سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تقرير المجلس الأعلى يرصد صعوبات واختلالات في مجال التربية على القيم بالمنظومة التربوية عزيمان يدعو للتصدي الحازم للسلوكات اللامدنية المضرة بالفرد والجماعة
كشف تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي حول" التربية على القيم بالمنظومة الوطنية للتربية والتكوين والبحث العلمي" على جملة من الصعوبات والاختلالات على مستوى التربية على القيم، رغم المكتسبات التي حققتها المدرسة المغربية في هذا الجانب، على رأسها العمل ببرامج متعددة ومختلفة تفتقر إلى التنسيق وإلى اعتماد مقاربات إدماجية قائمة على ترصيد المكتسبات، ومحدودية الملاءمة المنتظمة لأغلب المضامين والوثائق المرجعية المقدمة للمتعلمين مع المستجدات التشريعية والمؤسساتية والمعرفية الحاصلة في البلاد وعلى الصعيد العالمي، مشيرا إلى أنه غالباً ما تتأخر المراجعات الضرورية للمقررات والمضامين الدراسية، التي تتم بشكل موسمي. كما وقف التقرير على التفاوت بين أهداف البرنامج الدراسي وواقع الممارسة التربوية في المدرسة، حيث يتم اختزالها في مجرد مادة دراسية، ونادراً ما يتم توظيفها في العلاقات الصفية والحياة المدرسية وسلوكات المتعلمين عموماً. وسجل التقرير، الذي قدم في لقاء تواصلي نظمه المجلس، أمس الأربعاء، بالرباط، التعارض وضعف الانسجام بين القيم والمبادئ التي تتمحور حولها المواد الدراسية ذات الصلة المباشرة بالقيم وبين المضامين الصريحة والمضمرة في مواد أخرى، مما يودي إلى تضارب في التمثلات واتجاهات السلوك لدى المتعلم، فضلا عن محدودية نجاعة الطرق التربوية المعتمدة، بسبب هيمنة ممارسات تعليمية غير ملائمة لأهداف التربية على القيم ولتنمية القدرات العملية وأهداف بناء الذات، لا سيما التركيز على شحن المتعلمين، بالمعلومات، واتسام العلاقة البيداغوجية أحياناً بالسلطوية والعنف. ورصد التقرير عدة إشكاليات تمثل تحديات كبرى أمام المدرسة المغربية وإزاء دورها في التربية على القيم، تتمثل في اتساع الهوة بين الخطاب حول القيم والحقوق والواجبات، وبين الممارسة الفعلية لها، بالنظر لاستفحال السلوكات المخلة بالقيم داخل المدرسة وفي محيطها، وتبني مؤسساتي لبرامج متتالية كبرى للتربية على القيم، مقابل ندرة أو شبه غياب التقييمات المنتظمة لهذه البرامج، مما يضعف سيرورات الإصلاح، ويكون سبباً في هدر الطاقات والإمكانيات، إلى جانب الرهان القوي على أدوار الفاعلين التربويين، مقابل ضعف تكوينهم الأساس والمستمر في مجال القيم والتربية عليها، وما له من آثار على ممارساتهم التربوية وانخراطهم في إنجاح الإصلاحات ذات الصلة، وتأكيد الأدوار الوازنة لمحيط المدرسة في التربية على القيم، مقابل محدودية قدرة المدرسة المغربية على تنمية الشراكات في هذا الشأن، خصوصا في علاقة بتنمية أدوار الحياة المدرسية والجامعية، في علاقة بمشروع المؤسسة. وانطلاقا من هذا التشخيص لواقع التربية على القيم بالمنظومة التربوية، أوصى المجلس الأعلى في المدى القريب، بوضع برنامج عمل وطني وجهوي، وعلى صعيد كل مؤسسة للتربية والتكوين والبحث، يتضمن التدابير والإجراءات الكفيلة بتفعيل المقترحات والتوصيات المتضمّنة في هذا التقرير، بمختلف مستويات المنظومة الوطنية للتربية والتكوين والبحث العلمي، مع الإشراك الفعلي للفاعلين التربويين والاجتماعيين، والاجتهاد في ابتكار الأساليب المناسبة للتفعيل، مع استثمار أول فرصة سيتم فيها إجراء مراجعة للمناهج والبرامج، لإدماج مقترحات هذا التقرير حول التربية على القيم ضمن المناهج والبرامج المقبلة. كما أوصى المجلس بإعداد ميثاق تربوي تعاقدي وطني للتربية على القيم مؤطر للتدابير التربوية والشراكات، وبلورة إطار مرجعي عام لمنظومة القيم المستهدفة ومجالات التربية عليها، وتنويع المقاربات والأساليب في تفعيل المقترحات والتوصيات، مع مراعاة تكاملها وانسجامها وتعزيز أدوار الرصد والتقييم المنتظم. وقال عمر عزيمان في كلمة بمناسبة تقديم هذا التقرير إن " التربية على القيم تُسائل اليوم بإلحاح مجتمعنا، وتسائل بحدة على الخصوص دور المؤسسات التأطيرية والتربوية وفي مقدمتها المدرسة". وأكد عزيمان على الضرورة القصوى لتملك منظومة القيم التي وضعها الدستور 2011 وعرفها بدقة ووضوح، والعمل عل ترسيخها في سلوكات الأفراد والجماعات والمؤسسات. كما أكد على الدور المركزي الموكول للمدرسة في القيام الأمثل بإحدى وظائفها الجوهرية المتمثلة في التنشئة الاجتماعية المبكرة للمتعلمات والمتعلمين. ودعا عزيمان إلى تكاثف جهود الجميع، لا سيما المؤسسات التربوية من أجل التصدي الحازم للسلوكيات اللامدنية المضرة بالفرد وبالجماعة، التي ما فتئت تتنامى في بعض فضاءات المجتمع، وداخل مؤسسات التربية والتكوين بجميع مستوياتها، من قبيل عدم الانضباط وعدم احترام مهام المسؤولين وعدم احترام الآخر، والغش، والعنف والتحرش، والإضرار بالملك العام وبالبيئة.