طاولات عديدة متراصة على حواف السوق الشعبي، تعرض عليها النساء الرغائف والفطائر بشكل يكشف عن طراوتها، والزبناء يعبرون أمام الطاولات، تارة بانتباه لمحتوياتها، وتارة دون انتباه، وفي هذه الأثناء تسعى البائعات إلى لفت الانتباه بعرض نوعية الدقيق المستعمل، تعبيرا عن تميز منتوجاتهن، التي صنعت في المنازل بجدية وانتقاء كبيرين". عند مدخل السوق الشعبي، يتضح بجلاء رواج الأنشطة التجارية، هناك ممرات تسمح بولوج السوق وإلقاء نظرات متفحصة للمنتوجات المعروضة، غير أن توافد الناس للتبضع لا يترك مجالا للفرد أن يعبر دون الاصطدام بأحدهم، بعدما ضاقت المساحات بالعربات المجرورة والطاولات الخشبية، التي تمتلئ بالمنتوجات الغذائية والخضروات والفواكه، والناس في هذه الأجواء يتنقلون بتأن للاستقصاء عن أنواع المعروضات وبحثا عن أثمنة مناسبة، وكلما اشتد الزحام في السوق، راود النساء البائعات شعور بأن السوق حافل بالرواج التجاري، ليتوسمن خيرا في بقية اليوم قبل موعد الإفطار، فمنتوجاتهن لا تحتمل أن ترد إلى اليوم الموالي، ولهذا كلما أفلحن في استقطاب الزبناء، ساعدهن ذلك على إعداد فطائر ورغائف أخرى، لبيعها كل يوم بهامش ربح أفضل. وسط السوق، وفي خضم الاكتظاظ، الذي يتجلى في الأصوات الصاخبة والعربات المجرورة والدراجات ذات العجلات الثلاث والصناديق والبضائع الكثيرة، تسعى كل بائعة إلى أن يكون منتوجها ذا إقبال أكثر من غيره، في سياق منافسة يعتبرنها "مشروعة"، بإيمان أن "لكل فرد نصيبه من الرزق"، رغم تعدد طاولات الفطائر والرغائف بكميات كبيرة، ترصد أهميتها في مائدة الإفطار لدى المغاربة.