ووري جثمان الراحل محمد بسطاوي الثرى، بعد عصر أمس الخميس، بمقبرة الشهداء بالرباط غير بعيد من أسرته الصغيرة بمدينة سلا. وكانت الحالة الصحية للممثل، المزداد بمدينة خريبكة سنة 1954، تدهورت في الآونة الأخيرة، وأدخل إلى غرفة العناية المركزة، مع إخضاعه للتنفس الاصطناعي بالمستشفى العسكري بالرباط. ويعد الراحل، حسب شهادات العديد من الفنانين والمخرجين، واحدا من أبرز الوجوه الفنية المغربية، إذ ساهم في تقديم العديد من الأعمال الجيدة، التي رسخت اسمه كرائد من رواد الخشبة والشاشتين الصغيرة والكبيرة. في شهادته، قال الممثل والمخرج إدريس الروخ ل"المغربية" إن وفاة بسطاوي خسارة كبيرة للفن المغربي، باعتباره من أعمدة فن التمثيل في الساحة الوطنية، إذ تألق في العديد من الأدوار بالمسرح والتلفزيون كما في السينما، مشيرا إلى أنه "ممثل يجيد الإصغاء إلى نبض الشخصيات، ويتمثل أحوالها وطبائعها، واستكشاف خباياها قبل أن يشرع في تمثيلها وتقديمها للجمهور، وبذلك استطاع أن يشق لنفسه طريقا خاصا، جنبه السقوط في أي استنساخ". اكتشف الجمهور محمد بسطاوي في مسرحيات "حكايات بلا حدود"، و"بوغابة" و"نركبو لهبال" ل"مسرح اليوم"، و"خبز وحجر"، و"فانطازيا" لفرقة "مسرح الشمس"، التي ساهم في تأسيسها، رفقة يوسف فاضل وعبد المجيد الهواس، ومحمد خيي، وعبد العاطي المباركي، قبل أن ينضم إليها ممثلون آخرون، مثل محمد الشوبي. وبرز في مجموعة من الأعمال السينمائية والتلفزيونية مع مخرجين كبار، من طينة محمد مفتكر، وكمال كمال، وشفيق السحيمي، ومحمد إسماعيل، وسعد الشرايبي، وفوزي بنسعيدي وآخرين. وأدى أحسن أدواره في الشريط السينمائي "جوق العميين" بشهادة مخرج الفيلم محمد مفتكر، كما تألق في دور الراحل "عبد السلام عامر" في"الحياني"، لكمال كمال، وأبدع في "بنحيلة الركراكية"، وقدم أداء متميزا في "الصوت الخفي"، الذي جمعه برفيقي دربه محمد خيي ومحمد الشوبي، ولمع في مسلسل "وجع التراب"، مع المخرج شفيق السحيمي. وفي شهادة في حقه، قالت الفنانة ثريا جبران، وزيرة الثقافة السابقة، "إن البسطاوي جزء من ذاكرتها، مضيفة "اشتغلت معه في عمل مشترك في إطار تجربة مسرح اليوم، أو ربما في عمل مسرحي أو سينمائي قد يكون (حكايات بلا حدود) أو (بوغابة) أو (أيام العز)، وهي كلها أعمال رائعة لا تنسى". وبعد أن وصفته بالفنان الصادق الوفي للصداقة والزمالة، قالت جبران إن اللقاء بالبسطاوي كان في المسرح، حيث اقتسم الجميع الفرح والدمع والأمل والألم والنجاح والخيبات، وما في الذاكرة وما في الأفق، مشيرة إلى أن هذا الفنان، الآتي من قبائل الشاوية، الناجح والهادئ العميق، ابن "مسرح اليوم" يصبح الآن ابن مسرح العالم العربي وسينماه، التي احتفت به غير ما مرة في جل مهرجاناتها الوطنية والدولية".