبل أن يعودوا اليوم ليغيروا لونهم كالحرباء ويبدءون في شكرها بعد أن قصوا لحيهم قليلا. لكن الشنا تعرفهم جميعا.. واحدا واحدا.. وواحدة واحدة، إنها تتذكر عباراتهم المسمومة في المقالات وفي التصريحات وفي الندوات.. الأمهات لا ينسين الجراح أبدا لكنهن يسامحن، ولالة الشنا لم تنس أي شيئ لكنها كانت تسامح دائما ولم تتوقف في ضيافة كل الأمهات العازبات وتربية أطفالهم والدفاع عنهم أينما حلت وارتحلت أمام كل العقول "البتريكية" التي ترى العار والرذيلة في كل شيء في هذه الحياة، الشنا فازت "رغم الداء والأعداء"، واستحقت لقب شخصية عام 2009 في المغرب، رغم أن ذلك كان ينبغي أن يحدث منذ سنوات خلت، حين كانت الشنا تتلقى الخناجر في ظهرها كل يوم من طرف "الحربائيين". وكما جرت العادة كان ينبغي انتظار "العم سام".. كان ينبغي انتظار أن تفوز عائشة الشنا، رئيسة ومؤسسة "جمعية التضامن النسوي"، بجائزة "أوبيس 2009" التي تمنحها مؤسسة "أوبيس برايز" بالولايات المتحدةالأمريكية مكافأة على أعمال إنسانية لما قادمته الشنا لفائدة الأمهات المتخلى عنهن.. لأن أمريكا هي الوحيدة التي فهمت هذه القصة التي ظلت ترددها لالة عائشة دائما: "كنت ممرضة بمستشفى في الدارالبيضاء وعلى مرآي فصلت أم غير متزوجة بالقوة عن طفلها الوليد فأصبت بالصدمة لا سيما وأنني كنت قد أنجبت أياما قليلة قبلها، وفيما جذبت الممرضة الأخرى الرضيع من على صدر أمه انسكب حليبها على وجهه وراح في البكاء.. تلك المرأة كانت ملتزمة تجاه طفلها ومع ذلك أجبرت على التخلي عنه"، إنها الأحاسيس التي لم يعترف بها مسؤولوا المملكة واعترفت بها أمريكا.. مبروك لكل الأمهات بتتويج عائشة الشنا.