كرم الاتحاد، بالتعاون مع سفارة المغرب بلبنان، أبو العزم بمناسبة صدور معجمه الجديد "الغني الزاهر" (2014). وبهذه المناسبة ألقى أبو العزم محاضرة بالمعهد العالي في الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية ببيروت بعنوان "الاديولوجيا في علم المعاجم والمصطلحات". واختار أبو العزم هذا الموضوع، كما قال، على اعتبار أن ما كتب عن المعجم (بالمطلق) من دراسات وأبحاث "شيء كثير، إلا أننا لا نجد من بينها أي حديث عن الإيديولوجيا". وفي هذا الصدد، قال أبو العزم، إن مؤلفي المعاجم العربية "لم يكونوا في منأى عن إقحام مذاهبهم في معاجمهم" إلا أنه استثنى معجم "العين" للخليل بن أحمد الفراهيدي، لكون " منطلقات فهمه تجلت في حصر مفردات اللغة" التي جعلته، " مقيدا" وفق نظريته الصوتية "ذات الرؤية المعجمية". وعن حضور الإيديولوجيا في بعض المعاجم العربية، استشهد أبو العزم بمعجم "الجمهرة" لابن دريد، الذي يتجلى فيه انعكاس التحولات الفكرية في عصر المؤلف، فإلى جانب ما زخر به المعجم من نحو وبلاغة وفلسفة بفروعها المتعددة، نجد فيه، يقول، علم الكلام والدراسات الفقهية والقرآنية. وتساءل الباحث المغربي عن الكيفية التي يمكن بها للمعجم المعاصر أن يستوعب "صراع الأفكار والتناقضات الاجتماعية وتقديمها بحياد إيجابي"، شريطة "عدم التخلي عن الأسس المعجمية والمعجماتية" مجيبا في ذات الوقت أن هذا "ما يحول دون السقوط في حمولات إيديولوجية". ولإلغاء أي صيغة إيديولوجية لطبيعة المعجم، يجب أن تكون للمعجماتي الشجاعة لتقديم مفردات اللغة بما تحمله من دلالات مختلفة وبكل حمولاتها اللغوية والفكرية أي، يوضح تقديم المفردات بلغتها المباشرة أو المجردة أو التخييلية في ضوء نصوصها النثرية أو الشعرية أو الأدبية والفلسفية. وإذا كان من الصعب على المعجماتي أن يتخلى عن نزعته الإيديولوجية في ما يتعلق بمداخل معينة، يقول أبو العزم، "عليه أن يكون موضوعيا بالنسبة لمداخل قد لا تستجيب لهواه أو لأهوائه"، وهذا "وحده" حسب أبو العزم، "ما يخفي أي توجه إيديولوجي لطبيعة المعجم". وخلص الباحث الى أن ثقافة المعجماتي ورؤيته للأشياء أو مذهبه " قد يؤدي به لا محالة الى الإسفاف في المدح أو الإجحاف في حق مفردات معينة"، إلا أن المعجماتي يمكن أن يحول دون ذلك ب"وضع حواجز" سماها أبو العزم ب"الإسمنتية" ليظل محصورا داخل "صروح الالتزام بالقواعد المعجماتية المرتبطة في آن بالتطورات المجتمعية والفكرية والثقافية والدينية". ولقي المعجم "الغني الزاهر" (65 ألف مدخل) ارتياحا كبيرا لدى الحاضرين، الذين دخلوا مع أبو العزم في نقاش مستفيض حوله شملت عدة جوانب منها، المتعلقة بالمجهود الفردي "الجبار" الذي قام به الباحث، وعلاقته بالوسائل التكنلوجية الحديثة وغيرها من المواضيع. وفي ذات السياق اعتبر أبو العزم أن هذا المعجم "نواة أولى" يمكن تطويرها، مشيرا الى أنه سيعيد النظر "أكاديميا" في بعض المداخيل التي شعر أنها "فقيرة من حيث الاستشهاد". كما أكد أنه "يفكر عمليا" في إيجاد "طبعة إلكترونية" لهذا المعجم بالرغم من تجربة سابقة لأحد معاجمه الذي تمت قرصنته، معتبرا أن إخراج المعجم إلكترونيا هو "مغامرة". تجدر الإشارة الى أن الباحث سيلقي محاضرة أخرى يوم الاثنين المقبل بمدينة طرابلس (شمال) بدعوة من اتحاد المترجمين العرب والمركز الصفدي الثقافي وذلك تحت عنوان " المعجم وتدريس اللغات، نظرة تربوية معاصرة". يذكر أن الغني الزاهر"يتوج سلسلة إصدارات رائدة للكاتب في الحقل المعجمي، بدأت بدراسته لنيل دكتوراه الدولة بعنوان "المعجم المدرسي، أسسه ومناهجه" (الدارالبيضاء، 1993) وصولا الى "المعجم اللغوي التاريخي، منهجه ومصادره" (الرباط، 2006) مرورا ب "معجم تصريف الأفعال" (الرباط، 1997) ومعجم الغني (قرص مدمج) الصادر عن شركة "صخر" بالقاهرة عام 2001.