اعتبر المشاركون في الندوة، المنظمة من طرف مركز "مدى للدراسات والأبحاث" بشراكة مع كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – طريق الجديدة بالدارالبيضاء، أن إصلاح منظومة العدالة ليس بالأمر الهين، خاصة أنها تشمل مجموعة من الفاعلين (من قضاة وموثقين ومحامين وخبراء ونساخ، وعدول، وكتاب ضبط، وشرطة قضائية، ومساعدي القضاء)، مضيفين أن الإصلاح رهين بالتخليق والتكوين المستمر، واستحضار الضمير المسؤول، وإشراك جميع الفاعلين والمتقاضين. وقال بنسالم أوديجا، مدير التشريع بوزارة العدل والحريات، إن "إصلاح ورش القضاء ليس رهينا بسنة أو سنوات، وهو ما يظهر من خلال مشاريع القوانين المطروحة للنقاش، التي انطلقت مراجعتها منذ عشرات السنين، وتعاقب على تعديل فصولها وزراء عدل سابقون"، مضيفا أن "منظومة العدالة بحر لج لا تحده شواطئ، وإصلاحها صعب لكثرة المتدخلين فيها". وأبرز بنسالم، في مداخلته خلال الندوة، أن جلالة الملك محمد السادس وجه رسالات دالة في هذا المجال، من خلال الدعوة الى مخطط واسع لإصلاح القضاء، ثم الخطاب التاريخي لغشت 2009، فضلا عن وضع دستور جديد، وما جاء فيه من تنصيص على مفهوم واسع للحقوق والحريات، إضافة إلى انطلاق الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة لم يعد فيه الحديث عن إصلاح القضاء وحده، بل إصلاح منظومة العدالة بشكل أعمق وشامل. من جانبه، اعتبر القاضي عبد اللطيف الشنتوف، رئيس نادي قضاة المغرب، أن سقف الدستور كان كافيا، من خلال التنصيص على استقلال السلطة القضائية، التي خصص لها 22 فصلا، وستة فصول للمحكمة الدستورية، مشيرا إلى أنه لأول مرة يطرح مصطلح السلطة القضائية إلى جانب السلطتين التشريعية والتنفيذية. وأوضح الشنتوف أن الدستور نص على مجموعة من الضمانات الذاتية للقضاة، وكفل لهم حرية التعبير، والانتماء إلى الجمعيات المهنية، معتبرا ذلك مؤشرات إيجابية، فضلا عن أنه خول للقضاة في حال ما إذا جرى المس باستقلاليتهم إحالة هذا الأمر على المجلس الأعلى للسلطة القضائية. وبخصوص تنزيل مقتضيات الدستور، ناقش الشنتوف ذلك من خلال سبعة مؤشرات، خلص من خلالها إلى "وجود تردد في التنزيل بعد مرور أربع سنوات على وضع الدستور"، مشيرا إلى "عدم وجود أي نص تنظيمي، ما يعتبر مؤشرا سلبيا"، وأن "وزارة العدل مازالت حاضرة في الشأن القضائي، فيما كثرت الدعوات لاستقلال السلطة القضائية، من خلال التردد في الحسم في بعض القوانين العامة في التخليق ومحاربة الفساد، ووضع آليات واضحة للقطع مع هذه الممارسات، فضلا عن التردد في تنزيل ضمانات القضاة، وسلطة الانتداب، والحسم في بعض المؤسسات من قبيل تبعية النيابة العامة والمفتشية العامة لوزارة العدل". وتحدثت "جمعية إعلامي عدالة" في شخص ممثلتها عن مجموعة من الإشكالات والتساؤلات حول إصلاح منظومة العدالة، في ارتباطها باستقلال السلطة القضائية والمجلس الأعلى للسلطة القضائية. ووجهت الجمعية، التي تضم عددا من الصحافيات والصحافيين المشتغلين في فضاء العدالة، نداء ل"الإفراج عن السلطة القضائية"، المفترض أن تكون موازية للسلطتين التشريعية والتنفيذية، وفق روح دستور 2011، الذي ميز بين السلطة القضائية، بدءاً من الفصول 107 إلى 112، وبين المجلس الأعلى للسلطة القضائية، الذي تحدثت عنه الفصول من 113 إلى 117 من الدستور.