انطلقت المباحثات لاختيار قادة جدد للمؤسسات الأوروبية وسط تجاذبات واختبارات قوة بين رؤساء الدول والحكومات وقادة الكتل في البرلمان الأوروبي. وتتركز المواجهة على رئاسة المفوضية الأوروبية لأن من سينتخب لتولي هذا المنصب يجب أن يحصل على دعم رؤساء الدول والحكومات والغالبية المطلقة في البرلمان الأوروبي أي 376 صوتا. وحددت الكتل السياسية في البرلمان الأوروبي مرشحيها ورفض رؤساء الكتل أي ترشيح خارجي في إعلان تم تبنيه قبيل اجتماع لرؤساء الدول والحكومات في بروكسل. ورفضت الكتلة الليبرالية التي تنضوي في إطارها لائحة «النهضة » المدعومة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، دعم هذا الإعلان، لكن عدد النواب الموقعين من الحزب الشعبي الأوروبي )يمين( والاشتراكيين والخضر، يبلغ 395 وبوسعهم تهميش الكتلة الليبرالية. وأُبلغ رئيس المجلس الأوروبي البولندي دونالد توسك بموقف البرلمان الذي سينقله إلى القادة الأوروبيين أثناء قمة استثنائية تُعقد لاستخلاص العبر من الانتخابات الأوروبية التي اتّسمت بنسبة مشاركة بلغت أكثر من 50 في المائة ما يعزز شرعية هذا المجلس. وسيكون لدى توسك أقل من شهر للتوصل إلى اتفاق بين الهيئتين الأوروبيتين قبل قمة 21 - 20 يونيو. وقال أحد المتنافسين على منصب رئاسة المفوضية الأوروبية وهو زعيم الاشتراكيين الهولندي فرانس تيمرمانس، مساء الأحد الماضي «صراع العروش سيبدأ .» إلا أن الإشارة إلى مسلسل «صراع العروش » نذير شؤم لأن قصته قائمة على خيانات ومؤامرات ومجازر وكانت خاتمته مفاجئة حتى أنها خيبت آمال متابعيه. ويطالب اليمين المؤيد لأوروبا والممثل خاصة بالحزب الشعبي الأوروبي بمنصب رئاسة المفوضية في بروكسل لمرشحه البافاري مانفريد فيبر، لكن ليس لديه موافقة المجلس وليس مضمونا أن يفوز في البرلمان. وهناك مرشحان آخران يمثلان الكتلتان الكبيرتان الأخريان: الاشتراكي فرانس تيمرمانس والليبرالية الدنماركية مارغريت فيستاغر. ويجمع الحزب الشعبي الأوروبي هيئاته وسبعة من أصل ثمانية رؤساء دول وحكومات ينتمون إلى الخط السياسي نفسه لإعلان دعمه لفيبر قبل القمة. وأعلنت انيغريت كرامب-كارينباور زعيمة الحزب المحافظ الألماني )الاتحاد المسيحي الديموقراطي( أن «مانفريد فيبر في موقع متقدم وسنساعده للحصول على أكثرية في البرلمان الأوروبي ». وسيحاول عدد من القادة إقناع الحزب الشعبي الأوروبي بالتخلي عن مرشحه لتجنب أزمة. ويقود حركة التمرد هذه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لكنه لن يذهب إلى حد تصويت تتواجه فيه فرنسا وألمانيا، حسب مسؤول أوروبي. ويعتمد ماكرون على دعم رؤساء الدول والحكومات الثمانية من الخط الليبرالي وسيسعى للحصول على تأييد القادة الاشتراكيين الخمسة. واستقبل ماكرون أول أمس الاثنين على مأدبة عشاء زعيمهم رئيس الوزراء الاسباني بيدرو سانشيز، الذي خرج منتصرا من الانتخابات. وأبدت مدريداستعدادها لتشكيل تحالف بين الاشتراكيين والليبراليين الأوروبيين. خمسة رؤساء جدد يفترض أن يلتقي أيضا ماكرون قبل القمة الأوروبية المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي دعمت فيبر في الحملة لكنها ليست مؤيدة لنظام «مرشح مختار .» وسيتغير مسؤولو خمس هيئات في الاتحاد الأوروبي خلال الأشهر المقبلة، وهم رئيس البرلمان في مطلع يوليوز، ورئيس المفوضية ووزير الخارجية الأوروبية وحاكم المصرف المركزي الأوروبي في نونبر ورئيس المجلس في مطلع دجنبر. وكان رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر «المرشح المختار » من جانب الحزب الشعبي الأوروبي عام 2014 . وعلى خلفه أن يحصل على أصوات المكونات الثلاثة الرئيسية للبرلمان: أي الحزب الشعبي الأوروبي والاشتراكيون والليبراليون. وبالتالي فإن فرص وصول فرانس تيمرمانس ومارغريت فيستاغر معدومة إذا أصر الحزب الشعبي الأوروبي على مانفريد فيبر. أما في حالة انسحاب هذا الأخير، فسيكون هناك ضرورة للتوصل إلى اتفاق بين الاشتراكيين والليبراليين لانتخاب أحد مرشحيهما. وقال قادة الحزب الشعبي الأوروبي «لم يعقد أي حلف بين الليبراليين والاشتراكيين .» إلا أن مرشح الحزب الشعبي الأوروبي يجب أن يبتعد عن الساحة في حال لم يحصل على الغالبية المطلقة، وفق ما أكد عدد من قادة هذا الخط السياسي. وألمح فيبر إلى أن الحزب الشعبي الأوروبي قد يقرر دعم فرانس تيمرمانس ضد مارغريت فيستاغر.