هل المغرب في حاجة اليوم، إلى مثل هذا النقاش؟!، ذلك ما أجمعت عليه العديد من الشهادات التي استقتها جريدتنا، حول الدعوة الغريبة والمثيرة التي نشرتها الزميلة «التجديد» في عددها 2221 ( 25-27 شتنبر 2009 )، بصدر صفحتها الأولى، التي تهاجم تدريس رواية « محاولة عيش » للروائي المغربي الراحل محمد زفزاف منذ 3 سنوات لتلاميذ السنة التاسعة من التعليم الإعدادي المغربي. وذلك تأسيسا على معايير أخلاقية لا تستقيم بالضرورة مع المعايير الجمالية للأدب وللتحليل الأدبي، ولا مع الشرط البيداغوجي للعملية التربوية، التي لا تستجيب سوى للشرط العلمي الأكاديمي، الذي لا مجال فيه للإرتكان للحساب السياسي أو لمعيار أخلاقي واحد. ذلك أن العملية التربوية، تؤكد الشهادات التي نقدمها هنا في هذا الملف، هي عملية معقدة، مركبة ومتداخلة، غايتها منح كل الإمكانيات للناشئة المغربية، من أجل امتلاك رؤية منفتحة عن العالم، وعن القيم وعن التعدد، مما يقوي من الملكة النقدية والتحليلية لهذه الأجيال المغربية. هنا ملف حول هذه القضية التي تفجرت مع بداية الموسم الدراسي والثقافي الجديد، نستطلع فيه رأي صاحب الدعوة إلى إلغاء تدريس الرواية، خالد الصمدي ( رئيس المركز المغربي للدراسات والأبحاث التربوية )، مثلما نقف عند رأي عدد من الفاعلين الأدبيين والتربويين والنقاد المغاربة، الذين أجمعوا على عدم صلابة موقف الدعوة لإلغاء الرواية. مثلما نقدم دراسة وافية ورصينة حول رواية « محاولة عيش » للروائي المغربي الراحل محمد زفزاف، تنويرا للرأي العام الوطني حول أهمية تدريس أدبنا المغربي بمختلف أسلاك التعليم الوطنية. عبد العلي مستور (رئيس منتدى المواطنة، عضو المجلس الأعلى للتعليم ) لمصلحة من، نزج بالمغرب في نقاش مماثل؟! هذا نقاش لم يثر لأول مرة، فقد سبقته نقاشات مماثلة في سياقات أخرى. لكن، من المفروض أن يكون النقاش أنضج اليوم، لأنه غير مسموح التهجم على عمل أدبي من منطلقات أخلاقية محضة.. خاصة حين يتعلق الأمر بروائي معروفة أعماله مثل الراحل محمد زفزاف، المشهود له بالكفاءة الأدبية. بل لقد ربت رواياته أجيالا عربية وليس مغربية فقط، وهي ذات بعد إنساني رفيع وتنطلق من واقعية لا تجامل، من أجل تغيير الواقع وإصلاحه وليس من أجل تكريسه.. هذا أمر لا بد من تسجيله بداية والإعتراف به. ثانيا، لا بد من التمييز هنا بين مستويين.. الأول هو مجال تقييم الأعمال الفنية والأدبية، والثاني مجال تحديد مقومات وشروط ما يدرس للتلاميذ في المدارس المغربية. فالمطلوب أن يبقى النقاش مستمرا بين مختلف الفاعلين التربويين والفاعليين الأكاديميين والمبدعين والفاعلين المدنيين حول القيم التي من المفروض أن تدرس للأجيال المغربية اليوم. مع إشراك حتى التلاميذ والطلبة في ذلك. أما الكيفية التي طرح بها الموضوع فإنه غير مناسب، بل حتى ما الفائدة منه.. إنني أعتبر التهجم على الرواية غير لائق، ولا يليق بالأخ بلال التليدي ولا بجريدة «التجديد»، وبشكل عام أرى