تحدث البروفيسور عبدالله بادو، أستاذ باحث في علم المناعة بكلية الطب والصيدلة جامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء، في حوار مع "الصحراء المغربية"، عن الدراسة العلمية التي أنجزتها جامعة الحسن الثاني بشراكة مع جامعة محمد السادس لعلوم الصحة، على نسبة المناعة الجماعية لدى سكان جهة الدارالبيضاء سطات غير الملقحين. وكشفت الدراسة أن نسبة المناعة الجماعية لدى سكان الجهة بلغت 40 في المائة، وأن العينة التي تتحدث عنها الدراسة نفسها، هم الأشخاص غير الملقحين، وغير حاملين للفيروس. وأكد بادو أن الوصول إلى المناعة الجماعية يعتبر بإجماع العلماء والأطباء السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة. وأضاف الباحث في علم المناعة أن المستوى المطلوب للبقاء تحت عتبة المناعة الجماعية يعتمد على رقم تكاثر المرض المسمى ب"0 غ"، أي عدد الأفراد (غير الممنعين)، الذين يمكن أن يصابوا بالعدوى بعد الالتقاء بالفيروس، وكلما ارتفع معدل التكاثر كلما زادت النسبة المائوية للأشخاص الذين يجب تحصينهم.
كشفت دراسة علمية أنجزتها جامعة الحسن الثاني بشراكة مع جامعة محمد السادس لعلوم الصحة، أن نسبة المناعة الجماعية لدى سكان الجهة غير الملقحين، بلغت 40 في المائة، كيف يمكن معرفة نسبة الأشخاص الممنعين في جهة معينة؟ يمكن معرفة نسبة الأشخاص الممنعين ودراسة مضادات الأجسام التي ينتجها الجسم لإبطال مفعول الجسم، التي تكون خاصة بالفيروس spécifique، وللإجابة عن هذا السؤال فإننا أنجزنا دراسة في جهة الدارالبيضاء سطات بشراكة بين جامعة الحسن الثاني وجامعة محمد السادس لعلوم الصحة، وشملت عينة كبيرة من سكان الجهة مكونة من 250 ألف شخص تقريبا، من شهر يونيو 2020 إلى ماي 2021، أي مدة 12 شهرا. وأسفرت هذه الدراسة عن نتائج مهمة، إذ تبين في الموجة الثانية للجائحة، التي امتدت من خلال نتائجنا في جهة الدارالبيضاء من يوليوز 2020 إلى يناير 2021، عن ارتفاع في الحالات الجديدة من المصابين بالمرض، التي سجلت في شهري أكتوبر ونونبر. عند متابعة نسبة الأشخاص الذين تطورت لديهم مضادات الأجسام ضد الفيروس في هذه الفترة (نسبة المناعة الجماعية) تبين أن النتائج كانت لافتة جدا، إذ اكتشفنا زيادة تدريجية في هذه النسبة من يونيو 2020 إلى دجنبر 2020، وبعد ذلك استقرت نسبة المناعة الجماعية في 40 في المائة تقريبا، وظلت على هذا الحال على مدى الشهور الموالية إلى حدود نهاية دراستنا في ماي 2021، التي خلالها كان تطور وتكوين المناعة الجماعية في قمته عندما كانت حركية الفيروس وانتقاله بين الأشخاص كبيرة، وذلك مع حدوث الموجة الثانية من الجائحة، وبعد ذلك استقرت النسبة في 40 في المائة بعد انتهاء الموجة الثانية وتضاؤل حركية وانتقال الفيروس بين الأشخاص. العينة التي نتحدث عنها هنا، هم الأشخاص غير الملقحين، وغير الحاملين للفيروس، ويمكن أن نستخلص من هذه الدارسة أن المناعة الجماعية لسكان جهة الدارالبيضاء سطات بلغت نسبة 40 في المائة تقريبا، خلال الموجة الثانية. وهنا أقول، إذا قمنا بتعميم مثل هذه الدراسة في مختلف الجهات، سيمكننا دراسة الوضعية المناعية لكل جهة على حدة، وبالتالي العمل على بلورة استراتيجية تمكننا من بلورة وتسريع وتيرة حملة التلقيح، وبالتالي الاقتراب بسرعة أكبر من المناعة الجماعية. كيف يمكن ضمان الوصول إلى المناعية الجماعية؟ الوصول إلى المناعة الجماعية يعتبر بإجماع الأطباء والعلماء السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة، وبالفعل الوصول إلى نسبة مهمة وهي (70 إلى 80 في المائة) من الأشخاص المحصنين، من شأنها أن توقف حركية الفيروس شيئا فشيئا. والمناعة الجماعية هي النسبة المائوية لسكان معينين يتمتعون بالحصانة (محميين من العدوى) حين نصل إلى هذه النسبة، تصبح نسبة إمكانية نقل شخص مصاب بالمرض إلى شخص آخر ضئيلة جدا حسابيا، مما يؤدي إلى انقراض الوباء بشكل فعال، لأن العامل الممرض (الفيروس) يواجه العديد من الأشخاص المحميين. ويمكن الحصول على المناعة الجماعية عن طرق العدوى الطبيعية أو التطعيم (التلقيح). ماهي نسبة الأشخاص المحصنين الواجب توفرها لوقف انتشار الفيروس؟ يعتمد المستوى المطلوب للبقاء تحت عتبة المناعة الجماعية على رقم تكاثر المرض المسمى ب"0 غ"، أي عدد الأفراد (غير الممنعين)، الذين يمكن أن يصابوا بالعدوى بعد الالتقاء بالفيروس، وكلما ارتفع معدل التكاثر كلما زادت النسبة المائوية للأشخاص الذين يجب تحصينهم، على سبيل المثال "0 غ" للأنفلونزا الموسمية يحصر في رقم 2 أما فيروس "سارس كوف 2" في نسخته الأصلية يحصر في 3، ويمكن أن يصل إلى 4 أو أكثر مع المتحور ألفا (الإنجليزي)، أو مع المتحور دلتا (الهندي)، وبالتالي للحصول على المناعة الجماعية نحتاج إلى مناعة جماعية لدى 50 في المائة من الأشخاص بالنسبة لفيروس أنفلونزا و80 في المائة بالنسبة للمتغيرات الجديدة من فيروس"سارس كوف 2". بطبيعة الحال يجب أن تظل الحصانة المكتسبة فعالة مع مرور الوقت، فإذا لم يكن الأمر كذلك، يجب أن تكون الحاجة إلى تعزيزات عن طريق التلقيح، كلما استدعت الضرورة ذلك، أي كلما انخفضت المناعة الخاصة ضد الفيروس.