يتطلع الفلاحون في عدد من المناطق بالمغرب إلى أن تسفر الأيام المقبلة عن تهاطل أمطار وفيرة تعوضهم عما فات من نقص في التساقطات خلال شهر فبراير الجاري. واعتبر العديد منهم في تصريحات متفرقة ل"الصحراء المغربية" أن الوضع لم يبلغ بعد مرحلة الخطر، وأن ترقبهم للسماء ما زال يصحبه الكثير من الأمل. وقد أثرت قلة الأمطار إلى غاية النصف الأول من شهر فبراير الجاري على مجموعة من المزروعات، التي لم تنم بالشكل المطلوب، متسببة أيضا في قلة كلأ الماشية، ما جعل الأعلاف تعرف ارتفاعا ملحوظا في أثمانها. ويعتبر العديد من الفلاحين شهر فبرير محددا أساسيا للحكم على مدى سوء أو جودة المواسم الفلاحية، ومن ثمة يرددون المثل الشعبي، الذي يقول "إلى صبات الشتا في فبراير تصفيها من الضراير، وإلى ما صبات تزيدها ضراير على ضراير".
فبراير.. شهر "حساس" في دكالة
يسود تخوف كبير لدى الفلاحين بمنطقة دكالة جراء تأخر التساقطات المطرية لشهر فبراير، ما انعكس سلبا على مردود الفلاحة بالمنطقة من حيث المحاصيل الزراعية وكذا المنتوجات الفلاحية والتربية الحيوانية. وأوضح إبراهيم الوراري رئيس التعاونية الفلاحية "الشروقات" بإقليمالجديدة في تصريح خص به "الصحراء المغربية" أن تأخر الأمطار أثر بشكل كبير على الفلاحة بالمنطقة، مشيرا أن قلتها أثرت على مجموعة من المنتوجات الفلاحية، التي لم تزرع في وقتها ولم يستمر نموها بالشكل الجيد، كما أن كلأ الماشية لم يتوفر في وقت مبكر، ما جعل الأعلاف تعرف غلاء بمختلف أنواعها، إذ قفز ثمن قطعة التبن من 13 درهما إلى حوالي 30 درهما، إضافة إلى غلاء في أعلاف أخرى، منها النخالة والشمندر وغيرها من الأعلاف التي تعطى للماشية في غياب توفر المزروعات. وأضاف الوراري أن تأخر الأمطار في هذا الشهر بالذات أثر على المنتوجات الفلاحية وكذا المزروعات بشكل عام، خصوصا البكرية منها، التي يفترض أن تصل في هذه الأوقات لمرحلة بروز الثمار. كما أكد على أن قلة الأمطار وتأخرها أثر بشكل كبير على منتوج الحليب، إذ كان يعرف فائضا كبيرا خلال هذه الفترة من السنوات الماضية، وأن معامل الحليب لم تكن تستوعب كثرة الحليب، لكن اليوم يعيش الفلاح على قلة الحليب بحكم ندرة التساقطات، التي لها انعكاسات كبيرة على هذا المجال الحيوي، خصوصا أننا على مقربة من شهر رمضان الكريم. من جهة أخرى، أشار مصطفى الغندور، فلاح بمنقطة "مصور راسو" بإقليمالجديدة، أن الفلاحين بالمنطقة يتوجسون خوفا من تأخر الأمطار في هذا الشهر الذي يعتبر شهرا حساسا، وأن غلب الفلاحين يتداولون مثلا شعبيا عن تأخر الأمطار في شهر فبراير يقول "إلى صبات الشتا في فبراير تصفيها من الضراير، وإلى ما صبات تزيدها ضراير على ضراير".