أن الظرف الدقيق الذي يعيشه المغرب، والذي يتسم بمحاولات إعادة بناء المشترك الوطني لا تفيد فيه لا توجهات «مالي» ولا خيار تديين كل شئ، أو محاولة اختزال كل القضايا ضمن رؤية أخلاقية واحدة. ولن يفيد تجريم الأدب المغرب والمغاربة في شئ، بل يجب أن ننتصر للعلم والمعرفة، وهما مجالان يستوجبان تدخل رؤى متعددة، وليس فقط رؤية أخلاقية واحدة، لها زاوية نظر لا إجماع حولها. عبد الفتاح الحجمري (ناقد أدبي) الأدب ليس عقيدة، ومجاله ليس الإيمان بصرف النظر عن خلفية محاولة منع رواية «محاولة عيش» لمحمد زفزاف، فإن «فكرة الأدب» في حد ذاتها لا ترجح هذا التعريف للأدب أو ذاك، لارتباطها، في المجمل، بخطابات فلسفية ونقدية عامة ومختلفة. كما أن الأدب يحمل في مضمراته هاجس محفز للتعبير عن المهمش، وعن الخارق، وعن اليومي المبتذل، ولكن بمسافة جمالية معينة. إن التلميذ أو الطالب- في الحالة التي نناقشها الآن- يلتقي بالنص عن طريق المدرس، أي عن طريق وسيط. ومن الضروري الاهتمام بهذا الوسيط الذي ينبغي أن يجعل التلميذ مطلعا على كل أشكال الأدب، وعلى كل أصناف التعبير، إذ ليس لأحد الحق في أن يلقن التلميذ أدبا موجها. وإذا كان الأدب مازال يتمتع بقوة التأثير في المجتمع، فينبغي الدفاع بقوة عن التخلي عن أي نظرة أحادية تطمح إلى تسييجه بعقيدة معينة، أو إلى توجيه أذواقنا وسلوكنا نحوه. إن تدريس الأدب في المدرسة أو الجامعة ينبغي أن يتم بالإصغاء إلى النصوص، وإلى الأفكار، مهما كانت صادمة، ومهما كانت مفتقدة للتناغم مع الواقع، لأن من شأن هذا الإصغاء أن يغذي التعدد والاختلاف، ويتيح التعرف أكثر على ما يحيط بنا من التباس، ومن هم، ومن غم.. لأن الثقافة لا تتشكل إلا عبر لغة الأدب وإحساس الأديب. ثم إن الأدب ليس عقيدة، ومجاله ليس الإيمان. الأدب تربية وتكوين للوجدان، ومعرفة مشرعة على الممكن والمحتمل برؤية انتقادية ضد كل أنواع التصديق، ولا ينبغي أن يدرس الأدب كفكرة نمطية. ولذلك لابد من الدفاع عن التخييل، وأن نعلم التلميذ، لا أن يحب النص الأدبي، بل أن يسائله بقلق.. نجيب العوفي (ناقد أدبي).. كأننا نسير مع التاريخ في الاتجاه المعاكس محاولة منع رواية «محاولة عيش» للكاتب المغربي الكبير محمد زفزاف من التداول الدراسي ليست هي الغارة الإرهابية الأولى ولا الأخيرة التي يشنها الظلاميون على الأدب المغربي. فهناك حالات سابقة، لعل أشهرها وأقربها إلى الذاكرة هي منع رواية «الخبز الحافي» للراحل محمد شكري.. صديق زفزاف الحميم.. هذا المنع، وتحت أية حجة أخلاقية، يشكل وصمة سيئة في مغربنا الحديث الساعي نحو التسامح والتنوير والحرية والديمقراطية وطي الصحائف المظلمة. كما يشكل موقفا متخلفا ورجعيا من الإبداع الأدبي السردي القائم على التخيل والابتكار، وارتياد آفاق المجاز والاستعارة، وأيضا المخترق لعوالم الواقع الاجتماعي، والسابر لأغواره الهاتك لأسراره. إن الإبداع الأدبي وصف وكشف حران، لا يرتهنان للجمارك البوليسية