"المراقبة الإلكترونية" أو "القيد الإلكتروني" أو "السوار الإلكتروني" هي أسماء لواحدة من آليات بدائل الاعتقال الاحتياطي، التي استجدت بها مسودة قانون المسطرة الجنائية التي أعدتها وزارة العدل، حيث ضمتها إلى باقي مقتضيات "الوضع تحت المراقبة القضائية". وتطرقت المسودة للمراقبة الإلكترونية في الباب التاسع "الوضع تحت المراقبة القضائية والاعتقال الاحتياطي" من القسم الثالث "التحقيق الإعدادي"، إذ أوضحت في المادة 1-174 منه أن المراقبة الإلكترونية "تتم بواسطة قيد إلكتروني يوضع بمعصم المعني بالأمر أو ساقه أو على جزء آخر من جسده بشكل يسمح برصد تحركاته داخل الحدود الترابية التي يحددها له قاضي التحقيق". وبخصوص المتهمين الأحداث، أوضحت المسودة أنه "يمكن وضع الشخص الحدث تحت هذا التدبير شريطة موافقة وليه أو المقدم عليه أو وصيه أو كافله أو حاضنه أو الشخص المعهود له برعايته". وأشارت المسودة إلى أن المواصفات التقنية للقيد الإلكتروني وشكليات وضعه يحددها نص تنظيمي، في حين يعهد لضباط الشركة القضائية بوضع القيد الإلكتروني على جسد المتهم وتتبعه، كما يمكن لهؤلاء الضباط الاستعانة في هذه العملية بذوي الاختصاص. وأضافت المسودة في المادة 2-174 أن "محضرا بهذه العملية ينجز ويوجه إلى قاضي التحقيق الذي يضمه إلى ملف المعني بالأمر، كما يحرر ضابط الشرطة القضائية المكلف بوضعه عملية المراقبة الإلكترونية، تقارير يرفعها إلى قاضي التحقيق كلما دعت الضرورة إلى ذلك أو إذا طلبها هذا القاضي". ويمكن لقاضي التحقيق أن يخضع المعني بالأمر بناء على طلبه للتحقق من تأثير القيد الإلكتروني على صحته "المادة 3-174". وفي هذا الصدد، قال الأستاذ سعيد معاش، محام بهيئة المحامين بالدارالبيضاء، إن القانون الحالي ورغم تشديده على كون "الاعتقال الاحتياطي والمراقبة القضائية تدبيرين استثنائيين"، إلى جانب تأكيده على "تحسين ظروف الحراسة النظرية والاعتقال الاحتياطي، وإحاطتهما بإجراءات مراقبة صارمة من طرف السلطة القضائية"، إلا أنه رغم ذلك فإن أعداد المعتقلين احتياطا في السجون المغربية عرفت ارتفاعا ملحوظا سنة بعد أخرى. وأبرز المحامي، في تصريح ل"الصحراء المغربية" أن ما سبق دفع المشرع المغربي إلى التفكير في مراجعة المنظومة العقابية في القانون الجنائي من خلال اعتماد مجموعة من بدائل الاعتقال الاحتياطي مثل القيد أو السوار الإلكتروني، وكذلك الغرامة اليومية، والعمل لأجل المنفعة العامة، وتقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية. واعتبر المتحدث أن المشرع المغربي يسعى من خلال هذه التعديلات إلى ترشيد الاعتقال الاحتياطي من خلال مجموعة من التدابير، مثل تحديد الحالات الموجبة للاعتقال الاحتياطي، وسن إمكانية الطعن في شرعية قرار الاعتقال الاحتياطي، وتقليص مدده في الجنايات من سنة إلى 8 أشهر، ووضع بدائل موسعة له كاستعمال تدابير الوضع تحت المراقبة القضائية. وعن نظام المراقبة القضائية، قال معاش إن "مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديد الذي أشتغل عليه 3 وزراء عدل سابقون إلى جانب الوزير الحالي نظم نظام المراقبة القضائية