تبعا لتصريحات المسؤولين الجزائريين بخصوص محاربة المخدرات، وتوجيه اتهامات إلى المغرب في ترويج المخدرات، في محاولة للتنقيص بالجهود التي يبذلها المغرب في مجال محاربة المخدرات والمرحب بها دوليا، نظمت الحكومة المغربية، أمس الأربعاء، لقاء طارئا لتدارس الوضع وإعطاء بعض التوضيحات بخصوص تلك الاتهامات. وأكدت الحكومة أن الجزائر، التي لم تتخذ أي مبادرة في مجال مكافحة وتهريب المخدرات، اختارت نهج سلوك يسعى إلى التنقيص من جهود المغرب المرحب بها دوليا في هذا المجال. وشدد وزير الداخلية، محمد حصاد، في لقاء صحفي حضره وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، والوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، الشرقي اضريس، على أنه في الوقت الذي تلقى جهود المغرب ترحيبا من الشركاء الجهويين والدوليين، يستمر المسؤولون الجزائريون في تفضيل الجدال حول قضية بالأهمية بمكان باعتبارها تهم أمن وصحة السكان. وأضاف حصاد "أن الأنكى من ذلك هو انخراط الحكومة الجزائرية منذ مدة في منطق توجيه اتهامات ممنهجة للمغرب"، معتبرا أن هذا المنطق "غير مفهوم في ما يخص موضوع مكافحة المخدرات"، لاسيما "أن الجزائر هي من تترأس اللجنة الفرعية المكلفة بمكافحة المخدرات التابعة لاتحاد المغرب العربي". وسجل وزير الداخلية أنه بدلا من السعي إلى الدعوة لاجتماع هذه اللجنة حتى تعمل على توحيد الجهود الجماعية لبلدان المنطقة، لم تتخذ الحكومة الجزائرية أي مبادرة واختارت بدلا من ذلك نهج سلوك لا يسعى سوى إلى التنقيص من جهود المغرب. وتأسف حصاد عن كون لحد الساعة لا يوجد أي اتصال أو لقاء أو تبادل للمعلومات بين المسؤولين الجزائريين والمغاربة، متسائلا كيف يمكن إذن في هذه الحالة لبلدين لا يتواصلان بينهما أن يتصديا بفعالية ونجاعة لشبكات إجرامية تنشط على جانبي الحدود؟، مستحضرا في هذا الصدد التعاون المثالي مع إسبانيا الذي حقق نجاحا معترفا به جهويا قد يشكل مصدر إلهام. واعتبر الوزير نفسه أن هذا الموقف ينم عن خيار سياسي نابع من قناعة لدى السلطات الجزائرية تهدف إلى الحفاظ على الوضع القائم الذي لا يخدم سوى مصالح الشبكات الإجرامية، مشيرا إلى أنه ليس سرا أن تهريب السجائر انطلاقا من الجزائر يبقى هو مصدر التمويل الأساسي للشبكات الإجرامية بما فيها الشبكات الإرهابية التي تنشط بمنطقة الساحل. وكشف الوزير أن الجزائر تظل المصدر الأكبر للأقراص المهلوسة المعروفة بآثارها الفتاكة على صحة وأمن المواطنين، مشيرا إلى أن المصالح الأمنية المغربية قامت منذ بداية سنة 2014 بحجز أزيد من 143 ألف وحدة من الأقراص المهلوسة، وحجزت سنة 2013 أكثر من 450 ألف قرص مهلوس، مما دفع السلطات المغربية إلى تكثيف جهودها لمحاربة هذه الظاهرة الآتية من الجزائر. ونبه حصاد قائلا "إن السلطات الجزائرية تعترف حاليا بصفة رسمية بتطور زراعة الأفيون، كما دعا هذا البلد إلى اتخاذ الإجراءات الضرورية من أجل تفادي اكتساح هذا المخدر للمغرب كما هو الحال بالنسبة للأقراص المهلوسة، سيما أن هاتين المادتين تعتبران الأكثر خطورة". ومن جهة أخرى، دعا الوزير السلطات الجزائرية إلى الانخراط في نهج بناء يهدف إلى محاربة الجرائم العابرة للحدود، خصوصا الاتجار في المخدرات، مؤكدا أن المغرب سيبقى في جميع الحالات، كدولة مسؤولة، منفتحا في منهجيته للتعامل مع هذه الظاهرة. وذكر الوزير بأن المغرب عالج دوما قضية زراعة القنب الهندي بكل شفافية وحزم، دون أي مزايدة عقيمة، كما أبرز أن السلطات المغربية اتخذت خطوات إرادية بتعاون مع مكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة من أجل تقليص المساحات المزروعة، وكذا الاتجار بهذا المخدر. وأشار الوزير إلى أنه تم في هذا الإطار، إجراء دراسة ميدانية مشتركة مع مكتب الأممالمتحدة السالف الذكر مكنت من تقدير المساحات المزروعة بحوالي 134 ألف هكتار، مضيفا أنه منذ ذلك الحين، تم بذل جهود كبيرة مكنت من تقليص المساحات المزروعة إلى حوالي 47 ألف هكتار (أي ما يعادل ناقص 65 في المائة) مؤكدا أن هدف المغرب يتمثل في تقليص هذا المساحة إلى أقل من 30 ألف هكتار على المدى القريب جدا. وذكر الوزير أيضا بأن جهود المغرب في محاربة شبكات الاتجار بالمخدرات، مكنت خلال الستة أشهر الأولى من السنة الجارية، من حجز أزيد من 100 طن من الشيرا، وتفكيك 98 شبكة للاتجار بالمخدرات، وهي الجهود التي أصبحت معترفا ومرحبا بها ودفعت بدول الجوار الأورو-متوسطي إلى الانخراط فيها، مما سهل إحداث مجموعة الأربع (المغرب - إسبانيا - فرنسا- البرتغال). وشدد وزير الداخلية في الأخير على أن المغرب، البلد العريق الذي يطمح إلى العيش في ظل مناخ يتسم بالتفاهم والسلام مع جيرانه، لن يدخر جهدا في سبيل مد يده نحو كافة الشركاء بالمنطقة دون استثناء، من أجل العمل سويا على ضمان استتباب الأمن والسكينة لفائدة شعوب المنطقة، معربا عن طموح المغرب ليجد هذا النداء آذانا صاغية لدى المسؤولين الجزائريين.