سلطت دراسة أصدرها المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، بتعاون مع صندوق الأممالمتحدة الإنمائي للمرأة، أخيرا، الضوء على معاناة النساء بالمغرب، خلال "سنوات الرصاص"..ت: (سوري) بعد أن ظلت معاناة النساء في تلك الحقبة ينظر إليها كمجرد خسائر جانبية، واعتبار النساء ضحايا غير مباشرة. وتضمنت الدراسة، كما أشار إلى ذلك أحمد حرزني، رئيس المجلس الاستشاري لحقوق ألإنسان، فئة خاصة من النساء " لسن أقل بطولة ممن دخلن السجن"، وهن اللواتي تعرضن لشتى أنواع سوء المعاملة خلال حملات القمع، أو أمام بوابات السجون، التي كان يقبع فيها ذووهن، من الأزواج، أو الأبناء، أو الإخوة. وكذلك النساء اللواتي تحملن مشقة التكفل بعائلتهن، من الأطفال، والعجزة، في ظروف صعبة في غياب أقربائهن. وتضيف الدراسة أن "مجموعة كبيرة من النساء في المغرب، خلال فترة القمع السياسي وعنف الدولة بين سنتي 1956 و1999، إذ استهدف العنف، الذي ترعاه الدولة، نساء من جميع الخلفيات، وجميع مناطق المغرب، سواء بصفتهن نشطات سياسيات، تعرضن لعقاب الدولة بسبب دورهن في الحركات المعارضة لها، أو قريبات لنشطاء سياسيين وسجناء، جرى اعتبارهن مذنبات بموجب القرابة، أو أعضاء في المجتمعات المحلية، التي تعرضت لعقاب جماعي من طرف الدولة". و أكدت الدراسة، التي حاولت كسر الصمت عن معاناة النسا ء خلال سنوات الرصاص، أن النساء كن يتعرض للاعتقال التعسفي، والاحتجاز غير المشروع في أماكن سرية، حيث يجري استجوابهن، وتعذيبهن، ومضايقتهن وإذلالهن، وإهانة كرامتهن، كما خضعن لمراقبة الشرطة، وقيدت حريتهن في الحركة بشكل كبير. وأفادت الدراسة، التي أجراها فريق من الباحثاث المغربيا سنة 2005، حول النساء اللواتي عانين العنف السياسي، أن معاناة النساء لم تكن متجانسة كلها، وإنما كانت تشكلها الخلفيات الاجتماعية، والاقتصادية، والتعليمية للضحايا، وأيضا، حالتهن العائلية. و تتوخى الدراسة، التي وثقت قصص حياة 42 امرأة، من بين 82 حالة استمعت إليها، واقتصرت على 6 مناطق، هي فكيك، والناظور، والحسيمة، وخنيفرة، وإملشيل، والعيون، وضع فهم مفصل ودقيق لأشكال العنف، الذي تعرضت له النساء، ضحايا العنف السياسي بما فيها العنف الجسدي، والعاطفي، والجنسي، واللفظي، والمعنوي، والرمزي، والاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي. وأفادت الدراسة، التي أوردت شهادات لنساء ضحايا العنف السياسي، قبل وبعد هذا العنف، أن عنف الدولة لم يكن يتوقف على التمييز بين الجنسين، والممارسات الأبوية فحسب، وإنما يزيد من حدة هذا التمييز وهذه الممارسات، إذ جرت معاقبة النساء بشكل مزدوج من طرف الدولة، وأيضا، من طرف المجتمع، الذي عاملهن بشكل غير متكافئ، وكان ينظر إليهن بعين الريبة. وأشارت الدراسة، على سبيل المثال، إلى أن النساء كان يتبرأ منهن أزواجهن، أو تسمهن مجتمعاتهن بالعار، لأنهن وقعن ضحية الاغتصاب، أو العنف الجنسي، موضحة أن العنف السياسي تسبب في زيادة تهميش النساء بطرق متعددة، إذ أن هؤلاء النسوة أكثر عرضة لأن يصبحن فقيرات، أو مهمشات، وقد يتعرضن للطلاق، أو تضيع منهن فرص الزواج، بالإضافة إلى الصدمات، التي سببها هذا النوع من العنف. وترى الدراسة أن الصمت، الذي يلف تجربة النساء مع العنف السياسي في المجتمع، يعتبر استمرارا لإيذاء النساء. وأجريت الدراسة، التي نشرها المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، أخيرا، بدعم لوجيستيكي و مالي من طرف هيئة الإنصاف والصالحة.