والسلطوية. وما مورس على رواية «محاولة عيش» يعود بنا إلى محاكم التفتيش السىئة الذكر، ويستعيد هنا في المغرب ما حدث هناك في مصر من مواقف مشابهة، متعنتة ومتوحشة أحيانا، تجاه الأدب والأدباء، إلى درجة المطالبة بإهدار دمائهم وجز رقابهم. كل هذا يحدث ونحن نعيش العشرية الأولى من الألفية الثالثة وكأننا نسير مع التاريخ في الاتجاه المعاكس. شعيب حليفي (ناقد أدبي) ثقة القارئ في زفزاف لن تتزحزح أعتقد أن العديد من محاولات المصادرة التي تطال الرواية قد تعاظم في المرحلة الأخيرة بخصوص روايات ذات قيمة فنية عالية، سواء في المغرب أو المشرق. وما يتم بخصوص رواية «محاولة عيش» لمحمد زفزاف، لا يكاد يكون سوى زوبعة في فنجان لن تحرك ولن تزعزع ثقة القارئ العربي في الإبداع الشامخ لمحمد زفزاف، حيث إن كل إبداعاته القصصية والروائية والشعرية هي نص واحد استطاع أن يقبض على تناقضات المجتمع المغربي، ويحقق ذلك الرصد الأدبي والجمالي لاختلالات الإنسان، سواء في حياته اليومية أو أحلامه. كما أعتقد أن الدعوات الصادرة من حين لآخر ضد الإبداع لا تمت بصلة إلى الحقل الأدبي، وإنما هي نتيجة خلفيات بعيدة كل البعد عن هذا المجال. وبالتالي فكل الدعاوى والفتاوى هي باطلة في هذا الشأن. سعيد بوكرامي (روائي) رواية «محاولة عيش» لا تحاكي ما يقع في جزر الباهماس! ليس جديدا أن يتعرض روائي مثل زفزاف لمحاولات المنع في ظل ما نعرفه من تشدد ديني، وليس غريبا أن يتعرض لمضايقات أو استفزازات، سواء من طرف السلطة السياسية أو الدينية، مادام قد كتب روايات تحاكي بطريقة فنية ما هو موجود في الواقع المغربي، وليس في جزر الباهماس! فالكاتب محمد زفزاف كان يكتب عن الواقع بكل بساطة، مثله مثل محمد شكري الذي كثرت دعاوى قتل روايته ورميها في البحر. إن محمد زفزاف روائي كبير كتب روايات تتحدث عن الواقع المغربي منذ الستينيات إلى أن رحل عنا؛ والكاتب إن لم يكن مواكبا لواقعه وتحولاته الاجتماعية فهو ليس كاتبا. أما زفزاف، فقد كان كاتبا يدافع عن الإنسان البسيط، ويقدمه في قالب روائي جمالي موظفا تقنيات وجماليات، كما فعل نجيب محفوظ في مصر، وهنري ميللر في الولاياتالمتحدةالأمريكية.. فهذا اتجاه روائي ينبغي أن يحترم وتطلع عليه جميع شرائح المجتمع المغربي، سواء في المدارس أو في الجامعات.. أو حتى لمتعة القراءة. خالد الصمدي (رئيس المركز المغربي للدراسات والأبحاث التربوية) لهذه الأسباب طالبنا بإلغاء اعتماد رواية «محاولة عيش» كعضو اشتغلت في اللجنة الوطنية للبرامج والمناهج التربوية، كنا قد اشتغلنا كفريق من خلال معيارين كبيرين، هما الميثاق الوطني للتربية والتكوين، ثم مواصفات المتعلم الواردة في الكتاب الأبيض.. وكلاهما ينص بشكل صريح على التربية على القيم وتنمية الكفايات. وفي شق التربية على القيم فإهما ينصان على القيم الدينية و الوطنية. وتأسيسا على هذين المبدأين اشتغلنا على إعداد البرامج والمناهج. وفي هذه الحالة كل ما يمكن أن يناقض هذه المعايير