بادر عبد الصمد ببناء مدرسة وتجهيزها بدوار آيت عيسى التابع لجماعة اغيل امكون بتنغير بالجنوب الشرقي للمغرب، لمحاربة الهدر المدرسي وتوفير تعليم جيد لأطفال القرية النائية والمعزولة بحكم قساوة المناخ ووعورة المسالك بها. عبد الصمد تاغدا المتحدر من إحدى القرى الجبلية النائية والمحيطة بقلعة مكونة بالجنوب الشرقي للمغرب، لم يختبر الطفولة بمعناها الحقيقي، واضطر في سن العاشرة للاشتغال كمنظف بأحد النزل التي تستقبل السياح من أرجاء المعمور لتوفير قوت يومه بعد أن فقد والده في سن الخامسة، الأمر الذي جعله يتغيب عن متابعة تعليمه بالمدرسة الوحيدة والبعيدة عن قريته الصغيرة. بعد معاناة قاسية وحرمان كبير ألقاه القدر في حضن امرأة فرنسية والتي وجدت في الطفل الأمازيغي شوقا للتعلم واكتشاف الحياة، فقررت التكفل به وتربيته وإعطائه الفرصة لمواصلة تعليمه الابتدائي، كان هذا الأمر حافزا لعبد الصمد البالغ لمساعدة أطفال آخرين يعيشون الظروف نفسها التي عاشها في صغره، وبادر بإنشاء مدرسة بقرية آيت عيسى النائية والتي تعيش عزلة تامة عن المجال الحضري بحكم الطبيعة الجبلية المنتمية لها وبسبب التساقطات الثلجية التي تشهدها المنطقة خلال فترة الشتاء، ما يجعل التلاميذ يمنعون من الوصول إلى المدارس ويجنحون إلى التوقف عن متابعة دروسهم. يقول عبد الصمد في حديثه ل"الصحراء المغربية"، إنه قرر بناء المدرسة وتجهيزها مستقبلا بمدفآت ومكتبة وصالة للعرض وحجرة خاصة بالمعلم، لمنح أطفال القرية الجبلية المعزولة الفرصة لمواصلة التعلم في ظروف جيدة، وذلك امتنانا لكل الأشخاص الذين منحوه الدعم حين كان صغيرا، مضيفا أن التعليم بالنسبة له أفضل وسيلة لهؤلاء الصغار للتغلب على قساوة الحياة والحصول على مستقبل أحسن. بناء المدرسة لم يكن أمرا سهلا بالنسبة لعبد الصمد الذي يمتهن الإرشاد السياحي، حيث صعبت وعورة المسالك وبعد المسافة وتساقط الثلوج أحيانا من إيصال معدات البناء، غير أن دعم السلطات المحلية وسكان القرية ساهم في إنشاء المؤسسة التعليمية التي شيدت من الطين بدلا من الاسمنت الذي لا ينسجم مع طبيعة المنطقة، وحتى يفتخر أبناء القرية بانتمائهم الجغرافي. وكشف ابن الجنوب الشرقي ل"الصحراء المغربية" في معرض حديثه أن مساعدة أصدقائه وبعض المحسنين ساهم في توفير الموارد المالية التي سمحت للمدرسة بالخروج إلى الوجود، حيث قام بمعية أصدقائه على بيع سترات صوفية من أجل استخلاص ثمنها لبناء المدرسة وتجهيزها بمعدات لاستقبال أطفال دوار آيت عيسى المنعزل ومساعدتهم على مواصلة تحصيلهم العلمي. ويطمح عبد الصمد في مواصلة مسيرته في بناء سلسلة من المدارس بالقرى الجبلية والمعزولة بالجنوب الشرقي في محاولة منه لتقديم الشكر والاعتراف بعرفان من ساعده صغيرا.