استطاعت فرقة "تيناروين" الموسيقية أن تلهب حماس جمهور مهرجان كناوة في دورته الثالثة الذي حج مساء أمس الجمعة بمنصة مولاي الحسن بشكل لافت، إذ عبر أعضاء الفرقة عن إعجابهم بحضور هذا الكم الهائل وترديد أغانيه كاملة، ما جعل رئيسها كل ثانية يخاطبهم بلكنة ممزوجة باللغة العربية الفصحى والأمازيغية "واش كلشي مزيان". وبعد أن ردد الجمهور بصوت مرتفع "نعم كلشي مزيان " ازداد إيقاع الموسيقى وتفاعل الجمهور من خلال ترديد أحدث أغاني الطوراق التي تضمنها ألبوها الأخير بعنوان "إلوان". حافظ أعضاء فرقة الطوارق خلال تقديم عروضهم الفنية التي دامت زهاء ساعتين على ارتداء الزي الرسمي وهو عبارة عن دراعية تحمل ألوانا مختلفة وعمامات باللونين الأبيض والأسود. وقدم الطوراق عروضا فنية ساحرة تخللتها أنغام قوية سافرت بالجمهور إلى الصحراء حيث الهدوء والسكينة والحب والإخاء، ثم سرعان ما تعود بهم إلى أجواء فن كناوة ليرقصوا على إيقاعها من جديد. وتعتبر فرقة "تيناروين" فرقة موسيقية تقليدية وحركة ثقافية نابعة من "أدرار إفوغاس" السلسلة الجبلية الصحراوية الممتدة بين شمال مالي وجنوب الجزائر، والمجموعة ولدت من لقاء ثلاثة من الطوارق وهم ابراهيم آغ الحبيب، حسن التهامي، وعبد الله آغ الحوسنين، في صحراء تمنراست بمالي، وارتبطت ولادتها سنة 1982 بنفي شعب الطوارق. وكانت المجموعة التي يعني اسمها الكامل تاغرفت تيناروين "بناء البلاد" تقدم حفلاتها خلال تلك الفترة في المنفى. ويجمع "أسوف" وهو اسم النمط الموسيقي للمجموعة ويعني الغزلة والحنين بين البلوز والروك والموسيقى التقليدية للطوارئ، وكسرت الفرقة الحدود حين أصدرت في 2014 ألبومها "إيمار"، الذي شارك فيه عازفا القيتار الشهيران: "جوش كلينغرفر"، "وماط سويني". كما استطاع المعلم مصطفى باقبو الذي قدم عرضه الفني الساحر خلال سهرة الجمعة بمنصة مولاي الحسن، أن يشد انتباه جمهوره ويلهب حماسه، بعزف وغناء مقطوعات موسيقية دغدغت مشاعر الجمهور وجعلته يرقص رقصات تتناغم وإيقاع الموسيقى الكناوية. ولد باقبو سنة 1954 بمراكش، وترعرع في زاوية كناوية، حيث لقنه أبوه، لمْعلم العياشي باقبو، الفن الكناوي منذ حداثة سنه، و كان عضوا في فرقة جيل جيلالة الشهيرة وساهم بذلك في الحركة الموسيقية الشعبية لسبعينيات القرن الماضي. وعبر خلال مشاركاته في عدة مهرجانات، على موهبته المتجددة باستمرار وعلى عزمه على التعريف بالفن الكناوي في بعده التقليدي الصرف، كما برهن على قدرته على الامتزاج بكافة الألوان الموسيقية، ولم تقتصر موسيقى باقبو على الصويرة بل انتقل إلى العالمية من خلال إحياء حفلات في أمريكا والصين وأوربا.