لا ينبغي أن يقرر للتدريس. ثانيا، هناك فرق بين الخطاب الموجه للمتعلمين، والكتابة الموجهة لعموم القراء. فالموجهة للمتعلمين مفروض أن تخضع للمعايير العلمية والتربوية المنصوص عليها في هذه الوثائق الرسمية. أما الكتابات الموجهة للعموم، فالحكم فيها يعود للقارئ. تأسيسا، مرة أخرى على ذلك ( مع احترامنا الكامل والكبير للروائي المغربي المرحوم محمد زفزاف الذي هو كاتب كبير، ترجمت رواياته إلى عدد من اللغات)، فإن قيمته الأدبية لا تعني بالضرورة أن تكون روايته « محاولة عيش » صالحة بالضرورة للتدريس وخاصة بالنسبة لتلاميذ في سن المراهقة، لا يزالون في حاجة إلى أدوات علمية وتربوية عليا توفر لهم الحس النقدي في قراءة مثل هذه الروايات. وهو ما لا يتوفر عند تلاميذ التعليم الإعدادي. مع الإشارة أنه في فرنسا، مثلا، رغم أنها معروفة بدعمها الكامل لحرية التعبير، إلا أنها تضع معايير صارمة في انتقاء ما يقدم للمتعلمين في المؤسسات التربوية. أحمد عصيد ( شاعر، عضو المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ).. الأدب يقاس بمعايير الجمال وليس الأخلاق المعيارية!! مشكلة الإسلاميين مع الأدب والفن، مشكلة مبعثها طبيعة مشروعهم السياسي، الذي يتلخص في السعي إلى فرض نمط من التدين على المجتمع والدولة بكاملهما. ويسقطهم هذا في ارتكاب خطأ الخلط بين الأدب والفن وبين الأخلاق المعيارية. حيث يقاس الأدب والفنون بميزان الأخلاق كما يتصورنه، في الوقت الذي يدخل فيه الأدب في مجال القيم الجمالية التي ترتبط بالذوق وتقاس بمعايير الجمال وليس بقواعد الأخلاق سواء كانت محافظة أو ليبرالية. ولو كانت الأخلاق هي معيار الأدب والفن، لمات هذان االأخيران منذ زمن، وجفت ينابيعهما منذ عهد بعيد. وآية ذلك أنهما لا يزدهران، إلا في مناخ الحرية وليس القهر أو الرقابة السياسية أو الأخلاقية. ومن الناحية البيداغوجية، أعتقد أنه من الواجب أن يعرف التلاميذ كل أنواع الأدب واتجاهاته ونزعاته من خلال برمجة المواد الأدبية التي تتم حسب اعتبارات بيداغوجية أدبية وليس حسب معيار أخلاقي أو سياسي. ولا يمكن انتقاء النصوص حسب منظور تيار أخلاقي أو ديني معين، لأنه ينبغي الفصل بين المجالات فصلا منهجيا حسب الإختصاص، وإلا أصبحت كل المواد التربوية داخلة تحت وصاية التربية الإسلامية وتحت رقابة المسجد. إن ما ينبغي حدفه من المقررات الدراسية، لأنه لا يتطابق مع روح المرحلة، التي نجتازها هو مجموعة من مضامين الكتب الدراسية الخاصة بمادة التربية الإسلامية كمثل تلك التي تتعارض مع مضمون مدونة الأسرة بعد تعديلها، وتلك التي تعمل على تحقير الأديان الأخرى، وأهل الكتاب. وكذا تلك التي تدعو إلى تطبيقات العقوبات الجسدية القاسية، كمثل الرجم بالحجارة وقطع الأيدي، إلى غير ذلك من المضامين الغريبة عن الأهداف البيداغوجية العصرية. إن معركة الإسلاميين ضد الأدب والفن، هي مؤشر واضح، لفشلهم في السياسة. فهم يعملون بين الفينة والأخرى، على إثارة