أعطيت، أمس الأربعاء بمراكش، انطلاق أشغال تهيئة بناية بنك المغرب الذي انشأ في مطلع القرن العشري، وسط ساحة جامع الفناء، لتحويله إلى متحف للتراث اللامادي من أجل تعزيز البنية الثقافية والحضارية للمدينة الحمراء، وذلك في إطار تنفيذ اتفاقية التعاون الموقعة في أكتوبر الماضي بين المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو)، والمؤسسة الوطنية للمتاحف. ويهدف هذا المشروع إلى الرفع من مستوى الوعي العام حول الثقافة اللامادية التي يحملها الفنانون المحليون (الحكواتيون، والشعراء، والموسيقيون، والممثلون، والراقصون، والبهلوانيون) ، وتحويل الرأس المال الثقافي إلى رأس مال اقتصادي وسياحي والحفاظ على التراث وتعزيزه والتجديد في الممارسات المحلية. وحضر هدا اللقاء كل من المهدي قطبي رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف ومولاي حفيظ العلمي وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، وسالم بن محمد المالك المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو)، وكريم قسي لحلو والي جهة مراكش -آسفي، ومحمد العربي بلقايد رئيس المجلس الجماعي لمراكش، وأحمد اخشيشن رئيس مجلس جهة مراكشآسفي. ومن المنتظر أن تستغرق أشغال هذه المعلمة التفافية ثمانية أشهر، لتنضاف إلى شبكة المتاحف عبر تراب المملكة، التي حظيت بدعم العديد من الشركاء من الخواص والمؤسسات الوطنية والمنظمات الدولية المهتمة بالثقافة والثراث. وجاء اختيار بناية هذه المؤسسة المالية التي ظلت تؤدي خدماتها إلى وقت قريب، بالنظر إلى شكل البناية وموقعها المتميز في ساحة جامع الفناء وخصوصياتها وهندستها المعمارية، بالإضافة إلى الحمولة الثقافية والتاريخية والإنسانية لساحة جامع الفناء، التي خصت هذا الفضاء بمكانة فريدة، ليس فقط بالنسبة للتراث الثقافي لمدينة مراكش، ولكن أيضا لرمزية المكان ومكوناته كتراث وطني وعالمي. وسيشكل هذا الفضاء الثقافي أيقونة لحفظ ذاكرة مدينة مراكش وساحتها التاريخية التي أعلن عنها تراثا شفويا ولاماديا من قبل اليونسكو سنة 2001، كما سيمنح حياة جديدة لمدينة مراكش ويعزز مكان اختيارها، فضلا عن تأثيرها على المستوى الدولي. وفي هذا الصدد، قال محمد الإدريسي مدير متحف التراث اللامادي، أن هذا الفضاء سيتناول ذاكرة ساحة جامع الفناء وسنحاول من خلال هذا المعرض تقديم جزء من الهيكلة الجماعية لجامع الفناء ومراكش بشكل عام، وسيشكل فرصة للانفتاح على العديد من الفنون التي تنصهر في تناغم تام مع ما تختزنه ساحة جامع الفناء حظيت باعتراف منظمة اليونسكو. من جانبه، أوضح المهدي قطبي رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف، أن المتحف سيعرض روح ساحة جامع الفنا ويعكس الجانب التاريخي والوضع الحالي للساحة الأسطورية، مشيرا الى أن المتحف سيعرض أيضا الأعمال الفنية التي جعلت ساحة جامع الفناء مشهورة، بفضل المبادرة التي بدأها محمد المليحي وفريد بلكاهية وغيرهما. بدوره، أكد سالم بن محمد المالك المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو)، أن إحداث متحف للتراث اللامادي بساحة جامع الفنا بالمدينة الحمراء، يشكل نقلة نوعية في تخليد التراث اللامادي للمملكة المغربية والذي يستفيد من الاهتمام الخاص لصاحب الجلالة الملك محمد السادس . وأشار المدير العام للإيسيسكو إلى أن هذه البنية الثقافية تجسيد للرؤية الجديدة للمنظمة المتمثلة في زيادة الاهتمام بالحفاظ على التراث في مختلف الدول الأعضاء.