بعد ساعات طويلة من الترقب، انتخب، صباح أمس الأحد، عبد اللطيف الشنتوف رئيسا جديدا لنادي قضاة المغرب، ب295 صوتا من مجموع 343 صوتا معبرا عنها، خلفا لياسين مخلي، الذي انتهت ولايته دون أن يترشح لمنصب الرئاسة. ونافس الشنتوف ثلاثة مرشحين هم القضاة سهام بنمسعود (15 صوتا)، ومصطفى العلمي السني (9 أصوات)، وعادل فتحي (8 أصوات)، في حين انسحب القاضي عبد العزيز البعلي، الذي كان أكبر منافس للشنتوف، قبل تقديم ترشحه، بسبب ما وصفه ب"اختلالات أخلاقية وقانونية" في انعقاد الجمع العام. كما انتخب 10 قضاة للمكتب التنفيذي، هم ياسر العمراني، ونزهة مسافر، وعبد العالي بوحمالة، وياسر المسعودي، وعبد الرزاق الجباري، وهشام العماري، وأنس أحرار، وهشام بويعلي، ميمون الهواري، الذين سينتخبون من بينهم نائب رئيس النادي، كما ينص على ذلك القانون الأساسي، بعد تعديل صادق عليه الجمع العام الثاني. وجرى انتخاب الشنتوف، الذي كان ضمن المكتب التنفيذي المنتهية صلاحيته، بعد مشاحنات استمرت أزيد من ساعتين، وصفت ب"غير العادية" بين قضاة مؤيدين لقانونية عقد الجمع العام، المنعقد أول أمس السبت، على اعتبار أن الجمع العام حاضر بأعضائه وسيد نفسه، وبين قضاة طالبوا بإرجاء الجمع العام، خاصة قضاة مكتب الدارالبيضاء، وعلى رأسهم عبد العزيز البعلي، لعدم اكتمال النصاب القانوني، ما حتم اللجوء إلى التصويت الذي أيد انعقاد الجمع العام، فيما انسحب المعارضون، الذين لم يتجاوز عددهم 10 أعضاء. واعتبر القضاة المنسحبون، في تصريحات ل"المغربية"، أن ما وقع يعتبر "خرقا للقانون الأساسي، الذي ينص على أن النصاب المتعلق بانتخابات الجموع العامة يتمثل في نصف عداد الأعضاء المنخرطين بصفة رسمية، حاملين لبطائق الانخراط". وأكد المنسحبون أن النصاب الممثل في 761 عضوا لم يكتمل خلال هذا الجمع العام، ما يتعين معه إرجاء الجمع لمدة 15 يوما، على أساس اعتماد قراراته بمن حضر من الأعضاء. وعاينت "المغربية" حالة من التشنج والتوتر، بعد الاحتكام إلى التصويت حول الاستمرار في أشغال الجمع العام، ما أثار حفيظة القضاة المنسحبين، على اعتبار أن النادي يشكل منخرطوه الرسميون 1522 منخرطا، وأن عدد الحاضرين لم يتجاوز 450 عضوا، ما أرجأ عقد الجمع، يوم السبت، لساعات قبل أن ينطلق في حدود الثانية عشرة ظهرا. واستمرت عملية انتخاب الرئيس الجديد والمكتب التنفيذي والمجلس الوطني لساعة متأخرة من مساء اليوم نفسه، في حين، استمرت عملية الفرز إلى حدود منتصف الليل، قبل الإعلان عن انتخاب الشنتوف رئيسا جديدا للنادي. وقال عبد الله الكرجي، أحد المؤسسين لنادي قضاة المغرب، إن الجمع العادي الثاني للنادي يعتبر "عرسا قضائيا، خاصة عدم ترشح الرئيس المنتهية ولايته مرة ثانية، فاسحا المجال لأعضاء آخرين من أجل التداول على المسؤولية، وتجديد النخب داخل النادي، وفق الآليات الديمقراطية". واعتبر الكرجي، في تصريح ل "المغربية" قرار القضاة المنسحبين "انتكاسة وتراجعا عن الآليات الديمقراطية، التي يعتمدها النادي منذ تأسيسه، باعتباره جمعية ديمقراطية، فيما أوضح القاضي محمد الهيني أن النصاب القانوني للاجتماع كان متوفرا