هو ممثل مسرحي وسينمائي سطع نجمه في العديد من الإنتاجات الفنية العالمية، فشارك في أفلام أمريكية وألمانية، وإسبانية وكندية، وأخرى من جمهورية التشيك، وشارك في مسلسلات درامية عربية، انطلاقا من مسلسل "صقر قريش" و"ملوك الطوائف"، و"عمر"، إلا أنه غاب عن الإنتاجات الفنية الوطنية، باستثناء مشاهد بسيطة في بعض "الستكومات". إنه الفنان حاتم عبد الغفور، أستاذ اللغة الإنجليزية الذي حرص على مواصلة مساره الأكاديمي إلى جانب عشقه للفن السابع، فبصم على ماستر في الدراسات التواصلية باللغة الإنجليزية. عن سر غيابه عن الساحة الفنية المغربية ومشاريعه الفنية المقبلة، وعن الخطوط الحمراء التي يضعها لنفسه في السينما والتلفزيون، كان ل"الصحراء المغربية" مع حاتم عبد الغفور الحوار التالي.
شاركت أخيرا في فيديو كليب للفنان حاتم إيدار، ما الذي شجعك على خوض هذه التجربة علما أن مشاهد دورك ستكون قليلة بالنظر إلى قصر مدة الأغنية المصورة؟ مشاركتي في الفيديو كليب جاءت بطلب من المخرج هشام عين الحياة، المقيم بالديار السويسرية، وهو صديق لي، والواقع أن أغلب مشاهد الفيديو كليب هي عبارة عن مقتطفات من فيلم قصير للمخرج نفسه، شاركت فيه إلى جانب مجموعة من الأسماء الفنية من بينها رفيق بوبكر ونبيلة حرفان، ورشيدة حراق وآخرين. ويحمل الفيديو كليب المنتظر أن يرى النور شهر نونبر المقبل تصورا سينمائيا بعيدا عن الطابع الكلاسيكي للأغاني المصورة. ومن المنتظر أن يتحول الفيلم القصير الذي ذكرت إلى شريط مطول سيعرض على منصة البث التدفقي "نيتفليكس".
كيف كانت تجربة تصوير الفيديو كليب؟ ما أؤكده أن الحماس والطاقة الإيجابية شكلتا دافعا لتقديم الأفضل من طرف الطاقم الفني والتقني، فالكل كان متضامنا وداعما للفنان حاتم إيدار ومع هذا المشروع الفني لإطلاقه في أفضل حلة ممكنة، رغم الصعوبات الإنتاجية.
يسألونك دائما عن سبب غيابك عن الإنتاجات الفنية الوطنية مقارنة مع حضورك في أعمال أجنبية، فهل هذه المشاركة في أفلام عالمية شكلت سببا في صعوبة اختيارك لأدوار محلية ربما أقل أهمية؟ الواقع أنني لا أتلقى عروضا وطنية في الأصل، رغم أنني أحرص على التواصل مع مخرجين مغاربة في لقاءات فنية سينمائية أو مهرجانات وطنية، سواء بشكل مباشر أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولا أخفيك أنني أجهل مكمن الخلل. أتأمل دائما في الفرق بين مخرجين عالميين من فرنسا وأمريكا، وروسيا وإسبانيا وغيرها، يرتكزون في اختياراتهم للممثل على المصداقية والاحترافية، وأسعد بانتقائي من قبلهم من بين مجموعة من الممثلين الذين يجرون عملية الكاستينغ مغاربة وأجانب، وبين مخرجينا المغاربة الذين يكتفون بتكرار التعامل مع وجوه مألوفة تطل كل سنة عبر التلفزيون أو حتى السينما. أفسر هذه الظاهرة بعدم تحلي المخرجين المغاربة بالجرأة والشجاعة للبحث عن وجوع فنية جديدة تتمتع بالكفاءة في التشخيص والأداء والموهبة المطلوبة لتشكل إضافة للعمل الدرامي، وهو الأمر الذي ينعكس على قيمة العمل ككل، فهناك أعمال سينمائية لا تملك المواصفات لتجاوز الحدود والحصول على فرص العرض في مهرجانات عالمية، مع وجود استثناءات وأبرزها المخرج المغربي نبيل عيوش.