من خلال المواد 160-161 ومواد أخرى حيث تنص المادة 74 من المشروع على أنه كلما تعلق الأمر بجنحة معاقب عليها بالحبس فلوكيل الملك أن يتخذ في حق المتهم تدبيرا أو أكثر من تدابير المراقبة القضائية وفق ما هو منصوص عليه بالمادة 161، وما بعده من قانون المسطرة الجنائية، كما أنه جعل اللجوء للاعتقال الاحتياطي لا يتم إلا في حالة عدم كفايتها". وفي هذا الإطار، أكد عضو هيئة المحامين بالبيضاء أن المراقبة الإلكترونية تعتبر وجها من وجوه هذا التوجه حيث تنص المادة 174-1 من المشروع على تدبير المراقبة الإلكترونية بواسطة سوار إلكتروني بشكل يسمح برصد تحركاته داخل الحدود الترابية وفق ما يحدده قاضي التحقيق، وهو تدبير لا يطبق إلا على الأشخاص البالغة أعمارهم 18 سنة فما فوق، هذا السوار الإلكتروني يوضع برجل أو يد المتهم، وذلك بأمر من القاضي المختص، ويتصل مباشرة بجهاز إلكتروني لدى السلطة القضائية المعنية، ويسمح بتتبع تحركات المتهم، ومعرفة مكان وجوده". وذكر المحامي بمقترح قانون سبق وتقدم به الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة (من موقعه في المعارضة سابقا)، ويقضي ب"التعويض عن أضرار الاعتقال الاحتياطي في حالتي عدم المتابعة والبراءة، وأيضا من حكم عليهم بعقوبات أقل مما أمضوه خلال فترة الاعتقال الاحتياطي"، مضيفا أن المقترح نص أيضا على أحقية المحكومين بالبراءة ممن كانوا موضوع مقرر قضائي بالاعتقال الاحتياطي، وأصبح أمر الإفراج عنه نهائيا، بالمطالبة بالتعويض الشامل والمنصف عما لحق به من أضرار مباشرة مادية ومعنوية ومهنية". وأكد المحامي أن "السياسة العقابية الكلاسيكية اليوم أصبح لها انعكاسات سلبية على المجتمع، لذا فإن اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي في المشروع الجديد يكون في حالة الاعتراف النهائي بارتكاب الجريمة، أو حين يشكل الشخص خطرا على النظام العام، أو إذا كانت الأفعال خطيرة، أو كانت الوسائل المستعملة في ارتكاب الفعل خطيرة"، موضحا "سيكون على القاضي تعليل سبب الاعتقال الاحتياطي، وإنه بالإمكان الطعن في شرعية الاعتقال في أجل يوم واحد". من جانبها، قالت نجوى كوكوس، برلمانية ومحامية متدربة ورئيسة منظمة شباب حزب الأصالة والمعاصرة، إن هناك تقدما كبيرا على مستوى تشريع القوانين المغربية، معتبرة أن تضمين مسودة قانون المسطرة الجنائية ل "المراقبة الإلكترونية" يدخل في إطار العقوبات البديلة للاعتقال الاحتياطي في الجرائم الجنحية. وتعتقد كوكوس، في تصريح للجريدة، أن "المشرع المغربي راعى في إحداث بدائل الاعتقال وضمنها القيد الإلكتروني أو السوار الإلكتروني الذي سيكون وضعه مصاحبا بأداء غرامات مادية عوض العقوبة الحبسية الزجرية، ضمن مسودة مشروع هذا القانون، البعد الحقوقي والقانوني والإنساني في ظل ارتفاع أعداد نزلاء السجون"، موضحة أن "اعتماد هذه الآلية البديلة من شأنه، من جهة، أن يؤدي إلى خفض عدد المعتقلين بالسجون المغربية، فضلا عن تخفيف الأعباء المادية عن الدولة المرتبطة بالسجون"، ومن جهة ثانية، "يتماشى مع سياسة ترشيد الاعتقال الاحتياطي وتسيير وتدبير السجون على المستوى الوطني".