الزوابع الفنجانية حول قضايا الأخلاق والقيم معتقدين بذلك أنهم يثيرون اهتمام المجتمع ويقدمون أنفسهم كأناس طهريين، في الوقت الذي لا يقومون بأي دور فعلي في مجال الدفع بمسلسل الإنتقال نحو الديمقراطية والتحديث الإقتصادي والإجتماعي. وأود هنا، أن أحذر من مغبة تنازل السلطات التربوية عن المعايير البيداغوجية العلمية لصالح تيارات التطرف الديني، لأن ذلك من شأنه أن يفاقم تأزيم منظومتنا التربوية، لأن شغب هؤلاء لن يتوقف عن أية حدود. مما يؤذن في حالة الإستجابة لهم إلى تحويل نظامنا التعليمي العصري إلى ما يشبه المدرسة العتيقة. وأدعو في النهاية إلى ضرورة تشكيل جبهة مشكلة من القوى المدافعة عن الحريات والحامية للمشروع الديمقراطي، لكي تقف في وجه هذا المد السلفي الذي يعمل على إشاعة إيديولوجيا مستوردة لا تتطابق مع السياق الوطني ومع الطموح المغربي العام، نحو التحديث والدمقرطة. عبد النبي دشين ( قاص، عضو الإئتلاف المغربي للثقافة والفنون ) في انتظار استنكار العزوف عن القراءة ظل مطلب إدراج نصوص مغربية ضمن المقررات المدرسية مسعى لطالما دافع عنه عدد من الغيورين عن الابداع المغربي ، الذي استشعر في لحظات غبنا ازاء الابداع المشرقي الذي استطاع ان يسد الخصاص الحاصل في المجال , لدرجة ترسخت معها لدى الناشئة المتعلمة قناعة مؤادها ان الابداع لايمكن ان ياتي الا من الجهة الاخرى ,مما عمل على تغريب المبدع المغربي عن متلقيه ووسم الابداع المغربي بسمة الدونية امام الابداعات الاخرى ,بل احيانا نصدم عندما يواجهنا المتعلمون متسائلين :هل يوجد مبدعون مغاربة ؟ في ظل هذا الوضع عمل بعض الاساتذة والمؤطرين التربويين على اقتراح مؤلفات وانتقاء نصوص مغربية لادراجها ضمن المقررات الجديدة في سياق التحولات التي عرفتها المنظومة التربوية ببلادنا ,وهكذا بدانا نؤسس لمرحاة التصالح بين التلميذ المغربي ومبدعيه لحظتها انتبه الكل الى قيمة الرموز الابداعية التي اغنت درسنا الادبي ::محمد برادة ,عبد الله العروي احمد المجاطي عبد الفتاح كيليطو الميلودي شغموم عز الدين التازي الصديقي برشيد وقبلهم عبد الكريم غلاب مبارك ربيع خناثة بنونة في المرحلة الثانوية التاهيلية ,وبالنسبة للمرحلة الثانوية الاعدادية اقترحت المؤلفات التالية : «رجوع الى الطفولة» لليلى ابو زيد، «الساحة الشرفية» لعبدالقادر الشاوي، «طوق الحمامة» لعبد الله شقرون، «اساطير معاصرة» لمحمد الكغاط، «محاولة عيش» لمحمد زفزاف , تجدر الاشارة الى ان ادراج مادة المؤلفات جاء بناء على المذكرة 105 في موضوع دراسة المؤلفات الخاصة باللغة العربية في السنة الثالثة من التعليم الثانوي الاعدادي ليتم تدريسها خلال حصص النصوص المسترسلة بهدف تعزيز النشاط القرائي ودعم تفاعل التلاميذ مع نصوص طويلة لتمهيرهم وتعويدهم على فعل القراءة في افق اعدادهم للمرحلة الثانوية التاهيلية والجامعية ,لذلك حرص من اوكلت لهم مهمة اقتراح النصوص على اختياراتهم بما يمكن من تسليط الضوء على