نستشعر من خلال اتخاذ السلطات المغربية لإجراءات وقائية جديدة على مستوى مراقبة الحدود الجوية في المغرب، وجود مخاوف من تجدد ارتفاع مستويات انتشار عدوى فيروس كوفيد19، على هامش انتشار الموجة الوبائية الحالية في أوروبا. من موقع اختصاصكم وخبرتكم العلمية في مجال الأمراض الوبائية، كيف تنظرون إلى هذا القلق من تجدد الوباء فوق ترابنا؟
مما لا شك فيه أن هناك مخاوف من الوضعية الوبائية لانتشار فيروس كوفيد19 في بعض البلدان الأوروبية في الفترة الحالية، مثل ألمانيا، بلجيكا، بريطانيا وهولندا، حيث تأخذ عدد الحالات المصابة بالفيروس منحنى تصاعديا. بحكم العلاقات التي تجمعنا بهذه البلدان، والتي تربطنا بها خطوط جوية مباشرة، نجد أن قرار مراقبة الوافدين منها له أهمية بالغة في خفض عدد الحالات المحتمل حملها للفيروس إلى التراب المغربي، دون أن يعني ذلك أننا سنحد بشكل نهائي من انتقال الفيروس إلى الأراضي المغربية أو من وصول تلك الموجة الوبائية إلينا، حتى في حالات الإغلاق الجوي مع هذه البلدان.
ما هي السيناريوهات المتوقعة في حالة تأثرنا بالموجة الوبائية لكوفيد 19 في أوروبا؟ يجب أن نضع نصب الأعين أننا ما زلنا نعيش وضعية وبائية في المغرب تتسم باستمرار تسجيل حالات مؤكدة مصابة بعدوى كوفيد، تتراوح ما بين 150 و200 حالة يوميا. شخصيا، أتوقع حدوث موجة جديدة للوباء، تتسم بتكاثر عدد الإصابات بالفيروس في المغرب ما بين 4 إلى 6 أسابيع مقبلة. هذا مجرد توقع، وهو ما لا نرجو تحققه، صراحة، على أرض الواقع. الملاحظ، أن تجدد الموجة الوبائية في المغرب غالبا ما يحدث بعد فارق زمني يفصلنا عما يقع في أوروبا، والذي يمكن حدوثه خلال شهر أو شهرين في المغرب، في حالة عدم الحرص واليقظة الوبائية باحترام التدابير الاحترازية ضد الفيروس. هذه التوقعات أبنيها على التجربة السابقة، إذ عاشت أوروبا 4 موجات وبائية، تبنت السلطات المغربية خلال الموجة الأولى منها قرار فرض الحجر الصحي الكامل، ما ساعد على تفادي وقوع الانتكاسة جراء الوباء، ثم تبنت مرة أخرى قرار حالة الطوارئ بتقييد حركة التنقل الليلي ما بعد إفطار رمضان الماضي، الشيء الذي لعب دورا كبيرا في تفادي وقوع موجة وبائية في الوقت نفسه التي كانت تنتشر فيه موجة داخل أوروبا. هل يمكن تفادي هذه التوقعات فوق التراب المغربي؟ يمكن تفادي تأثرنا بالموجة الوبائية لأوروبا شريطة استباق وصولها إلى بلدنا من خلال الاستمرار في احترام الخطوات الوقائية البسيطة وذات الفائدة الكبيرة لوقف انتشار الفيروس، في مقدمتها ارتداء الكمامة بشكلها الصحيح واحترام مسافة التباعد الجسدي والحرص على تنظيف اليدين بالماء والصابون وتعقيمهما بالمحلول الكحولي. مع الأسف، نلاحظ تراخيا في احترام هذه القواعد البسيطة بمجرد تراجع الحالات المؤكدة. إلى جانب ذلك يجب تسريع وتيرة التلقيح ضد كوفيد 19، والزيادة في عدد السكان الملقحين بشكل كامل، لبلوغ المناعة الجماعية سريعا. كل هذه الأمور لا تعني أننا لن نسجل أي حالات مصابة بعدوى الفيروس، مادام باقيا بيننا، إلا أننا سنكون أمام حالات إصابات خفيفة، لا تتطلب استشفاء في المستشفى، ونادرا ما سيجري تسجيل حالات خطيرة أو حرجة التي تتطلب الاستشفاء في أقسام العناية المركزة أو الإنعاش. كل هذه الأمور تساعد المنظومة الصحية من خلال المحافظة على قدرة المستشفيات على استقبال تلك الحالات الحرجة، المحتملة وتوفير التكفل الطبي الذي تحتاجه سواء في الإنعاش أو العناية المركزة.
ما هي السيناريوهات الممكنة في حالة وصول الموجة الثالثة إلى المغرب؟ مما لا شك فيه، أنه في حالة ما إذا تزايدت الحالات المصابة، ستضطر أجهزة الدولة المختصة إلى اتخاذ قرارات، قد لا تعجب البعض، مثل العودة إلى فرض الحجر الصحي أو حالة الطوارئ الصحية الموجهة لتقييد حركة التنقل الليلي وما بين العمالات. السيناريو الثاني، يسير في اتجاه عدم تسجيل إصابات خطيرة أو حرجة بالعدوى، ودون تسجيل وفيات كثيرة لوجود مؤشرات تبعث على الشعور بالتفاؤل بخصوص الوضعية الوبائية في المغرب. لحسن حظنا أننا نعيش فترة انخفاض عدد الحالات المصابة بكوفيد19، وارتفاع عدد السكان الملقحين، إذ أن أكثر من 65 في المائة أخذوا الجرعة الأولى وما يقارب 60 في المائة استفادوا من الجرعتين.