بموازاة التخوف والغموض اللذين أضعفا إقبال المواطنين على الحقنة الثالثة خلال اليومين الأولين، تؤكد آراء علمية، على عدم وجود أي ضرر على صحة الملقحين ضد كورونا بحقنة ثالثة من لقاح مختلف عن اللقاح المأخوذ في الحقنتين الأولى والثانية. ويتعزز هذا الطرح بوجود دراسات تؤيده، ودول عدة لجأت لهذا الإجراء فعليا. في هذا السياق، قال محمد بنعزوز، المسؤول عن البرنامج الوطني للتلقيح، إنه من الممكن أن يختلف اللقاح المأخوذ في الحقنتين الأولى والثانية عن لقاح الجرعة الثالثة، وهذا إجراء يمارس في العديد من الدول. وأشار في تصريح ل"العلم"، إلى وجود دراساتٍ أظهرت أن اختلاف لقاح الجرعة الثالثة، خاصة عندما نتحدث عن استعمال كل من لقاحي "سينوفارم" و"فايزر"، ليس له أي عواقب تذكر.
وقال الطيب حمضي، الطبيب الباحث في السياسات والنظم الصحية، إذا أردنا الحديث عن الحقنة الثالثة من اللقاح المضاد لكوفيد-19، فيجب التطرق إلى ذلك من نواحٍ طبية وعلمية ووبائية ومناعية.
واستحضر تجارب علمية في عدة دول تعطي نظرة عن الموضوع، وهي تجيب عن أسئلة من قبيل: لماذا يجب أخذ حقنة ثالثة من اللقاح، وهو سؤال له أسباب عديدة منها أن المتقدمين في السن وأصحاب الأمراض المزمنة لا تكون لديهم استجابة كاملة مع اللقاحات باختلاف أنواعها بالنظر لضعف مناعتهم، ثانيا ظهور متحورات كوفيد-19 وخاصة ديلتا الذي ينقص من فعالية اللقاحات، وكما أظهرت الدراسات أنه من بعد 6 أشهر على أخذ الإنسان اللقاح تبدأ مضادات الأجسام في التراجع شيئا فشيئا، رغم وجود مناعة أخرى تدافع عن الجسم.
وأشار الباحث ذاته، إلى إمكانية خلط اللقاحات في برامج التلقيح بناء على دراسات، مثل تلك التي أجريت على لقاحي "أسترازينيكا" و"فايزر"، وهو قرار راجع للدول واللوجستيك والمتوفر من اللقاحات. وأشار إلى أن الآثار الجانبية للحقنة الثالثة بسيطة ولا تختلف عن الحقنتين الأولى والثانية من اللقاح المضاد لكورونا، مثل الألم الموضعي، حمى خفيفة..
وكشف المتحدث معطى مهما هو أن 99,5 في المائة، من الأشخاص الذين يتوفون نتيجة الإصابة بكوفيد-19 غير ملقحين، وبينما 05 في المائة المتبقية تهم المسنين وأصحاب السمنة ونحوها، مشددا في تصريح ل"العلم"، على أن هذه أسباب كافية لإعطاء جرعة ثالثة من اللقاح لاكتساب مناعة أكبر ضد الفيروس.
وفسر حمضي، أن الحقنة الثالثة خصصت للأشخاص الذين يعانون من عوامل الاختطار، مثل الأشخاص فوق 65 سنة، وأصحاب الأمراض المزمنة، والأشخاص المعرضون أكثر لخطر الفيروس مثل مهنيي الصحة، والتعليم والسجون والأمن، وذلك على الأقل لستة أشهر بعد الجرعة الثانية.
التوجه نفسه، ذهب فيه عضو اللجنة العلمية للتلقيح ضد كورونا، سعيد عفيف، الذي قال إنه لا مشكل في الجمع بين نوعين مختلفين من اللقاحات على المستويين المناعي والعلمي.
وقال رئيس الجمعية المغربية للعلوم الطبية، في تصريح ل"وكالة المغرب العربي للأنباء"، "حسب المتاح من اللقاحات، يمكن إعطاء الشخص الذي تلقى جرعتين من لقاح (أسترازينيكا)، جرعة ثالثة إما من لقاح (سينوفارم)، أو (فايزر) والعكس صحيح، لذلك على المستويين المناعي والعلمي ليس هناك أي مشكل".
وذكر عفيف، أن الفئات المستهدفة بالحقنة الثالثة هم الأشخاص الأكثر عرضة للعدوى بالفيروس التاجي، والمعرضون للخطر، ويتعلق الأمر أساسا بأشخاص تم تلقيحهم في بداية الحملة قبل 6 أشهر، وهم "كبار السن، والمصابون بأمراض مزمنة، والموجودون في الخطوط الأمامية من العاملين في قطاعي التعليم والصحة أو أفراد الأمن ".
واعتبر المتحدث، أن قرار إعطاء حقنة ثالثة جاء بعد أن لاحظت اللجنة العلمية الوطنية للتلقيح تراجع المناعة لدى الأشخاص الذين تم تلقيحهم قبل 6 أشهر، مضيفا "لقد لاحظنا أن هؤلاء الاشخاص وإن كانوا تلقوا جرعتين من اللقاح، يمكن أن يصابوا بالمرض وللأسف يصل البعض منهم إلى العناية المركزة. ومن أجل حمايتهم، تم اتخاذ هذا القرار على أساس علمي".
وتابع أن الحقنة الثالثة، تهم فئات أخرى من الساكنة، مشددا على أنه "سيتم مناقشة الأمر داخل اللجنة العلمية، استنادا إلى المعطيات العلمية في جميع أنحاء العالم".
وقال عفيف إن اللجنة العلمية الوطنية للتلقيح "تجتمع بشكل أسبوعي وتناقش كل المستجدات"، مشيرا إلى أن عملية تلقيح الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 5 و11 سنة استبعدتها اللجنة من جدول الأعمال، وأكدت بناء على العناصر العلمية المتاحة، على ضرورة انتظار دراسات أخرى للبت في هذه القضية.
وأشار الخبير ذاته، إلى أن اللجوء إلى حقنة رابعة أو خامسة مستبعد في الوقت الراهن، مضيفا أن "هذا الفيروس علمنا ما يمكن تسميته بالتواضع العلمي، إذ نتعلم يوما بعد يوم، وأسبوعا بعد آخر... لذلك لا يمكن الحديث اليوم عن الجرعة الرابعة أو الخامسة ".
أما بالنسبة للأشخاص الذين تلقوا جرعة واحدة من اللقاح، مثل جونسون، يؤكد الدكتور عفيف، فإنهم معنيون أيضا بعملية التلقيح هذه ويجب أن يستوفوا شرط مرور 6 أشهر على تلقي الجرعة الأولى.
من جهة أخرى، أكد الخبير أنه لن يطرأ أي تغيير على جواز التلقيح، مشيرا إلى أن هذا الأخير يمنح بناء على تلقي جرعتين، وأن الأشخاص الذين حصلوا على الجرعتين يمكنهم التنقل باستخدام الجواز.