"الاعتداءات الجنسية على الأطفال"، إنها الظاهرة القديمة الجديدة، مازالت وستبقى "تسونامي" يهدد حياة ومستقبل الأطفال في المغرب، ما لم يدق الجميع ناقوس الخطر، دولة ومجتمعا مدنيا وإعلاما ورجال القانونالضحية خليل ففي أسبوع واحد، وقعت أربع جرائم اغتصاب وقتل أطفال أبرياء من طرف ذئاب بشرية افترسوا براءتهم بكل وحشية، قبل أن يكتموا أنفاسهم دون رحمة. بسيدي معروف وبحي إفريقيا بالدارالبيضاء، وفي تطوان، والعيون، من شمال المملكة إلى جنوبها، لم تستثن جرائم الاعتداءات الجنسية أطفالا كان الموت، القاسم المشترك بين مصيرهم. علت الأصوات وبحت حناجر المنددين بالظاهرة وخطورتها وانعكاساتها السلبية على الضحايا وعائلاتهم والمجتمع، وتصدرت هذه الأخبار المؤلمة الصفحات الأولى للجرائد، لكن ما يلاحظ أن الظاهرة في تزايد مستمر، وكما قالت نجية أديب، رئيسة جمعية "ماتقيش أولادي"، التي اكتوت بدورها بنار الاعتداء الجنسي على فلذة كبدها، أن ظاهرة اغتصاب الأطفال القاصرين تختزل في المؤتمرات والندوات والتوصيات فقط". وإن كان رجال القانون يعتبرون أن المشرع المغربي، خصص ترسانة قانونية متشددة لمعاقبة مرتكبي الاعتداءات بمختلف أنواعها في حق القاصرين، ذكورا وإناثا، فإن الواقع الملموس، يؤكد أن اغتصاب الأطفال بالمغرب يعتبر جريمة من الصعب إثباتها، وتظل أقوال الضحية الدليل الوحيد، وتزداد الصعوبة، حين نعلم أن هذه الاعتداءات لم تعد مقتصرة على أطفال الشارع، لكنها انتقلت إلى أوساط أخرى، حتى الراقية منها، وأن ضحاياها وأسرهم يختارون الصمت والتستر عوض فضح الجريمة والجاني، خوفا من العار والفضيحة. وإن كان علماء الاجتماع يحيلون أسباب الظاهرة إلى عوامل مجتمعية كالهجرة القروية والفقر والجهل والأمية والحرمان، التي ساهمت وما زالت تساهم في بروز ظاهرة تعرض الأطفال للاغتصاب، وصلت الخطورة إلى أن كل طفل مشرد هو مشروع طفل مغتصب، فإن ضحايا الاغتصاب بصفة عامة لا يستطيعون أن يمحوا من ذاكرتهم ما تعرضوا له من وحشية وألم، ويصعب عليهم الاندماج في المجتمع، بل إن الاغتصاب مع القتل أخطر بكثير، ما ينتج شخصيات إجرامية أكثر خطورة في المجتمع أو ما يعرف ب"المجرمين السيكوباتيين". فما الذي قتل خليل بحي إفريقيا وياسين بسيدي معروف، وقبلهم أطفال أبرياء؟ ولماذا تحصل هذه الجرائم في الأصل؟ وما الذي يجعل البالغين من الغرباء والأقارب والمربين يعتدون على هذه الشريحة من المجتمع، التي تعتبر الأمل والمستقبل؟ أسئلة كثيرة وظاهرة خطيرة، تحولت من الاعتداء إلى القتل، إذ لا يمكن للجمعيات المدنية المتخصصة وحدها أن تواجهها، بل تضافر جهود الجميع، وفضح هذه الممارسات من الضحايا قبل عائلاتهم، كفيل بذلك.