في الوقت الذي أصيب أشخاص ملقحون ضد فيروس كورونا المستجد لمرات متتالية بالوباء، هناك أشخاص لم يصابوا قط بعدوى كوفيد-19 رغم مخالطتهم أشخاصا مصابين بالفيروس، هل هي مسألة حظ أم أن الأمر مرتبط بعوامل تمنع إصابة هؤلاء بالفيروس، هذا ما سيوضحه لنا البروفسور سعيد المتوكل، عضو اللجنة العلمية لتدبير الجائحة. يقول الطبيب المختص في الإنعاش إن هناك احتمالات عديدة تفسر مقاومة بعض الأشخاص ضد الإصابة بالفيروس، من ضمنها فعالية المناعة الفطرية التي ولد بها هؤلاء في مواجهة دخول فيروس سارس كوفيد لجسمهم، حيث إنها تشمل العديد من المواد البيولوجية كالكريات الدموية البيضاء وخلايا أخرى تمنع دخول أي فيروس كيفما كان إلى الجسم. وتتمثل الفرضية الثانية حسب البروفسور المتوكل وجود مضادات الأجسام طبيعية GIA التي تكون في الجيوب الأنفية وتقوم بتحييد الفيروس والقضاء عليه ومنع ولوجه إلى جسم الإنسان. من ناحية ثانية، أوضح المتوكل في تصريح ل"الصحراء المغربية"، أن هناك عاملا جينيا قد يجعل بعض الأشخاص محصنين طبيعيا ضد الفيروس المستجد، حيث إن المتنوعات الجينية للجهاز اللاقط للبروتين الشوكي لفيروس كوفيد، يمنع التصاق هذا الأخير بالمستقبل ACE2 الذي يسمح بدخول الفيروس للجسم، مشيرا إلى توفر تقريبا 30 في المائة من السكان على هذه المكونات الجينية. وإلى جانب ما ذكر سابقا، أضاف المتحدث ذاته إلى إمكانية اكتساب الأشخاص المعنيين مسبقا بالمناعة ضد فيروسات أخرى كالحصبة وفيروسات الزكام، والتي تتشابه تركيباتها الجينية مع التركيبة الجينية لفيروس كورونا المستجد، موضحا أن الإصابة بالفيروسات المذكورة يسمح للجسم بتصنيع مضادات الأجسام قادرة على التفاعل بسرعة أكبر مع الفيروس التاجي ومنعه من الدخول إلى جسم الشخص وإصابته بالوباء. وأشار البروفسور المتوكل في معرض حديثه ل"الصحراء المغربية" إلى دور اللقاح المضاد للسل BCG، الذي يكسب الإنسان مناعة مقاومة للعديد من الفيروسات من ضمنها الفيروس التاجي، وهذا ما يفسر حدة اجتياح الوباء لدى سكان آسيا الصغرى والأمريكية الشمالية وأوروبا أو ما يعرف بالإثنية القوقازية، ولم يضرب الفيروس بالحدة نفسها سكان إفريقيا وبعض المناطق الأسيوية منذ بداية الجائحة، مما يعني أن العوامل الاثنية قد تكون مرتبطة كذلك بمقاومة بعض الأشخاص لفيروس كورونا المستجد. وبالرغم من تحصين بعض الأشخاص من الوباء الفتاك، لا يجب الاستهانة بالتدابير الاحترازية والالتزام بتقوية المناعة بالإقبال على اللقاحات المضادة للفيروس التاجي، لا سيما الجرعة المعززة، والاعتماد على نمط غذائي سليم وممارسة الرياضة.