يواجه الفلاحون والمشتغلون في المجال الفلاحي، في الأيام الأخيرة تحديات كبيرة، بسبب ضعف وندرة التساقطات المطرية، التي انعكست على المزروعات التي تمت زراعاتها مع انطلاق الموسم الفلاحي الحالي، في حين تنتظر مزروعات أخرى رحمة السماء لتأخذ طريقها نحو الزراعة. واعتبر محمد بوسعيدي، عضو الغرفة الفلاحية لجهة فاس-مكناس، في حديث مع "الصحراء المغربية"، أن كمية التساقطات المطرية التي سقطت في وقت سابق تظل غير كافية. وقال محمد بوسعيدي، إن تأخر سقوط الأمطار ينعكس سلبا على مزروعات الخضراوات والحبوب، خصوصا في مناطق الغرب، معبرا عن أمله في مناطق الجبال التي مازالت لم تتضرر من تأخر سقوط الأمطار ومازال لديها تقريبا حوالي شهر. وأشار عضو غرفة الفلاحة لجهة فاس-مكناس، أنه على العموم يوجد خصاص في التساقطات المطرية، إذ إن السنة التي لا تعرف ثلوجا وأمطارا كثيرة، ينعكس أثرها بشكل واضح على الفرشة المائية بالدرجة الأولى، وتصبح الكمية المائية الموجودة بحقينة الآبار غير كافية. ودعا بوسعيدي، إلى ضرورة تدخل الدولة لتوفير الدعم الكافي للفلاحين، مع توفير الأعلاف المطلوبة، آملا في ظهور بوادر تساقطات مطرية تساعد الفلاحين على تحقيق انتعاشة في محصولهم الفلاحي لهذه السنة. من جانبه، قال مصطفى التودي فاعل جمعوي من إقليمصفرو، في تصريح ل"الصحراء المغربية"، إن ندرة التساقطات المطرية، التي يعرفها حاليا المغرب ناتجة عن التغيرات المناخية التي يعرفها العالم، والتي تتجلى في ارتفاع نسبة درجة الحرارة على المستوى العالمي، وكذا ارتفاع الضغط الجوي الحراري. ويعرف المغرب حسب مصطفى التودي، ندرة في التساقطات المطرية منذ شهر تقريبا، ما ينعكس سلبا على الغطاء النباتي والفلاحة الشتوية، التي تحتاج إلى مياه وأمطار كثيرة في هذه الفترة، مشيرا إلى أن هذه الندرة في التساقطات لها انعكاسات كبيرة على الفلاح الذي يرتكز أساسا على الفلاحة والرعي. وقال مصطفى التودي، إن الفلاح عموما يسترشد الأمل لكي تكون تساقطات في الأسابيع المقبلة إن شاء الله، رغم أنه، حسب تقديرات الأرصاد الجوية، فإن شهر فبراير تنعدم فيه الأمطار، إلا أن الأمل معقود على شهر مارس الذي يعتبر محطة أساسية للفلاح لإنقاذ الموسم الفلاحي، وإنقاذ الفلاحة الربيعية، التي ستمكن من توفير الخضراوات والعشب.
منطقة الغرب.. غلاء العلف
عبر عدد من الفلاحين بإقليمالخميسات عن تخوفاتهم من احتمال استمرار توقف التساقطات المطرية، خلال الأسابيع المقبلة، خاصة أن الموسم الفلاحي بلغ مرحلة مفصلية، موضحين في تصريحات متفرقة ل"الصحراء المغربية" أن الحاجة ماسة للماء بشكل كبير بالنظر لتضرر المراعي الطبيعية والمزروعات من حبوب وقطاني، والأشجار المثمرة بدورها تحتاج إلى السقي إذ إن شح الأمطار أثر سلبا على قطاع المواشي، وتسبب في تراجع حقينة سد القنصرة، وتضرر المشاريع السقوية. وأفاد عدد من الفلاحين بمناطق متفرقة بإقليمالخميسات أن أثمان الأعلاف عرفت ارتفاعا ملحوظا في الأسبوعين الأخيرين، ما أثر سلبا على قطاع المواشي، موضحين أن ذلك يعود بالدرجة الأولى إلى تأخر التساقطات المطرية. وعرفت جماعة أيت يدين، أول أمس الأربعاء، توافد عدد كبير من الشاحنات المحملة بأكياس الذرة مقبلة من جهة مناطق الغرب حيث تنشط الفلاحة السقوية بشكل كبير، بغية تسويقها يوم الخميس بمناسبة السوق الأسبوعي، ويبلغ ثمن القنطار الواحد 100 درهم، أي بثمن درهم للكيلوغرام. كما سجل أيضا ارتفاعا ملحوظا في الأسبوعين الأخيرين في أثمان التبن، حيث بلغ ثمن القطعة الواحدة من التبن 17 درهما عوض 10 دراهم كما كان قبل الأسابيع الثلاثة الأخيرة. كما زادت موجة البرد التي شهدها إقليمالخميسات قبل أيام في تجميد نمو النباتات، وبالتالي فإن الحاجة ماسة إلى التساقطات المطرية، رغم أن الضرر أصاب القطاع الزراعي في الشق المتعلق بإنتاج الحبوب، أما الزراعات القطنية ففي هذا الوقت بالذات يباشر الفلاحون زراعة الحمص والعدس والقطنيات الأخرى، لكن بالرغم من عمليات البذر التي قام بها بعض الفلاحين وتحديدا على مستوى جماعتي