سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مؤسسة التجاري وفابنك تنظم ندوة حول مفهوم الرأسمال اللامادي وتأثيره الكتاني: الخطاب الملكي لعيد العرش حدد المنطلقات الأساسية لتقييم الثروة الإجمالية للمغرب
نظمت مؤسسة التجاري وفابنك، أول أمس الخميس بالدارالبيضاء، ندوة حول موضوع "الرأسمال اللامادي: المنفعة، التقييم والتأثير". خبير بالبنك الدولي يبرز أبعاد الشراكة الاستراتيجية الموقعة مع المغرب جانب من ندوة التجاري وفابنك (ت: ساوري) قال محمد الكتاني، الرئيس المدير العام لمجموعة التجاري وفابنك، إن الخطاب التاريخي لجلالة الملك محمد السادس، يوم 30 يوليوز الماضي، بمناسبة الذكرى 15 لعيد العرش، حدد المنطلقات الأساسية لتقييم الثروة الإجمالية للمغرب. وأضاف الكتاني أن المغرب، مثله مثل العديد من البلدان، استند في تحديد ثرواته إلى المؤشر الاقتصادي التقليدي، المتمثل في الناتج الداخلي الخام، وأن المقياس، الذي دعا جلالته إلى اعتماده، سيكون أداة لإبراز مجهودات الدولة، باعتباره يدمج، عكس المقاربة الاقتصادية الكلاسيكية، عوامل من قبيل الكفاءات البشرية، والاندماج الاجتماعي، والاستقرار والأمن، كما سيسمح بتقييم، ليس فقط الثروات، لكن، أيضا، كيفية توزيعها، كل ذلك من أجل تشخيص تأثير الأوراش الكبرى، التي أطلقتها الدولة على المواطنين ومستوى عيشهم. واستحضر الكتاني، في كلمته الافتتاحية، ما ورد في الخطاب الملكي لعيد العرش، موضحا أن جلالة الملك أكد أن النموذج التنموي المغربي بلغ درجة من النضج، تؤهل المملكة لاعتماد معايير متقدمة وأكثر دقة، لتشخيص وقياس فعالية السياسات العمومية، وتحديد تأثيراتها الملموسة على حياة المواطنين. واستطرد الرئيس المدير العام لمجموعة التجاري وفابنك أن جلالة الملك أكد على أن الرأسمال البشري غير المادي يعتبر من أحدث المعايير المعتمدة دوليا، لقياس القيمة الإجمالية للدول. واعتبر الكتاني أن هذه الثورة الإحصائية، التي انخرط فيها المغرب، ستساهم في تعزيز إرادة تسريع وتيرة التنمية، مع الحرص على استدامتها واستفادة الجميع من نتائجها، وأضاف أن هذه الخطوة ترمي إلى تمكين المغرب من نموذج اقتصادي واجتماعي وبيئي منسجم مع خصائصه. وأوضح أن المقاولة المغربية تعتبر، بدورها، معنية برفع هذا التحدي، وأنه بإدماج هذه المقاولات للرأسمال اللامادي ضمن مؤشرات أدائها، فإنها ستضاعف من حظوظ تطور إنتاجية مأجوريها والتحفيز على الابتكار. وقال الكتاني "إنني مقتنع بأنه بتظافر جهود كل القوى الحية للأمة، ستصبح المقاولات أكثر كفاءة وتنافسية، وسيصبح التلاحم الاجتماعي أكثر قوة، وسيتأتى، أيضا، الحفاظ على بيئتنا في أفضل الظروف". من جهته، قدم جان بيير شوفور، خبير اقتصادي بالبنك الدولي، تعريفا لمفهوم الرأسمال اللامادي، مبرزا أن البنك الدولي أصدر تقريرين برسم سنتي 2005 و2013، يحددان ثروات الشعوب بطريقة منهجية، لا تعتمد فقط على الناتج الداخلي الخام، لكن أيضا على الرصيد الحضاري والثقافي والبشري، لرصد نسبة النمو، وصياغة خارطة طريق السياسات العمومية المقبلة. وبعد تأكيده على أهمية الدراسة التي انخرط فيها المغرب لتقييم ثرواته حسب المعيار منذ سنة 1999 إلى الآن، أشار إلى أن الرأسمال اللامادي يتضمن الثروات الشاملة للأمم، من قبيل الرأسمال الطبيعي، المتكون من حجم الغطاء الغابوي، والثروات المعدنية، والموارد البحرية إلى غير ذلك، إضافة إلى الرأسمال البشري والاجتماعي. واعتبر أن منهجية احتساب هذا المقياس تنطلق من تحديد الثروة الإجمالية على أساس الاستهلاك ومدة هذا الأخير، واحتساب المردودية المستقبلية للموارد الطبيعية، والطاقات المتجددة، والموارد المائية، والرصيد من العملة الصعبة. وأضاف أن البنك الدولي يعتمد هذا المنهج لتقييم الرأسمال اللامادي ل 120 دولة. ومن بين أهم أسس هذا القياس، أفاد ممثل البنك الدولي أن التعليم يمثل رافدا مهما، وبخصوص المغرب، اعتبر أن المجهودات المبذولة منذ 15 سنة في هذا الورش لم تكن في حجم الانتظارات، مشيرا إلى أن القرارات المتخذة خلال سنة 2013 بهذا الخصوص تسير في الاتجاه الصحيح. في الإطار ذاته، أكد أن الاستثمارات في الأوراش الكبرى، التي تناهز 36 في المائة من الناتج الداخلي الخام، لم تمكن من بلوغ نسب النمو المأمولة، إذ أن معدل النمو لم يبلغ بعد سقف 7 و8 في المائة لامتصاص البطالة، ودعا إلى الاستمرار في هذه الاستثمارات، مؤكدا أن نتائجها ستظهر في الأفق، وستكون لها مردودية واضحة. وأكد شوفور أن البنك الدولي سيقدم دعما تقنيا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي ينجز هذه الدراسة بتعاون مع بنك المغرب، والمندوبية السامية للتخطيط وغيرها من المؤسسات. وأضاف أن احتساب الرأسمال اللامادي يعتمد، أيضا، على قياس الرأسمال المؤسساتي، الذي يهم الحرية الاقتصادية والتنافسية الحرة، والعدالة واحترام المساطر القانونية، والحكامة الجيدة، والشفافية، وحق الوصول إلى المعلومة، إلى جانب قياس الرأسمال الاجتماعي، والرأسمال البشري، الذي يهم مجالات الصحة والتعليم والتأهيل، ومعدل الحياة، كما يشمل هذا الرأسمال اللامادي جانب رأسمال الفقراء المتكون من الاقتصاد غير المهيكل. وذكر شوفور بالشراكة الاستراتيجية الموقعة بين المغرب والبنك الدولي برسم 2014 و2017، مشيرا إلى أنها تقوم وتستند إلى ثلاث مقاربات، تتعلق بدعم البنك الدولي للمملكة بغية تحقيقها لنمو تنافسي وإدماجي للشباب والنساء، ودعم الاقتصاد الأخضر، وأخيرا، دعم حكامة المؤسسات لخدمة أفضل للمواطنين. أما توفيق مولين، المدير العام للمعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية، فقدم تصورات ارتبطت بكيفية إدماج المغرب لمقاربة الرأسمال اللامادي لتعزيز السياسات العمومية، مؤكدا أن أهم شيء هو تحديد آليات استغلال الرصيد اللامادي في خدمة المجتمع. وأكد مولين أن دستور 2011 دعا إلى خلق أنماط جديدة لسياسات عمومية أكثر ملاءمة ونجاعة، مشيرا إلى أن هذا المقياس سيكون أداة لتحقيق النتائج المنتظرة، وأن إصلاح المنظومة التعليمية سيساهم في الرفع من مكانة الرأسمال البشري. وحسب التصنيفات الدولية في معيار الرأسمال اللامادي، أفاد مولين أن المغرب احتل المرتبة 76 من ضمن 152 دولة سنة 2005، والرتبة 67 من ضمن 125 دولة خلال سنة 1995. وأبرز أن مؤشرات نمو الرأسمال اللامادي عرفت تطورا واضحا بالنسبة للمغرب منذ سنة 2000 وإلى غاية 2013. وأجمع المتدخلون على أهمية دعوة صاحب الجلالة للقيام بدراسة حول القيمة الإجمالية لثروة المغرب منذ سنة 1999 إلى سنة 2013، لقياس الثروة الحقيقية للبلاد. وأوضحت المداخلات أن الغرض من هذه الدراسة ليس فقط تسليط الضوء على قيمة رأس المال غير المادي للمغرب، ولكن أيضا، وبصفة خاصة، التشديد على ضرورة الاستناد على رأس المال المذكور كمعيار أساسي في وضع السياسات العامة. وأبرزت المداخلات أن إجراء دراسة لقياس القيمة الإجمالية لثروة المغرب يمثل وقفة تأملية، ستكون مماثلة لتلك التي قيام بها المغرب سنة 2005، والتي مكنت من تقييم الإنجازات وتحديد أوجه القصور وسقف التطلعات. ويعتبر المغرب من البلدان القليلة التي قررت، على نحو استباقي، إطلاق مشروع تقييم منتظم لثروتها الوطنية ورأسمال البلاد غير المادي. وجرى هذا التقييم من خلال الاعتماد، في المرحلة الأولى، على المقاييس التي يعتمدها البنك الدولي. يشار إلى أن البنك الدولي قام فعليا بتقييم ثروة الدول ورأس مالها غير المادي، وقام البنك الدولي ببعض التقييمات في 2010 و2012 و2013 لعدد محدود من البلدان، بما في ذلك المغرب. وجرى التقييم بطريقة مختلفة عن الأسلوب التقليدي من خلال احتساب الناتج المحلي الإجمالي، بما يسمح بإجراء مقارنات، ويخول تحديد الترتيب الدولي لكل بلد، على الصعيد العالمي وكذلك على مستوى المكونات المختلفة لثروتها الوطنية. استنادا إلى مقاييس البنك الدولي، تُمثّل الثروة الوطنية القيمة الحالية للاستهلاك المستقبلي في كنف جيل واحد. ويقدر رأس المال غير المادي بطرح رأس المال المنتج ورأس المال الطبيعي من الثروة الوطنية، وإضافة صافي الأصول المالية. ويشمل الاحتساب جميع الموجودات التي ليست ملموسة والتي من الصعب بالتالي تقييمها، مثل رأس المال البشري ورأس المال الاجتماعي وجودة المؤسسات. ويمثل رأس المال المنتج قيمة المخزون من رأس المال المادي، أي الآلات والمعدات، والمباني والأراضي في المناطق الحضرية. أما بالنسبة إلى رأس المال الطبيعي، فإنه يشمل موارد الطاقة، والموارد المعدنية، وموارد الغابات، وهي الأراضي الصالحة للفلاحة، المراعي والمناطق المحمية.