واعتبر أن من شأن هذه التحولات أن ترهن مستقبلها، نظرا لأن تطورها المجالي في التعمير وفي الميادين الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، كي يستجيب للحاجيات الحالية والمستقبلية للسكان، من حيث البنيات التحتية الأساسية، والحد من التفاوتات والحفاظ على الهوية، وتثمين الموروث المادي واللامادي ورفاه السكان. وحاول المتدخلون، في يوم دراسي، نظمته "جمعية أبي رقراق"، بتعاون مع كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسلاالجديدة، أول أمس السبت، حول موضوع "مدينة سلا في أفق 2030: الآفاق الممكنة"، تحليل التحديات المجالية للمدينة، مع ما يتطلبه ذلك من توازن وتناسق بين ضفتي أبي رقراق، لتحقيق رفاهية الأجيال المقبلة، وفق تفكير جماعي حول استراتيجية إعداد التراب والجهوية والحكامة والاقتصاد المحلي وتقييم القرارات السياسية. وقدمت خديجة عزمان، ممثلة عمالة، صورة حول وضعية المدينة، مبرزة أنها من أهم التجمعات السكانية بالمغرب لقربها من العاصمة الرباط، ومنذ السبعينيات، أصبحت مركزا للوافدين من القرى ومدن أخرى، خاصة المواطنين ذوي الدخل المحدود، ما أدى إلى توسع عمراني غير محكم، وظهور تحديات تتطلب مواكبة الحاضر وتدارك التأخر، ووضع سياسة استباقية للمدينة. وأفادت أن الكثافة السكانية لسلا تقدر بحوالي 1346 نسمة في الكيلومتر مربع، وأن تزايد السكان يصل إلى 2.8 في المائة سنويا، مشيرة إلى أن معدل الفقر الوطني يقدر ب9.5 في المائة، وفي جهة الرباطسلا زمور زعير 5.1 في المائة، في سلا 6.2 في المائة. وأفادت المتحدثة أن المدينة تشهد مجموعة من الإكراهات، أبرزها عدم تطوير التراث التاريخي والثقافي، واستقبال غير مؤهل لجلب السياح الأجانب، وتناقض متدرج للأماكن السياحية. وفي مجال النقل والتواصل، أبرزت عزمان أن السكان يعانون بشكل كبير، والطرق الرابطة بين الرباطوسلا لا تلبي طلب السكان، مع استفحال ظاهرة النقل السري. وعلى مستوى البنيات التحتية والسكن، أفادت عزمان أن هناك نموا ديمغرافيا خارجا عن السيطرة، وبدون نظرة شمولية، وانتشار دور الصفيح، ومشاكل على مستوى السكن، وخصاصا في الأطباء، بطبيب واحد لأزيد من 5 آلاف من السكان، ونقصا في عدد مؤسسات التعليم، إلى جانب تفشي البطالة وسلبياتها على الأمن بالتراب المحلي. وفي مجال البيئة، أشار إلى عدم معالجة المياه العادمة وتموقع مبان سكانية بمحاذاة مستودعات مهجورة ومراكز التفريغ، موضحة أنه، رغم هذه المشاكل، فإن سلا تعد، على المستوى الاقتصادي، أول متدخل من ناحية الدخل، إذ تساهم بنسبة 20 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي. وتحدثت عزمان عن إطلاق مشاريع لتأهيل سلا، تهم 25 مشروعا و4 قطاعات استراتيجية، تتعلق بالثقافة، والتراث، والسياحة، والصناعة التقليدية، ومعالجة السكن، مشيرة إلى وضع رؤية استراتيجية تضم ثمانية محاور، من بينها تأهيل المدينة العتيقة، وتأهيل الفنادق، وترميم المآثر التاريخية، ومعالجة الدور الآيلة للسقوط. وفي مداخلة، بشر نور الدين الأزرق، عمدة المدينة، الطلبة بأن الأشغال لتمديد خط جديد لشبكة الترامواي ستنطلق نهاية فبراير الجاري من قرب المقر القديم للجماعة الحضرية لسلا في اتجاه حي مولاي اسماعيل والكلية بسلاالجديدة. وقال الأزرق إن سلا تشهد "تحولات بنيوية"، وأن هناك "تغييرات جذرية لمستويات متعددة، تتطلب تكاثف الجهود للاستجابة لحاجيات السكان، باعتماد مخطط للتنمية المحلية"، مشيرا إلى أن سلا تعد من الحواضر المتميزة، خاصة من حيث النمو الديمغرافي، إذ تعد الثانية بعد الدارالبيضاء. وأفاد أن سلا انخرطت في العديد من البرامج التنموية، منها برنامج 2005-2009، والبرنامج التأهيلي 2014 -2016، الذي يضم برنامج تأهيل المدينة العتيقة، والبرنامج التنموي للنجاعة الطاقية، وبرنامج القضاء على دور الصفيح، فضلا عن انخراط الجماعة في برنامج بيئي، وتوقيع اتفاقيات، منها اتفاقيات عمداء المدن، وكانت المدينة الوحيدة التي وقعت على هذه الاتفاقيات على الصعيدين الوطني والإفريقي. كما تحدث الأزرق عن وضع "تشخيص دقيق، مكن من الوقوف على كل الاختلالات، وفق مقاربة مندمجة، تمخضت عنها 8 محاور، منها تأهيل المدينة"، مشيرا إلى أن سلا عرفت إنجاز مشاريع، تهم البنية التحتية، وخاصة الشبكة الطرقية وإصلاح الشوارع، وتهيئة العديد من المناطق الخضراء، وتهيئة 30 ساحة عمومية مستقبلا، يضيف الأزرق، والرفع من عدد دور الشباب إلى 20 دارا، وأربعة ملاعب، بعدما كان هناك ملعب واحد، مؤكدا أن هذه المشاريع ستعيد تموقع سلا، مقارنة مع الرباط.