دعا جلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، المجتمع الدولي، وفي طليعته الرباعية الدولية، للضغط على إسرائيل، للتخلي عن ممارساتها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.وحملها على العودة الفورية إلى طاولة المفاوضات، والالتزام بالمقررات الأممية، والاتفاقات المبرمة بين الأطراف المعنية، والعمل الصادق على إيجاد حل عادل ودائم ونهائي لهذا النزاع. وقال جلالة الملك، في رسالة وجهها، أمس الأربعاء، إلى المشاركين في ملتقى القدس الدولي، بالرباط، تلاها الطيب الفاسي الفهري، وزير الخارجية والتعاون "بموازاة مع مواقفنا الثابتة لنصرة الحق الفلسطيني، ومساعينا الحثيثة، اعتمدنا مقاربة عملية، بإشراف وكالة بيت مال القدس الشريف، من خلال إنجاز مشاريع ومنشآت سكنية واجتماعية وتربوية، للإسهام في تحسين أحوال عيش إخواننا المقدسيين، ودعم صمودهم، والحفاظ على المعالم الحضارية والروحية لهذه المدينة السليبة". وأكد جلالته عزمه الوطيد، وبتضافر كل الجهود الخيرة والمخلصة، على مواصلة تقديم المغرب لدعمه التضامني المطلق لأهالي القدس، وتنفيذ برامج عمل وكالة بيت مال القدس الشريف بهذه المدينة المباركة، كما ناشد جلالته منظمة اليونسكو، ولجنة التراث العالمي، بتحمل مسؤولية صون وحماية المعالم الدينية والأثرية والتاريخية للقدس. وقال جلالة الملك "من منطلق الأمانة، التي نتقلدها، بصفتنا رئيسا للجنة القدس، ما فتئنا نبذل المساعي الدبلوماسية لدى رؤساء الدول الفاعلة، وقداسة البابا، والهيئات الدولية المعنية، من أجل الحفاظ على الطابع الخاص للقدس، وفقا للقرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومجلس الأمن، والالتزامات المتبادلة بين الأطراف المعنية". وأضافت الرسالة الملكية "كما خاطبنا المجتمع الدولي، كلما دعت الضرورة والظروف إلى ذلك، للتدخل الحازم، قصد وقف الانتهاكات الآثمة، والحفريات المشبوهة في مواقع متعددة بالحرم القدسي الشريف، معربين عن شجبنا القوي للتطاول الاستفزازي على مقدساتنا الإسلامية، كما حدث في الآونة الأخيرة، مع اقتحام باحات المسجد الأقصى المبارك، خاصة باب المغاربة". ووجه جلالته، من خلال هذا الملتقى، نداء إلى كل الإرادات الحسنة من أجل التحرك العاجل، قصد خلق تحالف عالمي بين كل القوى الملتزمة بالسلام، والضمائر المؤمنة بقيم التسامح والتعايش، لإنقاذ مدينة السلام، ومهد الأديان السماوية. وأشار جلالة الملك إلى أنه ما فتئ يعبر عن إدانته لكل الممارسات الإسرائيلية العدوانية، وسياستها الاستيطانية، ومشاريعها التوسعية، باعتبارها تشكل إخلالا جسيما بالأوضاع والتوازنات السكانية والعمرانية في القدسالمحتلة، ولتماديها في نهج سياسات الهدم والضم، ومصادرة الأراضي والممتلكات، والترحيل والعزل والحرمان من حق ولوج أماكن العبادة، في انتهاك صارخ للشرائع السماوية، والمواثيق الدولية. وحذر جلالة الملك إسرائيل من مخاطر تسخير موروثها الثقافي والروحي، كعامل لتأجيج مشاعر العداء والتطرف، وضرب قيم المحبة والتسامح بين أتباع الديانات السماوية، وهي القيم المثلى التي حافظ عليها الحكم الإسلامي، عبر قرون، في بيت المقدس. وقال جلالة الملك "سنواصل الاتصالات مع كل أصدقائنا وشركائنا، لإخراج عملية السلام من حالة الاحتقان، التي تواجهها، جراء العراقيل، التي تثيرها إسرائيل، أمام إطلاق مفاوضات بناءة، تؤسس، فعليا، لحل دائم وشامل، تتبوأ فيه قضايا الوضع النهائي، ولا سيما القدس، مكانة محورية وحاسمة، مؤكدين رفضنا لأي تسوية جزئية ذات طابع إجرائي محدود". وأكد جلالته دعمه للرئيس محمود عباس، وللسلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية. وقالت الرسالة الملكية "وهنا نلح على أن الوحدة الوطنية، واستقلالية القرار الفلسطيني، هما السبيل الوحيد لضمان القدرة التفاوضية اللازمة، من أجل إحقاق الحقوق الفلسطينية". وفي الختام، قال جلالة الملك "نتطلع إلى أن يوجه هذا الملتقى الدولي رسالة إلى المجتمع الدولي، بكافة مكوناته، لتكريس المزيد من الجهود لقضية القدس، وحث أطراف النزاع على التحلي بالواقعية والحكمة، ووقف جميع أشكال العنف، واعتماد التفاوض والحوار، باعتبارهما السبيل الأمثل لتطبيق الشرعية الدولية".