ماهو تقييمك للعمل الدرامي والسينمائي المغربي؟ على مستوى التلفزيون شهدت الأعمال الدرامية أخيرا تنوعا في طرح المواضيع وجودة في التصوير خاصة مع بداية التعاون الفني مع قناة "إم بي سي5" في الجانب الإنتاجي، وبشكل عام أرى أن العمل الجيد هو الذي يجب أن تتوفر فيه شروط المصداقية سواء أثناء عملية الكاستينغ واختيار الممثل المناسب للدور المناسب، أو المصداقية في الكتابة والنظرة الإخراجية، إلى جانب المصداقية في صرف الميزانيات التي تأخذ من المال العام، بالكامل على العمل الفني، دون إهدارها في أمور ثانوية لا علاقة لها به. وأؤكد أن القطاع الفني بالمغرب يحتاج إلى ولادة صناعة سينمائية لا تعتمد بالدرجة الأولى على تنفيذ الإنتاج في أعمال تدعمها الدولة عبر المركز السينمائي المغربي أو القنوات المغربية، فعند بروز منتجين يستثمرون أموالهم الخاصة في السينما ستغيب العشوائية والمغامرة بسيناريو رديء أو ممثلين يفتقرون للكفاءة. وأفتخر أنني اشتغلت في أفلام سينمائية أجنبية صورت بميزانيات مفتوحة لثقة منتجيها في السيناريو وفريق العمل التقني والفني وفي المشروع الفني ككل.
هل تعتبر نفسك مهمشا في الساحة الفنية الوطنية؟ عندما أشاهد ما يعرض من الإنتاجات الفنية الوطنية أتساءل أحيانا: ألا يوجد مكان لي فيما يعرض من أعمال درامية وسينمائية، علما أن أدوارا مهمة تسند إلي من قبل مخرجين سوريين وعالميين، بعد عملية كاستينغ أتبارى فيها مع فنانين مغاربة. الشعور الأكبر الذي يخالجني هو الإحراج، خاصة عندما أحضر مهرجانات وطنية ويؤكد لي البعض أنه لا يعرفني، لأنني لا أشارك في أعمال تعرض في قنواتنا المغربية.
بعد مشاركاتك العديدة في إنتاجات عربية وعالمية، هل أنت مستعد للبدء من الصفر وقبول أدوار ثانوية في أعمال فنية محلية، وهل تؤمن فعلا أن هناك أدوار صغيرة وأخرى كبيرة؟ لا أؤمن أن هناك دورا صغيرا وآخر كبيرا، بل هناك ممثل صغير وممثل كبير، لا أقيس حجم الدور بعدد مشاهده، بل بمدى تأثيره في القصة وبالتالي في المتلقي، فأنا أثق في إمكانياتي مهما كان الحيز الزمني في الدور الذي أجسده.
أنت أيضا أستاذ اللغة الإنجليزية في الثانوي التأهيلي، هل كان لتكوينك الأكاديمي الفضل في حصولك على أدوار أجنبية؟ عندما يسألونني عن اهتمامي بالمجال الأكاديمي أقول إن حاتم عبد الغفور عملة ذات وجهين، وجه أكاديمي وآخر فني، وبالفعل منحني التكوين الأكاديمي الإضافة والفرق سواء خلال مرحلة الكاستينغ وأثناء التواصل مع مخرجين ومنتجين أجانب، أو على مستوى التعامل مع السيناريو وتحليل الشخصيات وسبر أغوارها.
ما الذي تعلمته من هؤلاء المخرجين خلال فترة اشتغالك معهم؟ حقيقة تعلمت الكثير من نجوم كبار أمثال نيكولاس كيدج، وسورفي كينغ فليي، وتوم هولاند الذي يجسد شخصية "سبايدر مان"، تفاجأت بحجم التواضع الذي يتحلون به، وتعلمت قيمة التواصل، والمصداقية وحب العمل، والالتزام والتنظيم وهي أمور في رأيي تشكل أعمدة فقرية لنجاح أي عمل.
