تتضمن عملية "كرامة" تدابير علاج المرضى، سواء في المنطقة أو نقلهم إلى المستشفيات المختصة، حسب نوع الحالة المرضية، وتوفير الوسائل اللوجيستيكية من سيارات إسعاف وسيارات لنقل المرضى وأفراد أسرهم. كما تشمل المبادرة تدابير طبية واجتماعية وتنظيمية، يشارك فيها طاقم طبي من كافة التخصصات، سيما منهم الأطباء النفسانيون والمساعدون الاجتماعيون. وجاءت هذه المبادرة، بعد معاينة قامت بها وزارة الصحة حول الموضوع، ودراسة وضعية هؤلاء المرضى والظروف اللاإنسانية والقاسية التي يوجدون عليها، والتي لا تليق بكرامة المواطن المغربي في القرن الحادي والعشرين. وكشفت الدراسة، التي شملت ظروف إقامة المرضى النفسيين في ضريح بويا عمر، الوقع بإقليم قلعة السراغنة، عن وجود انتهاك لحق هذه الفئة من المصابين باضطرابات عقلية ونفسية بممارسات تنتهك حقوقهم الإنسانية، تبعا إلى أن جميع نزلاء الضريح يعانون اضطرابات نفسية، إلا أن 70 في المائة منهم لا يتلقون أي علاج، وأن ظروف إيوائهم مزرية ومعاملتهم سيئة جدا، ما يشكل انتهاكا صارخا للحقوق الإنسانية لهؤلاء المرضى، ما يجعلهم يحتاجون إلى حلول عاجلة لاحترام حقهم في العلاج والكرامة. وأبرزت النتائج أن أغلبية المرضى يتحدرون من جهة الدارالبيضاء، تليها جهة طنجةتطوان، ثم الجهة الشرقية، أما جهة مراكش فتحتل المرتبة السادسة، وتصل كلفة الإقامة في الضريح إلى 786 درهما شهريا، أي 8 ملايين درهم سنويا. مقابل ذلك، يتحدر معظم محتضني النزلاء، وعددهم 55، من بعض المدن المجاورة، هي قلعة السراغنة وسطات والجديدة، وأقدمهم يوجد في الضريح منذ 36 سنة وأحدثهم منذ أربع سنوات، أي أن معدل استقرارهم في الضريح تقدر بحوالي 18 سنة. وأبرزت الدراسة أن 70 في المائة من حالات الايواء في ضريح بويا عمر تأتي بطلب من عائلة النزيل، و43 في المائة منها بسبب الاضطرابات السلوكية لدى المريض، خصوصا بسبب العنف الذي يدفع الأولياء بالتخلي عن أبنائهم في هذا المكان. يشار إلى أن إنجاز الدراسة من قبل وزارة الصحة جاء عقب تشكيل لجنة تنسيق متعددة القطاعات، بمشاركة وزارتي الأوقاف والشؤون الإسلامية، والتضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والجمعية المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان. وركز العمل على دراسة حالة وظروف إقامة المرضى، إذ عملت وزارة الصحة على تنظيم مسح ميداني طبي بمشاركة 20 طبيبا نفسانيا، بالإضافة إلى إجراء مقابلات مع مختلف المتدخلين المحليين من سلطات محلية ومحتضنين وجمعية شرفاء بويا عمر.