الكنزرة وآيت يدين، وهذا ينطبق أيضا على باقي مناطق الإقليم على اعتبار أنها تتقاسم وحدة المناخ والتربة، فإن نمو الزراعات القطنية، مصاب بالعجز بسبب قلة الأمطار، ومردودية القطاع الفلاحي ستكون ضعيفة إلى حد كبير وقد تكون سنة جافة لا قدر الله. ولم يخف عدد من الكسابة ممن التقتهم "الصحراء المغربية " بسوق المواشي، يوم الثلاثاء الماضي، قلقهم من انخفاض أثمان المواشي، سواء تعلق الأمر بالأغنام أو الأبقار، موضحين أن انخفاض الأثمان في السوق وقلة الرواج التجاري في رحبة الماشية، راجع لتخوفات الفلاحين من استمرار ما أسموه "حالة الجفاف"، خاصة أن مؤشرات الأرصاد الجوية ونشراتها الإخبارية، لا تبشر بقرب تهاطل الأمطار في الأيام المقبلة. وقال حميد الجزار، كساب، أن ثمن لحم البقر لا يتجاوز بآيت يدين 60 درهما، وهذا الثمن فرضه سوق الماشية الذي عرف انخفاضا في الأيام الماضية، لأن العرض أكثر من الطلب، بسبب تخلص الفلاحين من رؤوس الأبقار والمواشي عموما للتقليل من مصاريف الأعلاف في ظل شح المراعي الطبيعية، التي توفر الكلأ بالمجان والناجم عن تأخر تساقط الإمطار. وفي مقابل تواضع أثمان اللحوم، عرفت أسواق الخضر ارتفاعا كبيرا في الأسعار تجاوزت النصف مقارنة مع أسعار الخضروات قبل أسبوعين، وسجل تجار سوق الجملة للخضر والفواكه تقدما ملحوظا في أثمان الخضر، بالنظر لضعف الإنتاج في بعض المناطق وارتفاع تكاليف النقل من مناطق الإنتاج، سواء بجهة الغرب بإقليمالقنيطرة ومناطق العوامرة والعرائش أو انطلاقا من أكادير ومناطق حوض سوس، موضحين أن قلة استمرار توقف التساقطات المطرية ساهم إلى حد كبير في ارتفاع أثمان الخضر.
جهة سوس.. ضيعات في خطر
دعا عدد من الخبراء وفلاحي منطقة سوس الجهات المسؤولة لسن إجراءات استباقية من أجل تجاوز ما وصفوه ب"الوضعية المقلقة لضعف التساقطات المطرية، التي لم تتجاوز 30 ميليمترا وسط تراجع حقينة السدود، ما يرهن استمرارية قطاع الفلاحة ومستقبل الماء الشروب بالمنطقة". وأوضح السعيد الماسي، المختص في شؤون الفلاحة وقضاياها، ل"الصحراء المغربية"، أن "ندرة التساقطات المطرية خلال الموسم الفلاحي بسوس-ماسة زاد من خوف المهنيين على مستقبل الفلاحة للسنة الثالثة على التوالي، فالموسم الفلاحي انتهى ويجب إعلان سوس-ماسة منطقة منكوبة، على الرغم من الدعم الذي منحته الدولة للفلاحين". واستدل الماسي على ذلك بكون "مالكي الضيعات الفلاحية شرعوا في التخلص من ضيعاتهم، التي كانت تباع بمليار سنتيم إلى أن وصلت أثمانها اليوم ما بين 150 و200 مليون سنتيم ولا أحد يرغب في اقتنائها". وما عمق هاته الأزمة، يؤكد المتحدث، هو أن قطاع الحوامض بسوس -ماسة تراجع إنتاجه بنسبة 80 في المائة، وعدد من محطات التلفيف لم تشغل هذا العام، فضلا عن غلاء ماء السقي بمنطقة "الكردان" (أمان سوس)، الذي تصل كلفته إلى 1.70 درهم للطن الواحد (مقابل 0.80 بمناطق أخرى في المغرب)، ما يكلف الفلاح بسوس-ماسة أعباء إضافية ليصل ثمنه إلى 2.50 درهم بعد إضافة تقنيات فلاحية ومصاريف الكهرباء، وهو مبلغ مكلف جدا لفلاح ولا يمكن الاستمرار في تحمله، بحسب تعبير المتحدث. ودعا الماسي، الخبير في شؤون الفلاحة، الحكومة إلى تبني سياسة مميزة لسوس-ماسة لفائدة الفلاحين أمام شح التساقطات، وعلى رأسها منح الدعم لمياه السقي المستعملة في الفلاحة وخفض نفقات استهلاك الكهرباء في هذا الشأن، لتجاوز الوضعية المتأزمة التي يعيشها القطاع في هاته الجهة، بحسب توضيحاته. مما اضطر العشرات من المنتجين والزارعين إلى التوجه نحو مناطق أولوز وولاد برحيل للتخلص من ضيعاتهم ببيعها، في وقت أصبح الفلاحون والكسابة يبحثون عما يسدون به عطش مواشيهم بسبب شح الماء، يشرح الماسي. وبحسب آراء الفلاحين والمهنيين الذين استقت آراءهم "الصحراء المغربية"، ينضاف مشكل الماء الذي تعانيه جهة سوس-ماسة لمشاكل مماثلة من قبيل الضريبة على القيمة المضافة لمعدات الري بالتنقيط، إلى جانب ارتفاع أثمان المواد الأولية كالأسمدة والبلاستيك، ما "يهدد استمرارية قطاع الفلاحة بالجهة"، بحسب تعبيرهم.
