أهم ما يميز هذه الأفلام أنها الأولى لمخرجيها كما أنها تختلف من حيث الشكل والموضوع، حيث ينتمي فيلم "كريان بوليوود" إلى صنف الدراما الموسيقية، و"الشعيبية" إلى جنس السيرة الذاتية، أما فيلم "مسافة ميل" فيصنف في الدراما الاجتماعية. 'الشعيبة' سفر سينمائي إلى عوالم أشهر فنانة فطرية مغربية بطريقة السهل الممتنع، استطاع المخرج بريطل السفر بالمشاهد إلى عوالم الفنانة التشكيلية المغربية الراحلة الشعيبية طلال، في فيلم أنصف المرأة المغربية، التي ظلت حبيسة كليشيهات ومشاهد نمطية قدمتها السينما المغربية للمتلقي. وقدم صورة جميلة للمرأة المغربية المكافحة والمناضلة، التي حرصت على تربية ابنها، رغم الترمل في مرحلة مبكرة من حياتها، وشق طريقها والخروج من دائرة المعاناة، التي فرضت عليها منذ طفولتها التي لم تكن سهلة، إذ زوجت لرجل طاعن في السن، وهي في سن 13 سنة. في حديثه عن الفيلم، الذي يعد أول تجربة سينمائية طويلة له، قال بريطل إن فيلمه ما كان ليرى النور دون مساعدة ابن الشعيبية، الفنان التشكيلي المغربي، الحسين طلال، الذي لعب دورا مهما في تسليط الضوء على أهم المحطات في حياة الراحلة، وعلى منجزها الفني المتميز في الساحة التشكيلية المغربية والعالمية، مشيدا بالتعاون مع الحسين طلال، خصوصا أن "الأمر لم يكن سهلا على ابن سيشاهد صورة تقريبية لوالدته، بعد مرور سنوات على رحيلها". من جانبه، أشاد نجل الشعيبية، الفنان التشكيلي الحسين طلال بالمجهود الكبير، الذي بذله طاقم الفيلم، ممثلين وتقنيين، خصوصا المخرج الشاب يوسف بريطل والمنتج هشام حجي، والممثلة السعدية أزكون، التي جسدت دور الراحلة الشعيبية، مشيرا إلى أن عينيه دمعتا وهو يشاهد أداء أزكون المقنع، وكأن والدته لم ترحل. من جانبه، أثنى المخرج بريطل على الممثلين والتقنيين، الذين استطاعوا إنجاح هذا الفيلم المستند إلى وقائع تاريخية ورواية شفهية قدمها الفنان الحسين طلال حول مسار هذه الأسطورة، التي وصلت إلى العالمية، وكانت سفيرة بحق للمغرب في ما يتعلق بالفنون المعاصرة. يتناول الفيلم، الذي جسد أدواره السعدية أزكون، ومراد الزوي، وسارة حنين، ومحمد خيي، ومحمد نظيف، وعصام بوعلي، وسعيد باي، وإدريس الروخ، بعض المحطات الأساسية من حياة الشعيبية، ابتداء من طفولتها بمنطقة اشتوكة بنواحي مدينة أزمور، التي رأت فيها النور، مرورا بمحطات إقامتها بالدارالبيضاء، وزواجها من رجل مسن وهي طفلة، ونضالها من أجل تربية ابنها الحسين بعد وفاة زوجها، ورسوماتها التمهيدية الأولى في عالم الرسم، وكفاحها من أجل الوصول إلى مبتغاها، رغم سخرية الكثيرين، الذين لم يتوانوا في وصفها بالجاهلة والأمية، انتهاء بالاعتراف الدولي، من خلال عرض أعمالها مع فنانين عالميين كبار أمثال بيكاسو، وميرو، وبراغ، ومودغلياني، وآخرين. كما يتطرق الفيلم إلى علاقة الشعيبية بعمالقة التشكيل المغربي في تلك الفترة، أمثال أحمد الشرقاوي، والجيلالي الغرباوي، وهي التي لم تكن تدري أن أعمالها تثبت على جدارن الأروقة العالمية وبجوارها أعمال فنانين رحلوا في عز العطاء، وظلت تعتقد أن بيكاسو، وصونيا دولوناي وآخرين أحياء، إذ لم يستطع ابنها طلال أن يكشف حقيقة موت هؤلاء. 'كاريان بوليوود' حلم يتخطى قساوة الواقع يعرض حاليا في القاعات السينمائية، الشريط المطول الأول للمخرج ياسين فنان، "كريان بوليوود"، الذي يمثل محطة مغايرة في مسيرته الفنية، التي تميزت بالنجاح الجماهيري، الذي حققه من خلال العديد من الأعمال التلفزيونية، مثل "وعدي"، وساعة في الجحيم"، و"بنات للالة منانة"، غير أن فنان يدعو الجمهور إلى نسيان هذه الأعمال، والغوص في التأمل والتمتع والتفكر في شريطه السينمائي الأول. وقال ياسين فنان إن كريان بوليوود" هو فيلم عن الحلم في واقع لا يمنحه، وهو بحث عن الجانب الإنساني لأشخاص يعيشون واقعا يتميز بالحرمان والعوز والفقر. ويحكي الفيلم