لم يستند المهتمون بالشأن الفني في المغرب في تأكيدهم على نجاح مسلسل "ياقوت وعنبر" إلى الأرقام التي ناهزت التسع ملايين مشاهدة فحسب، بل أكدوا أن "سحره" الإبداعي هو الذي أثمر تفوقه في مصالحة الجمهور مع الدراما الوطنية بعد أن انصراف الأخير إلى الانتاجات الكوميدية هروبا من النمطية والغرق في الابتذال، مثلما صالح القناة "الأولى" التي تعرض حلقاته منذ انطلاق الموسم الرمضاني الحالي مع مشاهديها، الذين تكاثروا مقارنة مع الفترة نفسها من سنوات مضت. ولم يأت هذا النجاح من العدم، فهو وليد 3 سنوات من الاشتغال حسب ما أكدته الفنانة المغربية سامية أقريو في حديث مع "الصحراء المغربية"، وهو أيضا وليد فكرة راودتها صيف 2017، لتحولها إلى ملخص تقاسمت تفاصيله مع زميليها الفنانة نورا الصقلي وكاتب السيناريو جواد لحلو فشرع الثلاثة بعد ذلك في رسم معالم شخصيات المسلسل. وبدافع التشبث بالحلم والإيمان بالفكرة، لم يقف صناع العمل أمام أول عثرة أو "صدمة" واجهتهم بعد رفض لجنة الانتقاء بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة السيناريو، بل ظل الحلم يراودهم إلى أن التقوا بمنتج آمن أيضا بالمشروع وتحول بفضله إلى واقع، وعن ذلك تقول أقريو، "سعيدون أكثر بما استطاع المسلسل تحقيقه رغم العذاب والشعور بالحكرة أمام الرفض، واليوم نعي أكثر من أي وقت مضى أنه لا يجب لليأس أن يتسلل إلى دواخلنا". ومنذ السطور الأولى لقصة "ياقوت وعنبر" وضعت سامية أقريو نفسها خلف الكاميرا، دون أن تبحث للممثلة بداخلها عن أي دور من أدوار المسلسل، وأسرت ل"الصحراء المغربية" أن حلمها كان إخراج العمل، وأنها عاشقة لكل الشخصيات التي تكتبها. ورغم أن منتج المسلسل اقترح عليها تجسيد إحدى شخصياته إلا أن التزامها بعمل درامي مع القناة الثانية آنذاك حال دون ذلك، إلا أن غيابها تستطرد أقريو لم يؤثر على جودة العمل، مضيفة أنها رأت في نورا الصقلي شخصية عنبر منذ البداية. واعتبرت الفنانة المغربية أن مشاركة وجوه شابة في "ياقوت وعنبر" ومنحهم فرصة لإثبات قدرات تمثيلية عالية، يعد ربحا للدراما المغربية التي تحتاج حسب قولها إلى ضخ دماء جديدة. وردا على بعض التعليقات التي اعتبرت أن نورا الصقلي وسامية أقريو تنتصران للمرأة على الرجل من خلال أحداث العمل، قالت الفنانة المغربية إن في تلك الأقاويل انتقاص كبير من المرأة ومن المجهود المبذول، وأضافت، "نحن ننتصر لقضايا إنسانية اجتماعية، تشمل الرجل والمرأة كمكونين أساسيين في المجتمع وننادي بعدم التمييز بينهما، علما أن كتابة السيناريو لم تقتصر على الإناث بل جمعتني أنا ونورا بالشاب الطموح جواد لحلو". واستخدم الكتاب الثلاثة تقنية "السفر عبر الزمن" أو "الفلاش باك" لسرد أحداث المسلسل التي توزعت بين الحاضر والماضي قبل 25 عاما، وهو ما أوضحت سامية أقريو أنه تقنية صعبة وقالت، "اختيار زمنين للحكي تطلب مجهودا مضاعفا، لكنه أمر ممتع في الوقت نفسه وأكثر تشويقا بالنسبة للجمهور الذي يطبعه الماضي ويستهويه النقاش بين الخير والشر".