تجارب مختلفة، من منطلق ان اقراء عمل ادبي ما يستهدف تنمية كفايات متعددة لعل ابرزها الكفاية الثقافية والمنهجية وفي حضور الكفاية الاولى وجب التمييز بين مستويين بين الشخص كمعطى جاهز في الواقع وبين الشخصية وحمولتها التخييلية الرمزية التي تحيل على ظواهر سوسيوثقافية ينبغي مناقشتها بتصورات تربوية وسيكلوجية تمد المراهق وهو في مرحلة الالتباس بنقط ضوء تنير الطرق امامه . لذلك فالوقوف على بعض حوارات النصوص واجتزائها من سياقها العام من شانه ان يشوش على التلقي الموضوعي وان يحيزها ضمن خانة ضيقة يصعب معها ادراك وظيفتها في تقويم سلوك ما ودرء كل ما من شانه ان على خلق حوار انتقادي للظواهر ,لان اقرار درس المؤلفات جاء ضمن تصور شمولي للعملية التربوية ,فقد راهن استنادا لمقاربة المنهاج المندمج على اختيار التربة على القيم. اذ تم التركيز في منهاج اللغة العربية على مجموعة من القيم والمواقف نشير الى بعضها : - اتخاذ مواقف ايجابية تجاه قضايا ثقافية وحضارية واجتماعية وكونية. - قبول الاخرين من خلال الانفتاح على قيمه واحترام خصوصيته. - تقوية روح النقد الذاتي والموضوعي لديه. انه رهان على جعل المتعلم متشبعا بروح نقدية محاورة للنصوص والشخوص. وبذلك تصير شخصيات النصوص المتخيلة تعلة بيذاغوجية لفتح هذا النقاش ولبلورة هذه الروح النقدية ,ولااعتقد ان كل المربين الذين يسهرون على اعداد هذه المقررات لايمتلكون تلك الحاسة النقدية والغيرة الاخلاقية على الناشئة ,ان مناقشة حوارات مجتزاة من متن روائي وتاطيره برؤية لاتتحرى الدقة والنقاش الهادىء في مواضعه ستجعلنا نعيد النظر في كل النصوص التي صارت انسانية وتتلمذ عليها كل من ير ى فيها مفسدة للاخلاق من غيران تفسد اخلاقه. فكيف سنتعامل مع سجل القصيدة العربية الجاهلية :نصوص امرىءالقيس في افتتانه بالمراة وما يحف بالعلاقة بها، بل كيف يمكن تسمية التحول الذي انجزه ابو نواس في العصر العباسي حين استبدل المقدمة الطللية باخرى خمرية، كيف يمكن الانذكر خمارة البلد في بيته الشعري ؟وغيرها من اوصاف الصهباء وهل كل هؤلاء ونصوصهم هم المسؤلون عن تفشي ظاهرة تعاطي المخدرات والانحراف في المجتمع عامة وبين المراهقين خاصة؟. ان سماع شكاوي السادة الاساتذة عن عزوف التلاميذ عن القراءة بل حتى المؤلفات المقترحة للامتحانات غالبا ما ينصرف عنها التلاميذ الي النصوص المازية المحللة. ان مثل هذه العادات وغيرها تعد اولوية في تاملنا لوضعية القراءة بمدارسنا ,فالارقام المخجلة التي تستقى من استبيانات ودراسات في سوسيولوجيا القراءة تجعلنا ندرك حجم الكارثة التي تتهدد وجدانا الجمعي ,لذلك نحيي المبادرة التي اعلنت عنها مديرية الكتاب بوزارة الثقافة من اجل وصع خطة وطنية لدعم القراءة والتي نعتبر أنفسنا جميعا مدعوين لمساندتها ودعمها ولعل الاعلام أهم واجهة لتحقيق هذا الدعم , نتمى أن نفكر في استنكار حالة العزوف عن القراءة التي وصلنا اليها واعتبارها حالة لاانسانية ولم لا أخلاقية