يدلي الناخبون في 21 بلدا عضوا في الاتحاد الأوروبي بأصواتهم الأحد لاختيار ممثليهم في البرلمان الأوروبي حيث يتوقع أن تحقق فيه الأحزاب المشككة في جدوى الوحدة الأوروبية تقدما جديدا، حسب استطلاعات الرأي. وكانت اليونان والمجر وبلغاريا ورومانيا وليتوانيا وقبرص الدول الست الأولى التي فتحت مراكز الاقتراع أبوابها فيها، تلتها فرنسا وألمانيا. وجرى الاقتراع بدءا من 23 مايو في الدول السبع الأخرى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بما فيها بريطانيا التي نظمت الانتخابات بسرعة بعد إرجاء بريكست إلى 31 اكتوبر. ودعي 427 مليون ناخب أوروبي إلى التصويت لانتخاب 751 نائبا في البرلمان الأوروبي لولاية مدتها خمس سنوات، يلعبون خلالها دورا حاسما في صياغة القوانين الأوروبية. وتشهد انتخابات هذه المؤسسة الأوروبية التي لم تكف عن تعزيز صلاحياتها مشاركة ضعيفة عادة بلغت 42,6 بالمئة في 2014. ومن النتائج التي سيتم رصدها بدقة النتائج التي سيحققها التجمع الوطني بقيادة مارين لوبن في فرنسا وحزب الرابطة الذي يقوده ماتيو سالفيني في إيطاليا، العدوان اللدودان للمشاريع الأوروبية التي يطرحها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وتشير استطلاعات الرأي إلى تقدم الحزبين اليمينيين القوميين المتحالفين اللذين يأملان في تشكيل تحالف واسع للأحزاب القومية والمشككة في جدوى الوحدة الأوروبية والشعوبية. وهذه القوى حققت تقدما في 2014 لكنها بقيت مشرذمة في مجموعات داخل البرلمان الأوروبي. وتشير استطلاعات الرأي إلى تقدم هذه الأحزاب لكن هذا المزيج غير المتجانس ليس قادرا على تحقيق أغلبية في البرلمان حيث يتوقع المحللون أن يحصل على أقل بقليل من ثلث الأصوات. المفاجأة الهولندية يتوقع أن يأتي حزب بريكست الذي أسسه نايجل فاراج المناهض لأوروبا، في بريطانيا حيث افتتحت الانتخابات، في الطليعة مستفيدا من عجز رئيسة الوزراء تيريزا ماي عن تنفيذ الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي. وقد دفعت الزعيمة المحافظة ثمن هذا العجز بإعلان استقالتها الوشيكة الجمعة. أما الهولنديون الذين صوتوا الخميس أيضا، فقد جاؤوا بأول مفاجأة مع اختراق للعماليين بقيادة فرانس تيمرمانس الرجل الثاني في المفوضية الأوروبية حاليا. ويبدو أن حزب المرشح الاشتراكي الديموقراطي المرشح لخلافة اليميني جان كلود يونكر على رأس المفوضية، يتقدم على الليبراليين والشعبويين الذين كان يتوقع فوزهم. ويفترض أن يكون حزب الرابطة الإيطالي أحد اكبر الفائزين في عدد المقاعد في هذه الانتخابات. وكتب زعيمه ماتيو سالفيني الذي يعتمد على خطاب معاد للهجرة، تغريدة أرفقها بتسجيل فيديو مع رسالة تقول “لا لآورابيا” (اوروبا العربية). أما التجمع الوطني بقيادة حليفته مارين لوبن زعيمة اليمين القومي الفرنسي، فيتصدر نوايا التصويت متقدما على اللائحة التي يدعمها الرئيس إيمانويل ماكرون. أما “أوروبا الأمم والحرية” الكتلة التي يتعاون فيها التجمع الوطني والرابطة في البرلمان الحالي، فتضم 37 نائبا وهو عدد قد يرتفع بأكثر من الضعف على اثر الاقتراع، ويريد سالفيني أن يضيف إليه أعضاء أحزاب أخرى مشككة بالوحدة الأوروبية. نهاية هيمنة الحزبين يرغب سالفيني في التعاون أيضا مع “التحالف المدني المجري” (فيديس) حزب رئيس الوزراء فيكتور أوربان الذي علقت عضويته حاليا من مجموعة المسيحيين الديموقراطيين في الحزب الشعبي الاوروبي، وما زالت نواياه للمستقبل غامضة. لكن كل محاولات التقارب هذه تواجه صعوبات بسبب خلافات عميقة بين هذه الأحزاب، حول عدد من القضايا بينها مثلا الموقف من روسيا. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن القوى المشككة في أوروبا والمناهضة لها لن تتمكن بأي حال من تشكيل أغلبية. ويمكن أن يبقى الحزب الشعبي الأوروبي والاشتراكيون الديموقراطيون أكبر حزبين في البرلمان الأوروبي، لكن هذه الانتخابات يفترض أن تنهي قدرتهما على تشكيل أغلبية وحدهما لتمرير نصوص تشريعية. ويأمل الليبراليون في أن يصبحوا قوة لا يمكن الالتفاف عليها في البرلمان لمصلحة تحالف مطروح مع مؤيدي ماكرون المنتخبين. كما يأمل دعاة حماية البيئة في أن يصبحوا محاورا لا بد منه في المشهد السياسي الذي يبدو مشتتا اليوم أكثر من أي وقت مضى. وإعادة تشكل المشهد السياسي هذه ستكون حاسمة للسباق الى المناصب الأساسية في المؤسسات الأوروبية وخصوصا رئاسة المفوضية خلفا لجان كلود يونكر العضو في الحزب الشعبي الأوروبي. وذكر المتحدث باسم البرلمان الأوروبي خاومي دوش بأنه “لا أحد يمكنه أن يصبح رئيس المفوضية بدون أن يحصل على دعم 376 من أصل 751 نائبا أوروبيا”. وسيعقد رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي الثلاثاء قمة للبحث في التعيينات المقبلة.