الجديد لمخرج المسلسلات التلفزيونية الناجحة "وعدي"، و"زينة" ولالة منانة" وسلسلة "ساعة في الجحيم" في أجزائها الثلاثة الأولى، قصة حي صفيحي هامشي، يقطنه شاب، يتيم الأب، مهووس بعالم السينما الهندية، يحلم بأن يصبح نجما سينمائيا على خطى نجوم بوليوود، ورغم ظروف حياة العيش الصعبة يسخر جميع مجهوداته لإنجاز فيلم "بوليوودي" بأدوات "بسيطة"، وبالاعتماد على حلول ترقيعية ساذجة، بتعاون مع أصدقائه من أبناء "الكاريان". يتقاسم بطولة هذا الفيلم، الذي يطرق أفق الفانتازيا الكوميدية، التي لا تخلو من بعد درامي، بل ومأساوي في كثير من المشاهد، سهيل نواز قريشي، وأمل الأطرش، إلى جانب الممثلين عادل أبا تراب، وراوية، وإدريس الروخ. وبخصوص اعتماده على وجه غير معروف ومغمور، قال فنان إنه يحاول وبقناعة تامة، أن تكون أعماله قريبة من الواقع، من هنا من الممكن أن يعتمد على اسم معروف، لكنه لن يكون في مستوى الانتظارات والتوقعات بخصوص الشخصية التي يطمح إلى تقديمها، وبالتالي سنكون، حسب فنان، أمام الشخصية التي تتصنع الموقف، بل أكثر من ذلك فمعظم شخصيات الشريط مأخوذة من "الكريان" يضيف فنان. وبالعودة إلى البطل "جيمي"، الذي جسده سهيل نواز قريشي، قال فنان "لكي أعثر عليه قضيت قرابة ستة أشهر في البحث. سهيل والده باكستاني وأمه مغربية، وعند عودة أسرته إلى المغرب استقر في حي شعبي، غير أنه يمتاز بخيال يحضر فيه شاروخان، أي بكلمة واحدة، فالشخصية التي كتبتها وجدتها واقعيا في نواز. وما ساعده على تجسيد دوره قي الشريط، وبكثير من الاحترافية، وحسب ما أسر لي أثناء تصوير الفيلم، أنه عاش القصة نفسها، كما لا يجب نسيان الدور الكبير الذي قام به عادل أبا التراب، الذي توفق كثيرا في منح الشريط الإضافة النوعية، وبالمناسبة فقليلا ما تلتقي بفنان من صنف أبا التراب، فكرا وثقافة والتزاما". يذكر أنه سبق لفيلم "كاريان بوليوود" (102 دقيقة)، أن عرض خلال الدورة 14 للمهرجان الدولي بمراكش، في إطار فقرة "خفقة قلب"، قبل أن يتم تتويجه في المهرجان الوطني للفيلم بطنجة في دورته 16 بجائزة أول عمل، وجائزة ثاني أحسن دور رجالي للمثل عادل أبا التراب، كما فاز أخيرا بالجائزة الخاصة بلجنة تحكيم مهرجان مالمو للأفلام العربية بالسويد. التهميش يولد الانتقام في 'مسافة ميل' تشرع القاعات السينمائية الوطنية، ابتداء يوم 30 دجنبر، في عرض الفيلم المغربي "مسافة ميل" من توقيع المخرج سعيد خلاف، وبطولة أمين الناجي، ونفيسة بنشهيدة، وفاطمة هراندي الشهيرة ب "راوية"، والزوهرة نجوم، وسناء بحاج وآخرين. وتدور أحداث الفيلم حول "سعيد"، شاب يعيش في أحد الأحياء الأكثر هشاشة وحرمانا بالدارالبيضاء، حيث ذاق أصنافا من المعاناة منذ ولادته. في البيت، حيث كان زوج أمه يعنفه ويعنف شقيقته وأمه بشكل مستمر. وفي الشارع كان يتربص به عدد من المنحرفين من أجل الاعتداء عليه جنسيا واستخدامه من أجل جلب المال، وفي ورشة العمل، كان "سعيد" ضحية لأكثر من محاولة اغتصاب من طرف مشغليه. وحتى في السجن لم يسلم من مسلسل الاعتداءات التي ظلت تلاحقه أينما حل وارتحل. في كل مرة كان سعيد يجد نفسه في موقف الضحية، الذي يبحث عن أقل اعتراف من طرف الآخر، أو أدنى شعور بالأمان من جانب المجتمع، لكن دون جدوى، حتى تولد لديه شعور قويس بالانتقام من نفسه ومن المجتمع. من خلال شخصية سعيد يتناول الفيلم موضوع الإرهاب، والكراهية، وأطفال الشوارع، بالإضافة إلى مواضيع موازية مثل الخيانة، والصداقة، والحب، والوفاء. وأوضح المخرج سعيد خلاف أن رسالته من خلال الفيلم هي إبراز أن التربية والتعليم هما أكبر سلاح لتصدي لأي تطرف أو استغلال. من جهته، قال بطل الفيلم أمين الناجي إن جميع المشاهد التي قدمها، ضمن أحداث الفيلم كانت صعبة ومرهقة نفسيا، وتتجلى صعوبتها، في استحضاره لعدد من الصور والأحداث الأليمة التي عاشتها الشخصية التي يجسدها.