ويعتبر الملتقى الثاني، حسب اللجنة التنظيمية، مناسبة للتعريف بالموروث التراثي والثقافي، الذي يجسده هذا الفن، الذي يختزل مقومات الثقافة المغربية ومظاهر حياتها الأصيلة عبر توظيف آليات عدة للغة الشعرية في تناغم مبدع مع الآلات الموسيقية والمقامات وأصوات المنشدين، مع توظيف ألوان الحكي والحوار والوصف والتشخيص والإبحار في الخيال المبدع للصور التشبيهية والإيحائية. ويندرج الملتقى الثاني، حسب المصدر ذاته، في إطار المبادرات الرامية إلى تحسين المحيط الثقافي وتحصينه، وكذا التعريف بهذا الفن الأصيل، واكتشاف المواهب الصاعدة وذلك من أجل المحافظة وصيانة فن الملحون، واعتبارا للقيمة التي تكتسيها حاضرة المحيط في الوجدان المغربي لكونها تعد مهدا لهذا الفن العريق. وقدمت الجمعية الأحمدية في مدح خير البرية وصلات فنية متنوعة جمعت ما بين فن الملحون والطرب الوجداني من جهة، والسماع الصوفي المغربي الأصيل الذي يتميز بطبوعه ومقاماته المتفردة، من جهة أخرى. وتميزت المقطوعات الفنية، التي قدمتها هذه الفرقة بخصوصية الطبوع والمقامات المغربية التي تؤدى في الغالب بشكل جماعي وفق موازين تتوزع ما بين الحجاز والقائم ونصف والبطايحي وطبع رصد الذيل والماية وغيره مع مواويل يبرع أعضاء الفرقة في أدائها على انفراد في إطار دورة تعطي لكل صوت جميل حقه في البروز والإنشاد. واستطاع الفنان محمد باجدوب، رفقة الفرقة العيساوية لمولاي ادريس زرهون، من خلال المقامات والطبوع التي أدتها المجموعة والوصلات الفنية التي برعت في إبداعها سواء في السماع الصوفي أو المديح النبوي، أن تبرز التقارب الكبير والجلي القائم بين الأنماط الغنائية في الإنشاد وفن المديح، حيث يتلاقى النمطان في العديد من الجزئيات والتفاصيل، وإن كان الناظم الذي يجمع بينهما ويوحدهما هو مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، وصدحت أصوات هذه الفرقة برئاسة الفنان محمد باجدوب بأشعار ومقطوعات فنية في مدح الرسول الأكرم، وتعداد مناقبه وخصاله عليه الصلاة والسلام، في قالب فني بديع تجاوب معه الجمهور الذي كان يردد مع الفرقة مختلف الأشعار. من جهتها، قدمت مجموعة الجوق الوطني لفن الملحون قصائد فنية برع في أدائها أعضاء هذه المجموعة، الذين كانوا يتناوبون على الإنشاد في جو روحي متميز زاده جلال الأذكار والأشعار الصوفية التي قدموها في مدح النبي محمد خير البرية ، وكان الجمهور الذي أثث فضاء مدينة الفنون، بحضور الوالي عامل إقليمآسفي عبد الفتاح البجيوي، رفقة رئيس المجلس الحضري لآسفي عبد الجليل لبداوي، وشخصيات مدنية وعسكرية وجمعوية، استمتع بفقرات من فن الملحون الراقي والإنشاد الصوفي المغربي الأصيل الذي حافظ على مكوناته كما أصلها الرواد الأوائل الذين برعوا في الإنشاد الديني بصفة عامة وفي مدح الرسول الكريم بصفة خاصة.