يتضمن قانون المالية 2010، الذي تنكب الحكومة حاليا على إعداده، اقتراحات جديدة، تتعلق بإصلاح الضريبة على الدخل، عبر توسيع الوعاء الضريبي، وتخفيف الضغط الضريبي على الفئات متوسطة الدخل.الحكومة تراهن على تشكيل طبقة وسطى واسعة ومتماسكة (خاص) وستكون الضريبة على القيمة المضافة، بدورها، متبوعة بتوسيع الوعاء، بهدف الخروج بنظامين ذات معدلين، "ومن شأن القانون التنظيمي للمالية أن يكرس حسن أداء تدبير ميزانية الدولة وبرمجة النفقات، إضافة إلى تطوير افتحاص السياسات العمومية"، حسب ما يرى صلاح الدين مزوار، وزير الاقتصاد والمالية. وفي ما يتعلق بمستوى النفقات، فإن "فرض الإطار الحالي عقلنة متصاعدة للنفقات، كما ستتخذ إجراءات لتقليص حياة الإدارة، فضلا عن عقلنة الاستثمارات العمومية، عبر تنسيق محكم بين مختلف المشاريع. كما سيجري إدخال إجراءات أخرى تشمل إجراءات التوظيف في الوظيفة العمومية"، وفق ما قال مزوار. وكان مزوار يتحدث، خلال المناظرة الدولية الثالثة، التي نظمتها الوزارة، نهاية الأسبوع الماضي، بشراكة مع جمعية المؤسسة الدولية للمالية العمومية، والتجمع الأوروبي للبحث في مجال المالية العمومية، حول "المالية العمومية بالمغرب وفرنسا، رهانات وأجوبة في مواجهة الأزمة". وقدم مزوار التوجهات الرئيسية للحكومة، في سياق إعداد قانون المالية للسنة المقبلة، مشيرا، على الخصوص، إلى انفتاح الاقتصاد الوطني، واندماجه الكبير في الاقتصاد العالمي، والدور المحرك للمبادرة الخاصة، وضرورة حفاظ السياسات العمومية على هذه الدينامية وتعزيزها، إضافة إلى مأسسة الشراكة بين القطاعين العام والخاص، من خلال العقود-البرامج لتعميم السياسات القطاعية. وقال مزوار إن ميزانية 2009 انخرطت بشكل كبير في فلسفة دعم النمو، عبر النهوض بالطلب الداخلي، وتشجيع الصادرات، ومواكبة المقاولات الصغرى والمتوسطة، في حين هم تحريك الطلب الداخلي دعم الاستهلاك وإعطاء دفعة للاستثمار العمومي، مضيفا أن الحكومة عملت على إشراك القطاع الخاص في أشغال لجنة اليقظة الإستراتيجية، التي جرى إحداثها لتحديد المؤشرات التي من شأنها تتبع الظرفية. وقدم، في هذا الإطار، مجموعة من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، بهدف الحفاظ على شروط تمويلية مشجعة للمقاولات، وتشجيع المقاولات على استشراف أسواق جديدة، فضلا عن الحفاظ على التشغيل في القطاعات التي تأثرت بتراجع الطلب الخارجي، والنهوض بالعرض السياحي، وكذا تشجيع تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج. وبخصوص تأثير الأزمة المالية على الاقتصاد الوطني، أعلن مزوار أنها "لم تؤثر على المغرب، بفضل صلابة نظامه الاقتصادي، وضعف تعهدات المملكة الخارجية"، مبرزا أنه، على غرار باقي الدول، تراجعت صادرات المغرب، كما تراجعت السياحة وتحويلا ت الجالية المغربية، والاستثمارات المباشرة الخارجية، خلال الفصل الأخير من السنة الماضية. وجاء في كلمة وزير المالية أن "واجبنا، في مواجهة السياق الراهن (الأزمة المالية والاقتصادية العالمية)، لا يقتصر على تدبير آثار الأزمة، وفقا لشروط جيدة فحسب، إنما يقتضي أيضا القيام بإصلاحات جديدة بنيوية وقطاعية، لإعداد المغرب لمرحلة ما بعد الأزمة". وأكد الوزير أن الأزمة المالية العالمية تقتضي ردود فعل استثنائية، تتمثل، أساسا، في إعداد مخططات للإقلاع ذات أبعاد متفاوتة، وإحداث قطيعة مع بعض الممارسات المتعلقة بالميزانية والممارسات النقدية والمالية، التي كان، إلى وقت قريب جدا، من المتعذر التفكير في إمكانية القطع معها، إضافة إلى تنسيق استثنائي بين السياسات الاقتصادية التي تتجه صوب أن تكون عالمية. وأبرز أن التدابير التي اتخذتها الحكومة لمواجهة آثار الأزمة الاقتصادية، التي تهدف إلى إعطاء دفعة للطلب الداخلي ومواجهة انعكاساتها على القطاعات المرتبطة بالطلب الخارجي، ساهمت في التخفيف من حدة الأزمة. من جهته، أبرز زهير الشرفي، مدير الخزينة العامة للمملكة، أنه، رغم تأثير الأزمة المالية العالمية على الناتج الداخلي الخام، خاصة على الناتج الداخلي الخام غير الفلاحي، إذ يتوقع أن لا يتعدى 3 في المائة، خلال السنة الجارية، بعد أن سجل 4 في المائة السنة الماضية، فإن وضع المغرب يظل أفضل من دول المنطقة، حتى تلك التي لديها مخزون نفطي، مشيرا إلى أن طموح الخزينة هو إرجاع هذا المعدل إلى 4 في المائة، خلال 2010.