جرى، نهاية الأسبوع الماضي بمراكش، استعراض تفاصيل تهيئة بناية بنك المغرب الذي انشأ في مطلع القرن العشرين، وسط ساحة جامع الفناء القلب النابض لمراكش، لتحويله إلى متحف للتراث اللامادي من أجل تعزيز البنية الثقافية والحضارية للمدينة الحمراء، وذلك خلال اجتماع تميز بحضور الأطراف المعنية بهذا المشروع الثقافي. وخلال هذا الاجتماع، تم الإعلان عن انتهاء أشغال تهيئة بناية بنك المغرب، خلال شهر أبريل المقبل، ليكون فضاء جاهزا ويصبح متحفا للتراث اللامادي لاستعراض حكاية ساحة جامع الفناء التي تمتد لسبعة قرون حتى يومنا هذا، ومراحلها الفارقة، بالإضافة إلى معرض لوحات من ماجوريل سيتم نقلها من متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر إلى هذا الفضاء. ويهدف هذا المشروع، الذي يندرج في إطار تنفيذ اتفاقية التعاون الموقعة في أكتوبر الماضي بين المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو)، والمؤسسة الوطنية للمتاحف، إلى الرفع من مستوى الوعي العام حول الثقافة اللامادية التي يحملها الفنانون المحليون (الحكواتيون، والشعراء، والموسيقيون، والممثلون، والراقصون، والبهلوانيون) ، وتحويل الرأس المال الثقافي إلى رأس مال اقتصادي وسياحي والحفاظ على التراث وتعزيزه والتجديد في الممارسات المحلية. وحضر هدا اللقاء كل من المهدي قطبي رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف، وكريم قسي لحلو والي جهة مراكش -آسفي، وعبد العزيز الادريسي مدير متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، وسليمة أيت امبارك محافظة متاحف مراكش. وجاء اختيار بناية هذه المؤسسة المالية التي ظلت تؤدي خدماتها إلى وقت قريب، بالنظر إلى شكل البناية وموقعها المتميز في ساحة جامع الفناء وخصوصياتها وهندستها المعمارية، بالإضافة إلى الحمولة الثقافية والتاريخية والإنسانية لساحة جامع الفناء، التي خصت هذا الفضاء بمكانة فريدة، ليس فقط بالنسبة للتراث الثقافي لمدينة مراكش، ولكن أيضا لرمزية المكان ومكوناته كتراث وطني وعالمي. وسيشكل هذا الفضاء الثقافي أيقونة لحفظ ذاكرة مدينة مراكش وساحتها التاريخية التي أعلن عنها تراثا شفويا ولاماديا من قبل اليونسكو سنة 2001، كما سيمنح حياة جديدة لمدينة مراكش ويعزز مكان اختيارها، فضلا عن تأثيرها على المستوى الدولي. وفي هذا الصدد، قال محمد الإدريسي مدير متحف التراث اللامادي، أن هذا الفضاء سيتناول ذاكرة ساحة جامع الفناء وسنحاول من خلال هذا المعرض تقديم جزء من الهيكلة الجماعية لجامع الفناء ومراكش بشكل عام، وسيشكل فرصة للانفتاح على العديد من الفنون التي تنصهر في تناغم تام مع ما تختزنه ساحة جامع الفناء حظيت باعتراف منظمة اليونسكو. من جانبه، أوضح المهدي قطبي رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف، أن المتحف سيعرض روح ساحة جامع الفنا ويعكس الجانب التاريخي والوضع الحالي للساحة الأسطورية، مشيرا الى أن المتحف سيعرض أيضا الأعمال الفنية التي جعلت ساحة جامع الفناء مشهورة، بفضل المبادرة التي بدأها محمد المليحي وفريد بلكاهية وغيرهما. ويعد هذا المشروع، الذي سينضاف إلى شبكة المتاحف عبر تراب المملكة، التي حظيت بدعم العديد من الشركاء من الخواص والمؤسسات الوطنية والمنظمات الدولية المهتمة بالثقافة والثراث، ثمرة شراكة بين ولاية جهة مراكش-آسفي، والمجلس الجماعي للمدينة، وبنك المغرب، والمؤسسة الوطنية للمتاحف، ويحظى بدعم منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة، ومؤسسة نفيسة فارما 5.