أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مرفوقا بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، اليوم، صلاة الجمعة بمسجد اليوسفي بمدينة الدارالبيضاء. ماب ذكر الخطيب، في مستهل خطبة الجمعة، بأن هناك، في حياة الأمم والشعوب، محطات مهمة تسجل لوقائع بارزة وتؤرخ لأحداث عظام تستذكرها وتحييها اعتزازا بماضيها واهتداء بما تنطوي عليه من دروس وعبر في تدبير حياتها الحاضرة، واستلهاما منها في تلمس أسباب تحقيق غدها الواعد ومستقبلها الزاهر. وأضاف أنه، في هذا الإطار، خلدت الأمة المغربية، يوم الثلاثاء الماضي، بتأثر وخشوع، ذكرى انتقال جلالة المغفور له محمد الخامس إلى جوار ربه، بعد جهاد مرير ونضال مستميت، ضحى فيه بالغالي والنفيس من أجل استعادة عزة شعبه وكرامته بانعتاقه وتحرره واستقلاله، بعد احتلال دام أكثر من أربعين سنة، مبرزا أن الملك الراحل كان في طليعة النضال وقائد الوطنيين المخلصين المجاهدين، يعضده ويساعده وارث سره جلالة المغفور له الحسن الثاني. وأكد الخطيب أن محمد الخامس، بوثبته التاريخية العظمى وباسترخاصه مجد العرش وأبهة الملك في سبيل حرية أمته وشعبه، أعطى للعالم أجمع وللقارة الإفريقية ولكل المستضعفين في الأرض مثالا في الجهاد وقدوة في التضحية، فكان، طيب الله ثراه، من المشمولين بقول الله عز وجل "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا". وأشار إلى أن الله تبارك وتعالى قيض للأمة المغربية، في تلك الفترة الحرجة من تاريخها، ملكا تقيا مجاهدا مؤمنا مخلصا وقف مع شعبه وقفة رجل واحد في وجه دسائس المحتل، موقنين بأن الحق دائما يعلو ولا يعلى عليه، وبأنه ما ضاع حق من ورائه طالب، إذ أن الملك الراحل، رغم شدة الظلم وقسوة الاضطهاد، تحدى كيد الأعادي بصبره وثباته وصدقه وقوة إيمانه، فأبى الله تعالى إلا أن يحق الحق ويزهق الباطل ويجعل النصر حليف هذا القائد المجاهد. وأكد أن الملك الصالح جدد بمواقفه الوطنية ثبات جده النبي الأكرم على الحق، وجدد نضال أسلافه الذين ذادوا عن وحدة الوطن وحرروا الحدود والثغور، كما دشن النضال الحديث في ربوع القارة الإفريقية وهو ما تدل عليه شواهد التاريخ ووقائعه. ولما لبى الملك المحرر داعي ربه، يقول الخطيب، أخذ المشعل وارث سره جلالة المغفور له الحسن الثاني فأكمل التحرير ووحد الوطن ووضع أسس ولبنات الدولة العصرية، فشيد وبنى، وأبدع المسيرة الخضراء، وأعلى للوطن شأنه بين الأنام إلى أن التحق برحمة الله آمنا مطمئنا، فحمل الأمانة بعده صاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي بايعته الأمة بيعة الرضوان، فسار على سنن الأمجاد الأولين، يرسخ الأسس ويدعم البناء في كل مجال وينشئ المشاريع تلو المشاريع في المدن والحواضر، كما أعلنها حملة لا هوادة فيها على الفقر والإقصاء والتهميش، يتفقد أحوال الأمة في أقاصي البلاد وأدانيها ويصغي إلى همومها وكأن عرشه كرسي سيارته. وابتهل الخطيب إلى الله تعالى بأن يتغمد برحمته الواسعة فقيد العروبة والإسلام وبطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس وبأن يجعل الجنة مثواه، وبأن يأوي في كنف رحمته ومغفرته وإحسانه وارث سره في الكفاح والنضال، جلالة المغفور له الحسن الثاني. وقال الخطيب إن من قضاء الله تعالى الذي لا راد له ما وقع هذه الليلة بالدارالبيضاء من انهيار بعض المباني الذي تسبب في وفاة شخصين وجرح آخرين، سائلا الله الشهادة للموتى والعافية للجرحى "ومع هذا الدعاء نشارك مولانا أمير المؤمنين، حفظ الله، الأسى والألم الذي يشعر به ويعبر عنه كلما نزل مصاب بأحد رعاياه، وإنا لله وإنا إليه راجعون". وفي الختام تضرع إلى العلي القدير بأن ينصر أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصرا عزيزا، وبأن يلهمه التوفيق والسداد ويجعل في حركاته وسكناته كل خير وبركة للأمة المغربية، يقود سفينتها بأمن وأمان، وبأن يقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن ويشد عضد جلالته بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد وسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة.