لاحظ عدد من المتتبعين زيادة عامة في أسعار المواد الغذائية أو غير الغذائية، أو حتى الخدمات المقدمة في المغرب منذ عدة أسابيع. ما أثار تساؤلات المستهلكين حول الأسباب الرئيسية التي تقف وراء هذه الزيادة، وأيضا المدة التي ستستغرقها حتى تتراجع أو على الأقل استقرارها وعدم مواصلتها لمنحاها التصاعدي. يرى يوسف رشيد، أستاذ جامعي بجامعة الحسن الأول بسطات، أن «الأسعار قد تنخفض في المستقبل القريب إذا انخفضت أسعار النفط العالمية نتيجة لزيادة إنتاج النفط. وإذا كانت الظروف المناخية مواتية، أيضا، لتحقيق محاصيل عالمية كافية والتي تلبي الطلب». وذكر رشيد في تصريح ل «الصحراء المغربية» أن تقريرا لمنظمة الفاو أشار في وقت سابق من هذا الشهر إلى أن أسعار المواد الغذائية العالمية ارتفعت بأكثر من 30 في المائة مقارنة بالعام الماضي، موضحا أن المواد الغذائية التي شهدت ارتفاعا في الأسعار من بين مواد أخرى هناك الحبوب والزيوت النباتية. وأضاف الخبير الاقتصادي أن المغرب يشهد حاليا زيادة في أسعار المنتجات الغذائية وغير الغذائية. ف «المغرب مستورد للحبوب والتجهيزات لمختلف قطاعاته الاقتصادية (النشاط الصناعي والعقاري، إلى غير ذلك). لهذا يتأثر تلقائيا بهذا الارتفاع في الأسعار الدولية». وأفادت وزارة الفلاحة أن «أسعار بعض المواد قد تعرف بعض التقلبات العادية، وهي ظاهرة روتينية وطبيعية في هذه الفترة من السنة التي تعد فترة انتقالية بين نهاية الزراعات الصيفية وبداية دخول إنتاج البواكر». وسجل يوسف رشيد أنه في بداية عام 2020 لوحظ انخفاض طفيف في الأسعار بسبب الحجر الصحي والإجراءات الاحترازية المصاحبة، مشيرا إلى أن ذلك أثر على الإنتاج العالمي للمواد الخام الفلاحية. «كما أن عدد القوى العاملة الزراعية، خاصة تلك التي تقوم بمهام مثل زراعة الأراضي وجني المحصول قد تقلص». وعزا رشيد الأسباب الرئيسية لهذه الزيادة في الأسعار إلى 4 عوامل لخصها في «ما بعد الحجر الصحي الناتج عن كوفيد 19 ورفع الإجراءات الاحترازية؛ وأيضا إلى الانتعاش الاقتصادي ومخصصات الميزانية التي تخصصها الحكومات لتنفيذ المشاريع التي تخلق فرص عمل وتشجع استهلاك الأسر. بالإضافة إلى سبب آخر يكمن وراء هذه الزيادة العالمية هو «الانتقال الطاقي الذي يمر به العالم كله والتوجه نحو الطاقات المتجددة. ف «هذه الأخيرة تتطلب استثمارات في التجهيزات المناسبة المنتجة من المعادن، ومن ثم الزيادة في أسعارها على نطاق عالمي مثل الكوبالت والليثيوم». أما العامل الرابع فيتجلى في «تأثير الزيادة في أسعار النفط بعد الانتعاش الاقتصادي بعد كوفيد 19 أيضا على تكلفة إنتاج ونقل المنتجات الغذائية». وهو الاتجاه ذاته الذي ذهبت إليه وزارة الفلاحة التي عزت ارتفاع أسعار الحبوب والمواد الأولية على المستوى الدولي إلى الإطلاق المتزامن لخطط الإنعاش الاقتصادي وما سببه من تسريع لوتيرة الطلب العالمي على المواد الأولية، وكذا ارتفاع أسعار الطاقة الذي أدى إلى ارتفاع في كلفة النقل والشحن والإنتاج، فضلا عن سوء الأحوال الجوية ببعض مناطق العالم مما أدى إلى انخفاض الإنتاج الموجه للتصدير. وتوقع بنك المغرب، أيضا، ضغوطا قوية على أسعار المستهلك، في سياق يتسم بارتفاع أسعار منتجات الطاقة وتعافي الطلب المحلي وزيادة التضخم المستورد. وهذا يتماشى مع توقعات الأسر (بحسب المندوبية السامية للتخطيط) خلال الفصل الثالث من سنة 2021، التي صرحت 87,5 في المائة منها أن أسعار المواد الغذائية قد عرفت ارتفاعا خلال 12 شهرا الأخيرة، وتتوقع 73 في المائة منها استمرارها في الارتفاع خلال 12 شهرا المقبلة. لكن إلى متى سيستمر المستهلكون في المعاناة من هذه الزيادة في الأسعار؟ بالنسبة للخبير الاقتصادي أن الأمر يبقى رهينا بانخفاض أسعار المنتجات البترولية، وأيضا تحقيق محاصيل عالمية تلبي الطلب.