تحقق للمغرب شرف توقيع الأطراف الليبية السبت الماضي على اتفاق "الصخيرات"، بحضور بيرناردينو ليون، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بليبيا، رئيس بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا، إلى جانب صلاح الدين مزوار، وزير الشؤون الخارجية والتعاون، ورشيد الطالبي العلمي، ومحمد الشيخ بيد الله، رئيسي مجلسي النواب والمستشارين، بالإضافة إلى العديد من السفراء الأجانب. وأشاد الليبيون بالجهود الدبلوماسية للمغرب، منوهين بالرعاية المغربية للحوار، التي مكنت من توقيع مختلف الأطراف الليبية، بما في ذلك رؤساء الأحزاب السياسية، المشاركين في الجولة السادسة للمحادثات السياسية الليبية. وأعلن ليون أن "اتفاق الصخيرات تحقق بفضل توجيهات جلالة الملك، وبعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا، وبفضل روح التفاني من أطراف النزاع، التي انطلقت منذ بداية مارس الماضي بالصخيرات، ممثلة في ممثلين عن مجلس النواب في طبرق، وممثلين عن المؤتمر الوطني العام في طرابلس، بالإضافة إلى شخصيات مستقلة مدنية، ومثقفين، ورجال قانون، ورجال أعمال، وممثلين عن جمعيات نسائية"، مشيرا إلى أن الاتفاق الأولي سيمهد الطريق إلى تثبيت الاستقرار على الأرض الليبية. وقال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بليبيا، رئيس بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا، خلال حفل التوقيع، إن "اتفاق الصخيرات تحقق بفضل المغرب، الذي اضطلع بدور مهم جدا، لا يقتصر على الاستضافة، بل يشمل تقديم الدعم السياسي أيضا"، داعيا كافة الليبيين إلى دعم عملية الانتقال السياسي بروح من الوحدة، من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية، ومجددا عزم المجتمع الدولي على دعم الشعب الليبي في تحقيق الاستقرار والأمن. من جانبه، أكد صلاح الدين مزوار، وزير الشؤون الخارجية والتعاون، أن اتفاق الصخيرات يمثل خطوة مهمة على طريق السلام والاستقرار والوحدة الوطنية في ليبيا. وقال، خلال حفل التوقيع على الاتفاق، "نحن سعداء بأن مدينة الصخيرات احتضنت التوقيع بالأحرف الأولى على هذا الاتفاق التاريخي، الذي تشكل صيغته الحالية أفضل صيغة ممكنة في ظل الظروف الحالية، ليس فقط إزاء الوضع الداخلي في ليبيا ولكن بالنظر أيضا إلى السياقات الإقليمية والدولية"، مبرزا حرص الليبيين على أن يكون الاتفاق "اتفاقا شاملا، يهدف إلى مواكبة الفترة الانتقالية في ليبيا، ويهم على الخصوص الهيكل المؤسساتي للبلاد، وحكومة وحدة وطنية والإجراءات الأمنية"، مشيرا إلى أن الأطراف الليبية مدعوة إلى القيام بخطوات حاسمة في المستقبل، وهو "ما يتطلب ضرورة الحفاظ على نفس التوجه، والحرص على مصلحة الشعب الليبي". وأضاف، وهو يوجه الخطاب إلى أطراف التفاوض الليبيين، "إنكم الآن تفتحون صفحة جديدة في تاريخ ليبيا بأبعاد تاريخية وإستراتيجية كبرى، والعالم كله ينظر إليكم في هذه اللحظة"، متمنيا لهم التوفيق في استكمال باقي مراحل الاتفاق إلى حين تشكيل حكومة وحدة وطنية، وبرلمان موحد، وتثبيت الأمن والسلم والاستقرار على كافة أرجاء ليبيا، مشددا على حق الشعب الليبي في الاستقرار والديمقراطية والتنمية والكرامة. وجدد التأكيد على أن "المملكة المغربية، بالتزامها الثابت إلى جانب الشعب الليبي الشقيق، إنما تبقى وفية لمبادئها في الدعم والمساندة وبذل كل ما تستطيع في سبيل تحقيق الوئام، مع الاحترام التام لاستقلالية القرار الليبي، بما يخدم السلم والازدهار لهذا البلد الشقيق وللمنطقة ككل". وأضاف إن "أرض المملكة ستبقى تلك الخيمة المفتوحة دائما وفي كل الظروف، لكم ومن أجلكم، لتحقيق الكرامة والعزة التي كانت وستبقى عناوين ليبيا والشعب الليبي، في لحظات الرخاء كما في لحظات الشدة، يحذونا في ذلكم فخرنا بكونكم، وأنتم توقعون هذه الوثيقة بالأحرف الأولى، تقدمون نموذجا للمناطق الملتهبة في وطننا العربي، ونتوق لليوم الذي يحذوكم فيها إخوة آخرون نتألم أيما ألم لما آلوا إليه من تمزق". وقال إن "المملكة المغربية مستنيرة بتوجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس، التي وقفت في السابق إلى جانب الشعب الليبي إيمانا منها بعدالة مطالبه، ستستمر بكل إصرار في مواكبة دعمها له خلال الفترة المقبلة حتى يسترجع عافيته ويتبوأ مكانته بين الأمم شامخا وفاعلا، ليقود من خلال أبنائه مسيرة النماء والازدهار". على الصعيد الدولي أشادت الحكومة فرنسية بتوقيع الأطراف الليبية بالأحرف الأولى على الاتفاق. وقال لوران فابيوس، وزير الشؤون الخارجية، في تصريح إعلامي "نشيد بالعمل المنجز من قبل الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، ونتوجه بالشكر إلى المغرب الذي احتضن هذه المفاوضات". كما رحبت الحكومة الإسبانية بالحدث. وذكر بلاغ لوزارة الخارجية الإسبانية أن "الاتفاق يمثل تقدما كبيرا على طريق التشاور والحوار للتوصل لاتفاق بين جميع الأطراف الليبية المستعدة لاستعادة الاستقرار والتعايش في بلدهم"، من خلال "الالتزام الثابت بتشكيل حكومة وحدة وطنية تمكن من تحقيق الانتقال والتصدي للتحديات الخطيرة الإنسانية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية". وصدر موقف مماثل عن الاتحاد الأوروبي الذي نوه بدعم المغرب لمسلسل الحوار الليبي. وقالت فديريكا موغريني، الممثلة العليا للاتحاد في الشؤون الخارجية، في تصريح إعلامي "أحرص على شكر الممثل الخاص للأمن العام للأمم المتحدة في ليبيا، على الجهود الدؤوبة التي بذلها لجمع الأطراف حول اتفاق، وأيضا أشكر حكومة المغرب لدعمها للمسلسل الأممي للحوار"، مشيرا إلى أن الاتفاق يشكل "مرحلة مهمة نحو استعادة السلم والاستقرار في ليبيا".