أثار تأخر التساقطات المطرية بمختلف مناطق جهة مراكش -آسفي، تخوف الفلاحين من كساد موسم فلاحي محتمل، ما سينعكس سلبا على المحصول الفلاحي لهذه السنة، خصوصا ما يتعلق بالحبوب والزيتون. وحسب بعض الفلاحين، الذين تحدثوا ل"الصحراء المغربية"، فإن المحصول الفلاحي لهذه السنة سيكون ضعيفا، مقارنة مع السنة الماضية، بسبب تأخر وقلة التساقطات المطرية، مشيرين إلى أنه في حال استمرار شح الأمطار إلى غاية شهر أبريل المقبل سيكون الأمر مقلقا لدى غالبية الفلاحين. وعبروا عن أملهم في أن تجود السماء بالأمطار في ما تبقى من شهر فبراير الجاري، لتساعد مزروعات الحبوب في نموها بالوتيرة المعتادة، مؤكدين أن أمطار شهر فبراير بإمكانها إنقاد الموسم الفلاحي الحالي الذي خيم عليه شبح الشح في التساقطات. ودعا هؤلاء الفلاحون الجهات المختصة، إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة تداعيات التأخر في سقوط الأمطار، والحد من تأثير ذلك على النشاط الفلاحي للموسم الحالي. وفي هذا الإطار، قال إزيكي أمين، تقني متخصص في الفلاحة، إن الموسم الفلاحي الحالي بدأ جيدا من ناحية التوقعات والعطاء الفلاحي والتساقطات المطرية، إذ كانت البداية جيدة جدا قبل أن تتوقف الأمطار لفترة. وأضاف في اتصال ب"الصحراء المغربية" أن الأمطار المقبلة ستكون مهمة للقطاع الفلاحي ولحقينة السدود والفرشة المائية، مبرزا أن جهة مراكش -آسفي مازالت ترتبط فلاحيا بالتساقطات المطرية، وبما جادت بها مشاريع مخطط المغرب الأخضر، الذي وضع أسس نظام فلاحي جديد، نجح في خلق دينامية إيجابية في مجال هياكل وأنماط الاستغلال الفلاحي، كما يتجلى ذلك من خلال النتائج الإيجابية والمشجعة التي تحققت على مستوى رفع الإنتاجية وتحسين جودتها.
استبشر الفلاحون بخريبكة، أمس الخميس، بالتساقطات المطرية التي شهدتها مختلف مناطق الإقليم، متمنين أن تستمر خلال الأيام المقبلة، وقالوا في تصريحات متفرقة للجريدة إن هناك أمل كبير في إنقاذ الموسم الفلاحي الجاري. لكن ذلك لم يمنع العديد منهم من التعبير عن قلقهم بشأن توقف التساقطات المطرية في الأسابيع الماضية، خصوصا الكسابة الذين اضطروا إلى اقتناء علف البهائم بأثمان باهظة، أو بيع مواشيهم في الأسواق بأثمان زهيدة كبدتهم خسارة كبيرة. ويتساءل الفلاحون والكسابون عن الإجراءات، التي اتخذها وزارة الفلاحة بسبب استمرار شح الأمطار، سيما أن أسعار المواد العلفية والمركبة أصبحت تهدد النشاط الفلاحي وخاصة تربية المواشي، إذ بلغ مثلا، ثمن القنطار الواحد من مادة الشمندر المجفف أزيد من 350 درهما، والقنطار الواحد من النخالة 280 درهما. في حين تتراوح أثمان المواد العلفية المركبة ما بين 350 و400 درهم للقنطار والشعير 250 درهما للقنطار، والثمن نفسه بالنسبة للذرة. ويطالب الفلاحون بإقليمخريبكة، من الجهات المعنية، بسبب قلة الأمطار المتكررة في كل موسم، بمساعدتهم بدعم الشعير والأعلاف، لأن واقع الحال يفرض أن يولى إقليمخريبكة باهتمام خاص في إطار التدابير المندرجة ضمن الاستراتيجية الوطنية للوزارة الوصية على القطاع الفلاحي.