كما يعتبر قرار مجلس وزراء الشباب والرياضة العرب تتويجا للاستراتيجية الوطنية المندمجة للشباب 2015 - 2030، والرامية إلى إشراك ومساهمة الشباب المغربي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية المغرب. وتأتي هذه الاستراتيجية، التي وضعتها وزارة الشباب والرياضة، بتوجيهات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، متوافقة مع منظومة دستور 2011، ومستجيبة لتطلعات الشباب المغربي وتطور حاجياته، ومتماشية مع مستلزمات المتغيرات الدولية في العالم العربي خلال السنوات الأخيرة، ومع السياسات الدولية الرامية لجعل الشباب قاطرة للتنمية البشرية والاقتصادية. وبذلك، فإن احتضان المغرب في سنة 2016 لتظاهرة "مدينة الرباط عاصمة للشباب العربي بامتياز" يأتي في سياق أجرأة هذه الاستراتيجية الوطنية بمعية مجموعة من القطاعات المهتمة بالشباب المغربي، وجمعيات المجتمع المدني، وبتعاون مع جامعة الدول العربية. وتجدر الإشارة، في هذا الصدد، إلى أن البنك الدولي صنف المغرب كبلد رائد بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجال الأوراش الموجهة للشباب، بفضل الاستراتيجية الوطنية المندمجة للشباب. وفي السياق نفسه، أكد صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في رسالة سامية موجهة إلى الدورة الخامسة لقمة ريادة الأعمال المنعقدة في مراكش في 21 نونبر 2014، على ضرورة الاستثمار في الرأسمال البشري، مبرزا جلالته أن الشباب المغربي يتوفر على إمكانيات وطاقة هائلة من الإبداع والابتكار يجب أخذها بعين الاعتبار لتشجيعها وصقلها، لأن تحديات العولمة والمتغيرات الوطنية والدولية تفرض آلية جديدة للتعامل مع هاته الفئات الشابة. وشدد جلالة الملك، في هذا السياق، على ضرورة إصلاح منظومة التربية والتعليم، وجعلها نافذة مفتوحة على العالم، مع الحرص على الحفاظ على مقومات العروبة والمواطنة الحرة، لتجنب انزلاق الشباب أمام التيارات الدخيلة، والتي تزج بالشباب عبر العالم في متاهات لا محدودة. وفي هذا الإطار، ما فتئ المغرب، من خلال وزارة الشباب والرياضة، يعمل على تشجيع المقاولين الشباب واحتضانهم لتمكينهم من ولوج عالم تبادل المعرفة والإنتاج المقاولاتي، وجعل مراكز الشباب والرياضة ومراكز الاستقبال واستوديوهات وقاعات العروض المسرحية والمحاضرات ومخيمات العطل والترفيه، فضاءات حقيقية للإنتاج الفني والتكوين والتثقيف والسياحة الشبابية الوطنية والدولية. ويروم مشروع الرباط "عاصمة للشباب العربي لسنة 2016"، الذي اختير له شعار "من أجل شباب متعايش ومبدع"، ترسيخ قيم السلم والتسامح الديني والتبادل المعرفي والتعاون الجيو- اقتصادي والبيئي على المستوى الإقليمي والدولي لدى الشباب في المنطقة العربية. كما يتوخى توسيع آفاق الاستثمار في الرأسمال البشري في البلدان العربية، بغية امتصاص البطالة، وخلق توازن ديمغرافي بالموازاة مع السياسات العمومية لدول المنطقة، فضلا عن فسح المجال للشباب العربي لتكثيف اتفاقيات الشراكة والتعاون الدولي بين هذه الشرائح باختلاف أنشطتهم الثقافية والسياسية والاقتصادية والفنية والإبداعية. وقد اختيرت الرباط لاحتضان فعاليات هذه التظاهرة العربية، لعدة اعتبارات منها، على الخصوص، فضلا عن كونها العاصمة الإدارية للمملكة، "محطة ساحرة يمتزج فيها الهدود والسكون مع الأناقة وأسلوب العيش"، ولكونها مدينة حديثة بامتياز "حافظت على جانبها الأصيل ومزجت بأناقة قلبها التاريخي ومدينتها الحديثة عند مصب نهر أبي رقراق". ومن بين المؤهلات التي جعلت الرباط تحظى باختيارها عاصمة للشباب العربي لسنة 2016، كونها تزخر بفنادق مهمة، ومطاعم فاخرة، ومكتبة وطنية، وملاعب للغولف، وحديقة للحيوانات، ومتاحف أثرية، وجامعات ومعاهد عليا، ومساجد عتيقة وحديثة، ودور لتعليم القرآن، ومواصلات عصرية، من قطارات وطرامواي، فضلا عن مطار دولي. ومن المقرر أن تنطلق فعاليات "الرباط عاصمة الشباب العربي" في شهر يناير من سنة 2016 بتنظيم ملتقى عربي لريادة الأعمال لدى الشباب، سيطرح أحد أكبر الإشكاليات ذات الأولوية لدى بلدان المنطقة العربية، وهي قضية التشغيل التي تعتبر إحدى ركائز التنمية. ويهدف هذا الملتقى إلى تقديم نماذج لمقاولات صغرى ناجحة وذات أفكار إبداعية في الدول العربية، وتقديم نبذة عنها لتقاسم التجارب مع الشباب المشارك، ومناقشة الموضوع والسبل الكفيلة بتطويره. وسيكون هذا الملتقى فرصة لإبراز دور ريادة الأعمال في التخفيف من عبء البطالة لدى الشباب، وكذا دورها في إبراز إبداعات الشباب وإدماجهم في التنمية الاقتصادية لبلدانهم. وبالموازاة مع هذا الملتقى، سيتم تنظيم حفل رسمي لإعطاء انطلاقة فعاليات الرباط عاصمة الشباب العربي بحضور مسؤولين حكوميين وبرلمانيين وشباب وفاعلين جمعويين وجامعيين وإعلاميين. كما يتضمن برنامج هذه التظاهرة تنظيم أيام دراسية في شهر مارس 2016، حول منظمات المجتمع المدني الشبابية ودورها في التنمية المجتمعية، وذلك اعترافا بالدور الكبير الذي تضطلع به هذه المنظمات في تعزيز انتماء ومشاركة الشباب في مجتمعهم وتنمية قدراتهم والعمل على تحقيق التنمية المجتمعية. كما يرمي تنظيم هذه الأيام الدراسية إلى المساهمة في إبراز دور منظمات المجتمع المدني الشبابية من خلال تكاتف الجهود لإحداث تغيير فعال هدفه التنمية ومساعدة الأشخاص داخل المجتمع. وتشمل فعاليات هذه التظاهرة العربية، أيضا، تنظيم مهرجان عربي لمسرح الشباب في شهر أبريل، وملتقى عربي للفنانين التشكيليين والمصورين الفوتوغرافيين الشباب في شهر أبريل كذلك، ومهرجان للموسيقى الشبابية وإحياء التراث العربي في شهر شتنبر، ومهرجان عربي للألعاب الرياضية التقليدية في شهر غشت، وملتقى للشباب العربي للأفلام القصيرة في شهر أكتوبر.