حث المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، وهو يدلي برأيه في مشروع مرسوم 2.21.125 بتغيير وتتميم المرسوم 2.04.89 الصادر في يونيو 2004 بتحديد اختصاصات المؤسسات الجامعية وأسلاك الدراسات العليا وكذا الشهادات الوطنية المطابقة، على ضرورة الإسراع باستكمال ورش الإصلاح البيداغوجي للتعليم العالي في شموليته، بالنظر إلى جسامة التحديات التي يتعين رفعها من أجل جامعة تتيح الارتقاء الفكري للطلبة وانفتاحهم وتكيفهم مع محيط دائم التحول وإعدادهم لعالم المستقبل. وقد انصب رأي المجلس في مشروع هذا المرسوم على المقتضيات التي تنظم سلك الباكالوريوس، خاصة ان مشروع دكتوراه" المعتمدة بمؤسسات التعليم العالي ذات الولوج المفتوح، بإضافة سلك جديد "الباكالوريوس" يوازي الإجازة لكنه يختلف عنها في مجموعة من محددات تنظيمه البيداغوجي. ولتدقيق وإغناء مقتضيات مشروع المرسوم، قدم المجلس عددا من الاقتراحات إلى جانب توصياته، تتعلق أساسا ببعض محددات التنظيم البيداغوجي، والتي يمكن استثمارها من أجل تدقيق واستكمال التصور المتعلق بالإصلاح البيداغوجي لهذا الطور من التعليم. وفي هذا الصدد، أوصى المجلس بإدراج مقتضيات تنظيمية تحدد ترابط وتكامل أسلاك التعليم العالي من جهة، ومن جهة ثانية تنظم المرحلة الانتقالية بين سلك الإجازة والسلك الجديد الذي سيعوضها بتحديد المدة الزمنية التي ستعتمد من أجل تعميم الإصلاح وشروط نقل المكتسبات بالنسبة للطلبة الراغبين في تغيير مسارهم الدراسي، والشروط الضرورية للانتقال الكلي إلى النظام الجديد. ويرى المجلس أن انتقال بعض نواقص التعليم المدرسي إلى التعليم العالي خاصة بالنسبة للمكتسبات اللغوية وبعض المعارف والكفايات الأساسية والعرضانية، يشكل إحدى الصعوبات أمام تحقيق أهداف الإصلاح البيداغوجي بالتعليم العالي، معتبرا أن مباشرة إصلاح سلك الإجازة لا يمكن أن يتم دون أن يشمل تصور مخرجات سلك الثانوي التأهيلي في إطار عملية بيداغوجية منسجمة. ومن هذا المنطلق أوصى المجلس، بتحديد أسّ مشترك من المعارف والكفايات، التي يجب اكتسابها في سلك الثانوي، والتي تنبني عليها المسالك الجامعية، والاستناد إليها في تحديد المواصفات اللازمة لولوج مسالك الباكالوريوس، وإرساء ضوابط تحدد المواصفات اللازمة لولوج مسالك الباكالوريوس حسب المجالات المعرفية التي تشكل قاعدة عمليات الانتقاء والتوجيه، واعتماد نظام للتوجيه والانتقاء لولوج مسلك الباكالوريوس. كما اقترح المجلس، إعادة النظر في تمديد مدة الدراسة بهذا المسلك، وبتدقيق تنظيم السنة الدراسية وفصولها بتجانس ما بين مقتضيات المرسوم والضوابط البيداغوجية، مشيرا إلى أن مشروع دفتر الضوابط البيداغوجية يحدد برمجة دورات التقييم في آخر السنة بدل آخر الفصل، مما يثير تساؤلات حول أسباب ودواعي هذا التغيير، وما إذا كان التنظيم في فصول سيستبدل بتنظيم سنوي. وحول ملاءمة مسارات الباكالوريوس مع حاجيات ومتطلبات الحياة المهنية، أوصى المجلس بإدراج مقتضيات تنظيمية تحدد هيكلة للأسلاك والشهادات الوطنية تتضمن بوضوح محددات وضوابط تمكن من ضمان ملاءمة مواصفات تكوين خريجي المنظومة مع متطلبات سوق الشغل، والاستجابة للحاجات التنموية للبلاد وتستحضر الملاءمة المستمرة بين التكوينات والتحولات الاقتصادية والاجتماعية للبلاد. ومن بين المقتضيات التنظيمية والضوابط البيداغوجية، أكد المجلس على ضرورة اعتماد مخرجات التعلم في إعداد وتقييم المسالك، إلى جانب التأكيد على ضرورة مساهمة الشركاء من المحيط الاقتصادي والاجتماعي في بلورة مواصفات الخريجين والمشاركة في تأطير الأشغال التطبيقية والتداريب الميدانية. كما أكد المجلس على الربط بين نتائج تتبع الاندماج المهني للخريجين والعرض التكويني للجامعات، وبلورة ضوابط تؤطر مسطرة اعتماد وإعادة اعتماد المسالك تأخذ بعين الاعتبار هذا المعيار، وإرساء آليات مؤسساتية لدى الجامعات للقيام، بصفة مستمرة، بمهام تتبع اندماج الخريجين ومد الجامعة ومكوناتها بنتائج الدراسات التي تقوم بها في هذا الشأن من أجل استثمارها في تطوير العرض التكويني وتحسينه. وفي ما يتعلق بولوج الحاصلين على الباكالوريوس للماستر، يرى المجلس أنه يجب إعادة النظر في اتساق هيكلة أسلاك التعليم العالي بما يحقق الوضوح في تكامل الأسلاك وتتابعها في مسار تكويني منسجم الأهداف والغايات، ينطلق من الباكالوريا وينتهي بشهادة الدكتوراه، ويحقق الجودة المرجوة في منظومة التعليم العالي. واقترح المجلس إغناء مشروع إصلاح سلك الإجازة بتدابير داعمة لإنجاح هذا الورش، والتي تتجاوز المستوى التنظيمي المحدد بمرسوم، وتتعلق أساسا باعتماد سياسة واضحة ومستديمة تهم استشراف الحاجيات لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الطلبة الوافدين على المؤسسات الجامعية، ومراجعة منظومة الانفتاح لولوج السلك الأول من التعليم العالي بمؤسسات الولوج المفتوح، وتدقيق برمجة الوحدات العرضانية من لغات أجنبية وكفايات حياتية وذاتية بما يمكن الجامعات من تفعيلها على أرض الواقع، واعتماد تغيير جذري في طرق التكوين في اللغات الأجنبية مع إرساء التناوب اللغوي، ووضع نظام للتوجيه وإعادة التوجيه يتم تفعيله قبل ولوج السلك، وتعزيز أكبر للاستقلالية البيداغوجية للجامعات.