كنت من الفنانين المشاركين في البرنامج العربي "أراب كاستينغ"، كيف كانت التجربة وما الذي استفدته من البرنامج؟ مشاركتي في البرنامج كانت عن طريق الصدفة، فمن خلال بحثي عن مشاريع فنية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، صادفت صفحة "أراب كاستينغ" وأرسلت لهم سيرتي الذاتية اعتقادا مني أنهم يجرون عمليات كاستينغ للراغبين في المشاركة في أعمال درامية عربية دون أن أعرف أن الأمر يتعلق ببرنامج لاكتشاف المواهب في التمثيل. اتصل بي بعد ذلك فريق العمل للمشاركة في البرنامج، ولم أمانع في خوض التجربة على اعتبار أنها فرصة ستتيح لي تحقيق نوع من الانتشار، خاصة أن البرنامج يعرض على أكثر من قناة عربية من بينها أبوظبي تي في، وmtv اللبنانية والنهار المصرية، لكن فور وصولي إلى لبنان فوجئت أنه يجب علي التوقيع على عقد سيلزمني في حال اجتيازي المرحلة الأولى من المنافسة بإبرام عقد احتكار لمدة 5 سنوات، فرفضت الأمر لكن فريق الإنتاج تشبث بمشاركتي بدعوى أنهم تكبدوا مصاريف سفري من المغرب إلى لبنان، وكنت آخر مشارك وقع على العقد بعد أن علمت أنه في حال عدم عبوري المرحلة الأولى من البرنامج سأعود أدراجي إلى المغرب دون عقد احتكار، فحرصت على ألا تختارني لجنة التحكيم من خلال مجموعة من المواقف، علما أن ظروف تصوير الاختبارات لم تكن مواتية أبدا، علما أن المشهد الذي قدمته أمام اللجنة التي ضمت باسل ياخور وقصي وغادة عبد الرازق كان في وقت متأخر بعد انتظار لساعات، واستغليت نقاش هؤلاء الفنانين حول قبولي في المرحلة المقبلة من البرنامج لأعلن انسحابي. وعلى العموم أعتبرها تجربة إيجابية، طرقت فيها باب الجمهور العربي وحاولت إبراز جانب من شخصية الممثل المغربي، وهو ما برز لاحقا من خلال تضامن عدد كبير من المشاهدين.
بما أنك تشارك في أعمال أجنبية عالمية التي توقف تصويرها بسبب جائحة كورونا، هل كان لذلك تأثير سلبي عليك بالفعل؟ بالفعل كان تأثير كورونا كارثيا على الإنتاجات الفنية خاصة الأجنبية التي أعمل بها، فبعد توقف حركة الطيران ورفض شركات التأمين إبرام عقود مع طاقم العمل نظرا للظروف الصحية السائدة، توثقت أيضا عجلة التصوير الأجنبي ولم أصور أي عمل في تلك الفترة، وكان آخر عمل صورته قبل أسبوع على انتشار فيروس كورونا بالمغرب هو فيلم أمريكي بعنوان "تشيري" مع طوم هولند، وهو فيلم عرض في القاعات السينمائية الأمريكية.
ماذا عن جديدك الفني وهل هناك أفلام شاركت فيها لم تعرض بعد في القاعات؟ صحيح، هناك أفلام لم تعرض بعد، من بينها فيلم مغربي بعنوان "sound of berberia" لمخرجه طارق الإدريسي، ابن مدينة الحسيمة الذي يعيش في إسبانيا، كنت أتمنى أن يرى النور على أمل أن يتعرف علي الجمهور المغربي أكثر من خلاله، والفيلم يشكل سفرا من أجل الموسيقى مع التركيز على الإيقاعات الأمازيغية بشكل خاص.
تحدث عن نبيل عيوش، هل تتطلع للعمل مع هذا المخرج رغم ما تثيره بعض أفلامه من جدل؟ أنا منفتح على كافة التجارب الفنية التي ستشكل إضافة لمساري الفني، لكني أقيد اختياراتي الفنية بخطوط حمراء تعكس قناعاتي الشخصية بمستوى الأدوار التي أرغب في تقديمها. وأنا دائما أحرص على قراءة السيناريو بتمعن قبل الموافقة على العمل، وتجسيد الأدوار التي ستفرض احترامي للمتلقي ولشخصي.
ماهي هذه الخطوط الحمراء؟ على سبيل المثال لا يمكنني المشاركة في أعمال فنية مخلة بالحياء أو تقديم مشاهد تتطلب العري، كما لا يمكنني تقديم إنتاجات فنية تختلف مع أفكاري وقناعاتي.