طبقا للفصل 23 من القانون الأساسي للنادي، بتسجيل أكثر من 560 مؤتمرا، في الوقت الذي تعدى فيه المنخرطون المؤدون لواجب الانخراط ألف منخرط، وبالتالي، يضيف الهيني، فإن الحضور شكل أكثر من نصف الأعضاء المسجلين بصفة قانونية. من جانبه، أكد عبد العزيز البعلي، أحد القضاة المنسحبين من الجمع العام لنادي قضاة المغرب، "احتمال لجوء بعض أعضاء النادي إلى القضاء للطعن في مشروعية الجمع العام"، قائلا إن "الحل لا يكمن في هذه الخطوة بل ما ينبغي التفكير فيه هو تجاوز هذه الأزمة بالتأسيس لولادة جديدة للنادي تضمن الاختلاف في الرؤى من أجل الحفاظ على وحدة نادي قضاة المغرب". من كواليس الجمع العام - أكد ياسين مخلي، الرئيس السابق لنادي قضاة المغرب، أن عدم ترشحه لولاية ثانية ولأي جهاز من أجهزته، رغم أن القانون يخول له الترشح لولايتين، كان من أجل فسح المجال لأطر أخرى للترشح وتولي المسؤولية، تفعيلا لمبادئ تأسيس النادي، ولتقديم مبادرات وأفكار جديدة لتطوير المكتسبات وتحصينها، وتجاوز بعض السلبيات التي رافقت التجربة السابقة للنادي. - اتفق القضاة الحاضرون على رفع ملتمس لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، باعتباره رئيس المجلس الأعلى للقضاء، لشرح حيثيات قضية محمد عنبر، نائب رئيس النادي المنتهية ولايته، بعدما حضر أشغال الجمع العام، حيث كانت قضيته ضمن جدول أعمال الجمع العام. واستهجن بعض القضاة تشبث عنبر ب"حقه الشخصي في تدويل قضيته"، مشددين على أنه لا يمكن تحميل النادي أي إجراءات خارج ما هو متفق عليه. -تأخر انطلاق الجمع العام لأكثر من ثلاث ساعات بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني، إذ لم يصل حتى منتصف النهار إلى 500 مؤتمر من مجموع 1500 عضو في النادي، ما جعل أشغاله معلقة، حسب تصريح ياسين مخلي. -وزع بعض القضاة، وبشكل سري، لائحة للمرشحين أطلقوا عليها اسم "لائحة الاستمرارية والتغيير"، تضم 70 مرشحا، بينهم 10 مرشحين للمكتب التنفيذي، والباقي للمجلس الوطني، يترأسها عبد اللطيف الشنتوف، الذي شغل منصب الكاتب العام للنادي في الولاية المنتهية، وهي تبقى لائحة مؤقتة، مقابل لائحة ثانية لعبد العزيز البعلي، رئيس المكتب الجهوي للنادي بالبيضاء، ما اعتبره بعض القضاة "لوائح خارج القانون الأساسي مادام الأخير ينص على الاقتراع الفردي الاسمي". - تضمنت الجلسة الافتتاحية لأشغال الجمع العام، مساء الجمعة، التي حضرها عدد من الجمعيات المهنية المدعوة، وممثلو بعض الهيئات الحقوقية والنقابية، عرض شريط وثائقي، استعرض كرونولوجيا نادي قضاة المغرب منذ تأسيسه، وجميع المحطات النضالية التي مر منها على مدى 3 سنوات من وجوده. -أشاد النقيب عبد الرحيم الجامعي، عن جمعية هيئات المحامين بالمغرب، بمنجزات النادي، قائلا إنه "أول جمعية مستقلة للقضاة، ومن وسط القضاة، ومن وحي القضاة، مفتوحة أمام كل القضاة، لا تمييز فيها بين القضاة سواء بالدرجة أو بالمسؤولية أو بالمكانة أو بالهمز أو اللمز، أجهزتها من صنع القضاة، يترشحون إليها بكل حرية، وينتخبون بها بكل حرية. ونادي القضاة ليس جمعية ككل الجمعيات، بل هو مشروع كبير وازن".