قبل أن تكون كاتبة، اشتغلت القاصة والمبدعة مليكة نجيب، في المجال الاجتماعيفهي فاعلة جمعوية، ساهمت عبر كتاباتها أيضا في تسليط الضوء على العديد من القضايا الإنسانية والاجتماعية بالمغرب، من قبيل أطفال الشوارع، والإدارة العمومية بالمغرب، والمرأة، التي تعد الفاعلة من أشد المدافعين عنها، على مختلف الجبهات. صدرت لها لحدود الآن في مجال الإبداع أربع مجموعات قصصية هي: "الحلم الأخضر" 1997، و"لنبدأ الحكاية" 2000، و"السماوي" 2006، ثم "وانفجرت ضاحكة" عام 2008، رصدت من خلالها العديد من القضايا الاجتماعية. وسلطت الضوء على أشياء تبدو للبعض هامشية، لكنها تتخذ في كتاباتها أبعاد جمالية. تعتبر الكتابة قدرا وملاذا، ورحلة شاقة، وسفرا بلا هدف ولا زاد، تيه في الذات وغربة مع الآخر، إذ تقول "كنت أركب حروفها المشتعلة، وأنصهر معها، وأسخرها لخلق عوالم أكثر رحابة وإنسانية. معقدة هي علاقتي بالكتابة، إنها احتراق بالنار، والتحام بلهيبها، واغتسال برمادها بحثا عن الدفء والنور والخلق، أو عن التشظي والانتهاء والفناء. إن ممارسة الكتابة طقس من طقوس التعبد في محراب الوجود". وتضيف أنها اختارت في كتاباتها اللغة وسيلة لتشكيل العوالم، التي تسعى لتأثيثها وبنائها، وحافظت على حضور الإنسان كذات وكوجود، وكحلم وكإخفاق. إن الكتابة القصصية لدى مليكة نجيب كتابة مشرعة، تمنح أفقا رحبا، كتابة حبلت بها ذاتها بوصفها إنسانا، لتعانق إنسانية كل إنسان، وليجد فيها كل واحد نفسه، وهمومه، وقضايا تشغله، وكذلك متعة جمالية. في هذه الدردشة الرمضانية تكشف القاصة مليكة نجيب عن علاقتها برمضان وعن التغييرات التي تطرأ على حياتها في هذا الشهر. متى تستيقظين في أيام رمضان؟ اعتدت على الاستيقاظ مبكرا، لأن التزاماتي العائلية تحتم علي ذلك، كما أن أطفالي يفرضون علي القيام مبكرا من فراشي، لأقوم بواجباتي تجاههم، قبل التوجه إلى عملي. هل يطرأ تغيير على برنامجك خلال هذا الشهر؟ طبعا يتغير برنامجي اليومي، لأن هناك مستجدات وطقوسا يفرضها شهر رمضان، فإضافة إلى متاعب العمل، تنضاف لي متاعب البيت ومستلزمات مائدة الإفطار، وما يليها. هل تتكلفين بمستلزمات الإفطار والتسوق أم لا؟ بحكم أنني ضمن النساء المطالبات بالمساواة والإنصاف، فقد جاءت أول دفعة من الإنصاف، في القفة والتسوق، وإذا كان الاقتران بالقفة شرا لابد منه في الأيام العادية، فهي خلال الشهر الكريم مهمة شاقة، تجعل حدود التحمل والصبر على محك التجريب. وأعتقد أن النساء المغربيات، الموظفات خاصة، يجاهدن خلال هذا الشهر بالصبر الجليل على جبهات متعددة، يصعب التكهن بالتفوق فيها. ماذا يميز مائدة إفطارك؟ مائدتي خالية من العجائن والدهون، وفيها جميع المأكولات تقريبا، وكل واحد من أسرتي يختار ما يشاء. أنا أحرص على أن يكون الأكل المتوفر في المائدة متوازنا، وأن يتوفر على جميع الفيتامينات الضرورية لجسم الصائم. هل تتابعين البرامج التلفزيونية خلال رمضان؟ وما هي؟ بالنسبة للبرامج التلفزيونية، خاصة المغربية منها، التي تدخل في باب الترويح عن النفس، فهي مسبب مباشر لعسر الهضم، وارتفاع الضغط، وإثارة الأعصاب، واللجوء إلى العنف، باستثناء بعض البرامج اليتيمة. أصبحت مدمنة على الإذاعة، وهو اختيار يتيح لي القيام باهتمامات أخرى، منها استقبال الضيوف، وتبادل أطراف الحديث معهم بمتعة، أو على الأقل النجاة بالعين من الخدوش الناتجة عن بؤس جل ما يقدمه إنتاجنا التلفزيوني الوطني. وخلال ساعات منتشلة من يوم ثقيل بالانشغالات، أقرأ ما تقع عليه يدي من كتب تأجل كشف مكنونها. ما هو برنامجك بعد الإفطار؟ بعد الإفطار، والانتهاء من شغل المطبخ، أقرأ القرآن الكريم، وخلال ساعات منتشلة من يوم ثقيل بالانشغالات، أقرأ ما تقع عليه يدي من كتب تأجل كشف مكنونها. هل لديك طقوس معينة خلال هذا الشهر الفضيل؟ ليست لدي طقوس معينة، فعدا صلة الرحم، والتقرب من الله الذي أحرص عليه خلال هذا الشهر، لا شيء خاص بي في هذا الشهر. هل تستقبلين الضيوف خلال هذا الشهر؟ بالطبع، فبيتي مفتوح للجميع، ومن يأتي مرحبا به، فعائلتنا كبيرة، وأصدقاؤنا كثر والحمد لله، والكل يجد في بيتي راحته، ولهذا فأنا لا أتردد في استقبال الكل، وأحرص على إبعاد التلفزيون، حتى أعطيهم وقتهم ونستفيد من لقائنا مع بعض. وما هي أحب الأوقات إليك في هذا الشهر؟ أحب الأوقات إلي هي بعد صلاة العشاء، لأنني ساعتها أخلو إلى نفسي نسبيا وأقوم بما يروق لي. ما هي المواقف السارة أو السيئة التي تحتفظ بها ذاكرتك خلال هذا الشهر؟ تلك أيام رمضان نتداولها محملة بعبق الإيمان والتعبد والتقرب إلى الله ونبذ كل الرذائل والفحشاء. لقد كان الصيام في ذاكرتي وأنا طفلة هو الإمساك عن اللذات من طلوع الفجر إلى غروبها، وتلك المائدة التي يزينها رغيف أمي وطبخها الذي تفضح روائحه أسرار لذته. كانت مائدتا الفطور والسحور من نصيب الصائمين فقط، واكتشفت أن العادة الشهرية وحدها هي من تخول لي العضوية الدائمة للانتساب إلى المائدتين، لذا كانت ليلة سيدنا قدر من كل سنة مناسبة ألتمس فيها من الله أن يجعلني ضمن البالغين. والآن لي تجربة طويلة في إعداد موائد رمضان، التي أصبحت، للأسف، تستأثر بالرضوخ للاستجابة لطلبات البطن، التي يؤجج الجوع أوار جشعها، وأصبح عبق الحلويات المطفية في الدهون والعسل، والعجائن المنوعة في الأشكال والأذواق، والوصفات المتعددة من كل الفضائيات، يطفو على سكينة الروحانيات والتعبد والإيمان. وهل تتذكرين أول يوم صمت فيه؟ للأسف، لا أتذكره بالمرة.