رغم المقاعد الفارغة للمستشارين، اشتدت الخلافات بين الحكومة وفرق المعارضة، إذ اتهم فريق الأصالة والمعاصرة والفريق الاستقلالي، الحكومة بإفراغ الرقابة البرلمانية على تنفيذ قوانين المالية من محتواها، بسبب "تأخرها في تقديم الوثائق اللازمة" لإعداد التصريح العام بالمطابقة والتقرير حول تنفيذ الميزانية، اللذين يرافقان مشاريع قوانين التصفية. وأعلن الفريقان أنه لم يتسن للبرلمان، طيلة مدة ولايته الحالية، تقييم تنفيذ أي ميزانية في عهد هذه الحكومة. وذكر فريق الأصالة والمعاصرة، في مداخلة تلاها أحد أعضائه، نيابة عن رئيسه حكيم بنشماس، الذي تغيب عن الحضور، أن التقرير يتضمن "تشخيصا دقيقا لأهم الإخفاقات المسجلة في تدبير الحكومة للشأن العام، ويؤكد أن التقدم الذي تحقق على مستوى التحكم في التوازنات الماكرو اقتصادية يأتي على حساب القدرة الشرائية للمواطنين، وعلى حساب مستقبل الأجيال الصاعدة، التي ستكون ملزمة بتأدية تكاليف الدين العمومي، الذي بلغ مستويات قياسية"، مشيرا إلى أن التقرير بين بأن الحكومة تجد صعوبة في إدراك متغيرات الواقع وحجم التحديات والرهانات، وأنها تعاني كثرة المتدخلين المؤسساتيين مقابل غياب مقاربة شاملة ومندمجة لدعم الترويج الاقتصادي للمغرب وللمنتوج المغربي، وأن كل مؤسسة تشتغل بمعزل عن الأخرى، وتصدر في بعض الأحيان معطيات ورسائل متضاربة، الأمر الذي لا يساعد على إبراز صورة واضحة ومستقرة عن المجالات المعنية. من جهته، أوضح الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، أن المجلس الأعلى للحسابات أولى اهتماما خاصا للسياسات الاجتماعية، من خلال افتحاص تدبير مجموعة من المؤسسات الوطنية المكلفة بتنفيذها، ووقف على وضعية عنوانها الأبرز، وهو "ضعف إنجاز المشاريع الاستثمارية ذات البعد الاجتماعي"، بالإضافة إلى اختلالات تدبيرية، من قبيل غياب التخطيط الاستراتيجي، وانعدام أو ضعف آليات التقييم لقياس الأثر والنتائج، وعدم التقيد بمبادئ الحكامة والشفافية في العديد من العمليات، وغياب النجاعة والفعالية في إنجاز بعض العمليات الاستثمارية. وتضمن التقرير، الذي قدمه إلى جلالة الملك رئيس المجلس الأعلى للحسابات، إدريس جطو، في أبريل الماضي، وعرضه على مجلس المستشارين في ماي الماضي، ملخصا لملاحظات بشأن تدبير الشأن المحلي، على ضوء افتحاصات المحاكم المالية للعديد من الجماعات الترابية في مختلف جهات المملكة، ووقف على اختلالات ونقائص، تتجلى في محدودية وظيفة التخطيط، وقصور الرؤية الاستراتيجية لدى أغلب الجماعات الترابية، وضعف المستوى التدبيري والتقني نتيجة الافتقار إلى الموارد البشرية اللازمة، وصعوبات في تحصيل المداخيل، إضافة إلى الاختلالات المسجلة في تدبير التجهيزات والمرافق العمومية، والنقائص على مستوى اضطلاع الجماعات بأدوارها في تتبع ومراقبة تدبير المرافق المفوض تدبيرها إلى الخواص وضعف قدراتها التفاوضية. وأسفرت الوثيقة المتخصصة في الميزانيات والمالية عن المتابعة القضائية في حق 32 شخصا، بعد فحص أزيد من 970 حسابا ماليا.