في المغرب تتدمر حياة شريحة واسعة من الأمهات العازبات، اللواتي تعرضن للاغتصاب والعنف والهجران، والتشرد، فبعد أن تلفظهن أسرهن، وأقصاهن المجتمع، يعانين وضعيات مزرية، تواجه فئة منهن الحيرة، واليأس تفضي أحيانا إلى الانتحار،أم عازبة مع طفلها (خاص) بعد التخلي عن فلدات كبدها، فيما تواصل فئة أخرى منهن حياتهن بالعمل خادمات في البيوت أو عاهرات و"بارميطات". من خلال إحصائيات أنجزتها مؤسسة إنصاف سنة 2008، التي تعنى بتتبع حالات هذه الشريحة من النساء بالدارالبيضاء، تبين أن أغلبية الأمهات العازبات أميات، متحذرات من أوساط فقيرة، يعشن في أحياء شعبية، ويحترفن الدعارة والعمل في البيوت بعد تعرضهن للاغتصاب. أفادت هذه الإحصائيات توصلت "المغربية" بنسخة منها، أن أغلبية الأمهات العازبات بالعاصمة الاقتصادية كانت تعمل خادمات بيوت، لا يتعدى مستواهن الدراسي التعليم الابتدائي، تلقين وعودا بالزواج، ليجدن أنفسهن وحيدات بعد الحمل، ترفضهن أسرهن ويتخلى عنهن الذين وعدوهن بالعيش في قصر من الأحلام ليجدن أنفسهن في مواجهة السراب. وتتراوح أعمار الأمهات العازبات اللواتي تابعت المؤسسة نفسها ملفاتهن السنة الماضية بين 15 و50 سنة، إذ يبين الإحصاء أن أغلبيتهن تتراوح أعمارهن بين 21 و30 سنة، غير مرفوقات بأبنائهن، في ما يليها المرفوقات بأبنائها، ثم المطلقات والأرامل. وأفاد المصدر نفسه أن السبب الأساسي لمشاكل الأمهات العازبات يعود إلى وعود بالزواج، إذ من بين 776 حالة يوجد 319 أم عازبة تلقت وعودا بالزواج السنة الماضية، و110 حالة كانت تمارس الدعارة و83 المعاشرة، و74 ناتجة عن علاقة حب دون وعد بالزواج، و62 علاقة عابرة، و64 اغتصاب، و39 مشاكل مختلفة. في حديثها إلى "المغربية" قالت فاطمة (اسم مستعار)، التي كانت تشتغل خادمة بيوت، إن الأسرة التي ساعدتها على الوضع في المنزل طلبت منها مغادرة البيت خوفا من المشاكل، والمشكل بالنسبة لها هو الرضيع الذي يجب أن تتكفل به ومورد عيشهما. حاولت التخلص منه مرتين في الشارع وتراجعت، لأنها كلما وضعته في الأرض كان يبكي فتحمله بين يديها وتضمه إلى صدرها. أما ز.ع. طالبة، عمرها 21 سنة، فضلت عدم ذكر المنطقة التي تعيش بها أسرتها، مخافة من "العار" قالت إنها وقعت ضحية علاقة حب ووعد بالزواج. تعرفت على شاب بمدينة سطات، حيث كانت تتابع دراستها الجامعية بشعبة العلوم التقنية. أعجبت بأفكاره حول التعايش، والتضحية والحب والحرية. كان حديثه جميلا فأحبته، ووعدها بالزواج فصدقته، لأنه فعلا، حسب قولها قادر على فتح بيت الزوجية لأنه كان يعمل مهندسا بفرنسا، غير أنه خاصمها لما علم أنها حامل وطلب منها الإجهاض الأمر الذي رفضته. فأخذ كل منهما طريقه. وعاد الشاب إلى فرنسا فانقطعت أخباره، وضيعت هي هاتفها، وانقطعت بذلك وسيلة الاتصال بينهما، لأنها لم تحتفظ بأي عنوان أو رقم هاتف من أجل الاتصال به. انقلب حبها له إلى كراهية فقررت أن تواجه الحياة لوحدها. توجهت إلى الدارالبيضاء وطلبت الاستفادة من خدمات مؤسسة إنصاف خلال حملها، وأخبرت والدتها بحكايتها الأمر الذي أثار غضبها، فخافت من الفضيحة بين باقي أفراد الأسرة، وقررت البقاء بالعاصمة الاقتصادية. كانت ز.ع تفكر في كيفية العودة إلى الدراسة وهي أم عازبة، حيث أبدت حيرتها بين مواجهة والدتها، لتقنعها بالأمر الواقع فتتكفل بحفيدها، والخروج إلى ساحة العمل لتتحمل مسؤولية الغلطة التي ارتكبتها. قالت إنها تحس ب "الشمتة" لأن العلاقة كانت غلطة عمرها. ضحايا هذه "الشمتة" كثيرات، وعددهن يتجاوز 5000 حالة تجوب شوارع المدينة سنويا، يواجهن الحياة بمشاكل تضفي المرارة على طعم حياتهن، إلى جانب أطفال غير شرعيين، يجدن أنفسهم دون مورد للعيش، ودون سند، والعدد مرشح للارتفاع، بسبب ارتفاع المشاكل التي تواجهها فتيات في مقتبل العمر. تعليق الصورة