لوحظ في الأيام الأخيرة تباطؤ وتراجع مضطرد في الأرقام اليومية المسجلة الخاصة بوتيرة عملية التلقيح خاصة لدى المستفيدين من تلقي الجرعة الأولى من اللقاح ضد فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19». وعن هذا الموضوع، قال الدكتور مولاي سعيد عفيف، عضو اللجنة العلمية والتقنية للقاح المضاد لكوفيد- 19، إن هذا التراخي تؤكده الأرقام، وذلك عندما نلاحظ أن الذين تلقوا الجرعة الأولى من اللقاح تعدى عددهم 865 ألف ملقح ما بين 21 و31 أكتوبر المنصرم، في حين وصل فقط إلى 84 ألفا ما بين 1 و5 نونبر الجاري». ووصف الدكتور عفيف هذا التباطؤ في عملية التلقيح ب «الكبير جدا» وأن ذلك من شأنه أن يؤخر هدف الوصول إلى المناعة الجماعية. من جانبها، أكدت الدكتورة خديجة لحرارتي، المسؤولة عن مركز التلقيح سيدي بليوط بالدارالبيضاء، على تسجيل تراجع في عملية التلقيح، مستغربة هذا التأخير في الوقت الذي يتوفر المغرب على أنواع متعددة من اللقاحات ضد كوفيد- 19 بمراكز التلقيح، والتي يمكن تلقيها بشكل مجاني، فضلا عن وضع مجموعة من التدابير من أجل تشجيع المواطنين على التوجه نحو هذه المراكز وتلقي جرعاتهم من اللقاح. ولمعرفة أكثر الأسباب الكامنة وراء هذا التراجع الملاحظ، قال الدكتور الطيب حمضي، الباحث والخبير في السياسات والنظم الصحية، إن «هذا التراخي في عملية التلقيح بعد ما شهدته هذه الأخيرة من وتيرة متسارعة عقب قرار إلزامية الإدلاء بجواز التلقيح يشكل سلوكا بشريا بحثا كما هو الحال بالنسبة لتطور الوباء». وأوضح الخبير قائلا «في البداية نمر من مرحلة عدم الثقة في ما يتعلق باحترام الإجراءات والتدابير الصحية المتعلقة بالوقاية من الوباء وهو ما يمكن معه احتواءه، ثم ندخل مرحلة بداية الاطمئنان ومعه يكون التراخي ما يؤدي إلى عودة الأزمة». وأشار حمضي إلى أن «هذا يفسر جزئيا الموجات التي يمر منها الوباء وينطبق الشيء نفسه على عملية التلقيح»، معتبرا أن «عملية تسارع التلقيح كانت طبيعية في البداية مع دخول إلزامية الإدلاء بجواز التلقيح حيز التنفيذ ثم أعقبتها عملية التراخي». السبب الثاني لهذا التراخي، يقول الدكتور حمضي، يكمن في سوء الفهم من طرف بعض المواطنين للمرونة المرتبطة بالتطبيق الميداني لقرار إلزامية الإدلاء بجواز التلقيح. وفي هذا الصدد، أوضح أن تنفيذ عملية التلقيح ميدانيا بكل القرارات المصاحبة لها، لا سيما تعميم الجرعة الثالثة، يتطلب صرامة على أرض الواقع من أجل تسهيل الحياة للمواطنين. علاوة على ذلك، وفي إطار هذه المرونة، يشير الدكتور حمضي إلى بعض الإجراءات المصاحبة، لا سيما إصدار جواز للتلقيح مؤقت بالنسبة للأشخاص الذين تلقوا جرعتهم الأولى من اللقاح، قائلا «للأسف عندما تكون هناك مرونة في تنفيذ قرار أو قانون، فإن التراخي يبدأ بسرعة لأن الرسالة يتلقاها المواطن بشكل خاطئ ويعتقد أنها أبدية»، معتبرا أن «المرونة يجب أن تكون في إصدار القانون وليس في تطبيقه». والسبب الثالث الذي لا يقل أهمية عن السبب الأول والثاني، يقول حمضي «يتجلى في بث الشكوك والتشويش على عقول الناس بأفكار خاطئة ورسائل كاذبة عن المضاعفات التي تواكب تلقي جرعات اللقاح»، وبالنسبة لحمضي فإن ذلك «كان له تأثير سلبي على فئة المواطنين الذين لم يتم تلقيحهم بعد». وبالعودة للدكتور مولاي عفيف، أكد أن «إلزامية الإدلاء بجواز التلقيح لم يكن قرارا للحد من الحريات الفردية بقدر ما كان لحماية المغاربة خاصة ضد موجة جديدة محتملة للوباء». وأصر الدكتور عفيف على أهمية خلق مناخ من الثقة مع المواطنين وتذكيرهم بأن التلقيح يقلل من مخاطر الإصابة بأشكال خطيرة من المرض التي يمكن أن تؤدي إلى الوفاة». وفي هذا السياق، شارك معنا الدكتور حمضي بعض النصائح للتراجع عن هذا التراخي من بينها: ∎ ضرورة خلق جسر من التواصل المستمر مع المواطنين واعتماد «جواز التلقيح» في الأنشطة غير الأساسية وتعميمه تدريجيا على الأنشطة الأخرى. ∎ اعتماد تدابير التخفيف تدريجيا للأشخاص الملقحين خاصة في الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية مع ربط ذلك باعتماد «الجواز الصحي» وإعطاء معنى وقوة لهذه الوثيقة الصحية. ∎ فك الارتباط في الوقت الراهن بين فعالية «جواز التلقيح» بتلقي الجرعة الثالثة مع مراعاة تطور الوضع الوبائي في الأسابيع والأشهر المقبلة على المستويين الوطني والدولي.